البرازيل تفتح قلبها لاستضافة مليوني شاب في “الأيام العالمية للشباب”

البرازيل ثاني أكبر دولة مسيحية وأكبر أمّة كاثوليكية في العالم، وحاضنة  كنيسة “أم الله” في ساو باولو الأكبر في العالم (دشنت منذ فترة قصيرة وتبلغ مساحتها 30youth-day-1 ألف متر مربع وتتسع لمئة ألف شخص)، كاتدرائية دا سي دي ساو باولوCatedral da Sé de São Paulo)  ) أكبر كاتدرائية على طراز العمارة القوطية الحديثة في العالم (بدأ البناء فيها عام 1913 وانتهى بعد أربعة عقود)، كاتدرائية الضريح الوطني لسيدة أباريسيدا في مدينة أباريسيدا في ولاية ساو باولو، ثاني أكبر معلم ديني كاثوليكي في العالم بعد كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان… تستعد لاستقبال “الأيام العالمية للشباب” (JMJ) في ريو دي جانيرو  من 23 إلى 28 تموز 2013 التي يترأسها البابا فرنسيس  تحت عنوان “إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم”.

كانت استقبلت البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في أوائل أيار في زيارة  راعوية  دعا فيها المغتربين إلى الحفاظ على هويتهم اللبنانية قائلا لهم: “رمز لبنان الأرزة وكي تستمر الارزة بالحياة تحتاج الى ارتباط الاغصان بالجذوع فالى جانب الشرف الممنوح لكم بحمل الجنسية البرازيلية هناك الشرف أيضًا بحمل الجنسية اللبنانية”.saidat-loubnan-rio-di-janero2i

خميرة في العجين

في خطوة تشكل علامة رجاء كبيرة للكيسة، وتساعد الشباب على لقاء يسوع المسيح، الطريق، والحق والحياة،  يجري العمل، على قدم وساق، في الأبرشيات في أنحاء العالم تحضيراً لهذه الأيام العالمية التي يتوقع أن يشارك فيها مليونا شاب وشابة، ومسؤولون عن 75 مجلساً أسقفياً من القارات كافة، وستتم الاستعانة بـ 60 الف متطوع للاهتمام بهم، وقد جُهزت  أرض واسعة مساحتها 300 هكتار لإحياء القداس الختامي  لأيام الشبيبة العالمية الذي سيحتفل به قداسة البابا فرنسيس الأول.

“الأيام العالمية للشباب” جزء لا يتجزأ من اهتمام الكنيسة برعوية الشباب لتعزيز البشارة الجديدة، في إطار احتفال الكنيسة الجامعة بسنة الإيمان التي أعلنها البابا raiii.-3jpgبنديكتوس السادس عشر في الذكرى الخمسين لافتتاح المجمع الفاتيكاني الثاني، وتشكل فرصة لتجديد إيمان الشباب ليصبحوا مثل الخميرة في العجين، وروادًا في مجتمع اليوم، وشهادة على فرح الإيمان.  وكان رئيس أساقفة ريو  تسلم رسالة من والدي الطوباوية كيارا لوتشي بادانوا، وهي من بين شفعاء الأيام العالمية للشباب 2013.

يتضمن البرنامج المحطات التالية: الخميس 25 تموز السادسة مساء، حفل استقبال الشبيبة للأب الأقدس في الوجه البحري لكوباكوبانا، تهانئ وخطاب البابا. الجمعة 26 تموز السادسة مساء، درب الصليب في الوجه البحري لكوباكوبانا، خطاب الأب الأقدس. السبت 27 تموز السابعة والنصف مساء، أمسية صلاة مع الأب الأقدس في كامبوس فيديي، غواراتيبا. الأحد 28 تموز العاشرة صباحا، القداس الثامن والعشرون لـ “الأيام العالمية للشباب” في كامبوس فيديي.

المسيح الفادي

ريو دي جانيرو ثاني أكبر مدن البرازيل بعد ساو باولو، وثالث أكبر حواضر أميركا الجنوبية بعد ساو باولو وبيونس آيرس،  يعود تاريخها إلى  سنة 1565 وتعتبر من أجمل مدن العالم. تبلغ مساحتها نحو ألف و260 كيلومترًا مربعًا، عدد سكانها 14 مليون  نسمة.  تقع في ولاية ريو دي جانيرو وهي عاصمة الولاية، وكانت عاصمة البرازيل قبل بناء برازيليا العاصمة الحالية.

من أهم معالم المدينة تمثال المسيح الفادي، Cristo Redentor)) الضخم، رمز البرازيل والمسيحية في العالم. يبلغ ارتفاعه 32 متراً ويزن ألف  طن. صممه الفنان البرازيلي هيتور دي سيلفا كوستا، وقد جعل يدي التمثال مفتوحتين لإظهار أن المسيح يحبّ الجميع، نفذه النحات الفرنسي باول لاندويسكي  واستغرق العمل فيه خمس سنوات  وأنجزه في 12 تشرين الأول 1931. رُكز على جبل كوركوفادو الذي يرتفع 710 أمتار عن سطح البحر، ويشرف على الحديقة القومية لغابة تيجوكا الأكبر في العالم.  يعد التمثال واحدًا من عجائب الدنيا السبع الجديدة.

عام 1859، وصل القس بيدرو ماريا بوس إلى مدينة ريودي جانيرو قادماً من مدينة البندقية، فأذهله جمال جبل كوركوفادو واقترح يومها بناء معلم كنسي عليه تكريماً للأميرة إيزابيل، وهو ما روج فكرة صنع تمثال ضخم للمسيح في أسفله كنيسة صغيرة.Cristo_Redentor-4

سنة 2009  أدرجت منظمة الآثار الوطنية التمثال ضمن المواقع المحمية. رمم عام 1980، وشهد أعمال صيانة  في تسعينيات القرن الماضي وفي سنوات 2003  و2010 و 2012. تطلبت عمليات الصيانة مئة عامل و60  ألف قطعة حجرية اخذت من المنجم  نفسه الذي اخذت منه الأحجار لبناء التمثال الاصلي.

مدارس لبنانية وصحافة

في ريو دي جانيرو جالية لبنانية  تضم 600 ألف شخص، وهم يعملون  في تجارات صغيرة، وقلة تملك مصانع، بخلاف مدينة ساو باولو حيث اللبنانيون الأغنياء اكثر عددًا وانخراطا في النشاط الاجتماعي.

شهدت ريو دي جانيرو تحولا ديمغرافيًا، في الماضي كان اللبنانيون يتجمعون في حي “تيجوكا” ويتحدثون بالعربية أكثر من البرتغالية، ومع تنامي المدينة وتنامي الهجرة، توزع المهاجرون على أحياء  عدة ومناطق، وانتقل كثر إلى كوبا كابانا التي تجمع أغنى الأغنياء وأفقر الفقراء، واقام كبار الأثرياء في مدينة إيباناما.

في المدينة كنائس ومسجد للمهاجرين اللبنانيين، وقد انشئت هذه الكنائس خلال ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين،  بالإضافة إلى جمعيتي “ريو دي جينيرو” الخيريتين الاسلاميتين، يعود تأسيس إحداهما إلى سنة 1950، وتضطلع منذ تأسيسها بدور ديني وثقافي نشيط، أما الثانية فيعود تأسيسها الى ثلاثينيات القرن العشرين، ولا تضطلع في الوقت الحاضر، بحسب القيمين عليها، بأي دور ثقافي أو ديني ولا تمارس فيها شعائر دينية، ويبقى دورها رمزياً.

اهتم اللبنانيون منذ بداية هجرتهم إلى البرازيل بالجانب التربوي، فأسسوا سنة 1935 مدرسة الارز اللبناني. كذلك أنشأ صحافيون لبنانيون يمثلون الصحف اللبنانية  التي صدرت في البرازيل منذ سنة 1902  “جمعية الصحافة اللبنانية” في ريو دي جانيرو..camille-chamoun-5.j-pg

الرسالة المارونية

يقول الأب إميل إدة (م ل) إن الفضل في تأسيس الرسالة اللبنانية المارونية في ريو دي جانيرو يعود إلى الكاردينال سيباستيان لامي، رئيس اساقفة المدينة، إذ سعى  لدى الكرسي الرسولي والبطريركية المارونية إلى تأسيس مركز رسولي لجمعية المرسلين اللبنانيين.

 في 19 حزيران 1931 وصل من بيونس  آيرس إلى الريو الأبوان المرسلان اللبنانيان الياس ماريا الغريب وجبرايل زيدان، واتخذا من كنيسة القديسة إفيجينيا في وسط المدينة، مركزاً لاقامة فروض دينية لأبناء الكنيسة المارونية، لأنهم كانوا يسكنون في غالبيتهم في ذلك الحي ويعملون فيه، وأسسا  “أخوية سيدة لبنان” ثم “أخوية قلب يسوع”. بعد ذلك تم شراء عقار في حي “تيجوكا” فيه بيت قديم من طابقين، إهتما بإصلاحه وتأهيله للاحتفالات الدينية والسكن وأسمياه “دار الرسالة”، وقد أسسا فيه مدرسة كانت ملتقى للجالية اللبنانية،  ثم توقفت سنة 1948 بعدما حلّت مكانها رعية سيدة لبنان المارونية التي ثبتّت في الثالث من أيار 1946، بمرسوم أصدره رئيس اساقفة المدينة – العاصمة، الكاردينال جيمي دي برّوس كامرا.

استقبلت الرعية سنة 1956 رئيس جمهورية لبنان آنذاك كميل شمعون، والبطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير سنة 1997.  تعتبر هذه الرعية الأقدم  مع رعية سيدة لبنان في ساوباولو التي تأسست  سنة 1890 ويخدمها رهبان مريميون.  في ما بعد تأسست رعايا في أنحاء البرازيل أبرزها:

– رعية مار شربل في مدينة كمبيناس: أسستها  الرهبانية اللبنانية المارونية عام 1954 على يد  الأب فرنسيس نصر.  وكان شيّد كنيستين، الأولى معبد صغير باسم سان مرتينو ثم كنيسة مار  شربل التي أصبحت رعية منذ  8 أيار2006.aparacida-6

– رعية سيدة لبنان في مدينة بورتو ألغري Porto-Alegre ، تأسست عام  1961 وهي ملك للأبرشية المارونية، يعود الفضل في تشييد الكنيسة الى المونسنيور انطوان جبير.

– رعية سيدة لبنان في مدينة بيلّو أوريزونتي Belo Horizonte وضعها اسقف المدينة بتصرف الكنيسة المارونية، وأجرت  الجالية اللبنانية إصلاحات عليها.   تسلم الرعية المونسنيور ميشال بيطار عام 1993.

-رعية سيدة لبنان في مدينة باورو التي تبعد زهاء 350 كيلومتراً عن عاصمة الولاية ساو باولو. تأسست سنة 1997، ويشرف على ادارتها وخدمتها مونسينيور برازيلي الذي يحتفل بالليتورجيا المارونية، لكن باللغة البرتغالية.

–  رعية مار مارون في غولانيا: تأسست عام 1994.

– رعية مار شربل في مدينة غواروليوس Guarulhos، أصبحت رعية مارونية منذ 28 آذار 2006. يشرف على إدارتها كاهن برازيلي. يحتفل بالذبيحة الالهية والزياحات على الطقس الماروني باللغة البرتغالية.

– كنيسة سيدة لبنان في مدينة سان جوزيه دي ريو بريتو são Jose do rio preto يتقاسمها الموارنة واللاتين. المسؤول عنها كاهن برازيلي.

أكبر جالية في العالم

تُعتبر الجالية اللبنانيّة في البرازيل ثاني أكبر جالية بعد الإيطاليّة، وأكبر جالية لبنانية في العالم إذ تضم تسعة ملايين لبناني، ثلثان منهم من الموارنة، وقد استحدث موقع على الإنترنت يربط بين أبناء الأبرشية.

 يذكر المؤرّخون أنّ الهجرة اللبنانيّة إلى البرازيل بدأت قبل  سنة 1870 وكان المهاجر الأوّل من عائلة يافث، بينما يكشف الكاتب روبيرتو خطلب في كتابه “ذاكرة لبنان في البرازيل”، وحسب دراسات أجراها ، وجود آثار للفينيقيين، والدليل على هذه الحقيقة التاريخيّة أنّه في عام 1839 عثر البرازيلي جانويرو دا كونيا، عضو لجنة معهد التاريخ والجغرافيا، على كتابات فينيقيّة في شواطئ ريو دي جانيرو.rio-de-janeiro 7

بدأت الهجرة اللبنانيّة الحديثة  العام 1878 بعد زيارة الإمبراطور دون بيدرو الثاني إلى فلسطين وسوريّة ولبنان، إذ طلب من السلطات العثمانيّة تسهيل هجرة الشباب إلى البرازيل التي تفتقر إلى اليد العاملة.

مع الوقت انخرط  المهاجر اللبناني في السياسة البرازيليّة وتبوّأ أعلى المراكز،  وقد صودف ذات مرة أنه كان في وزارة واحدة 14 وزيرًا من بينهم خمسة لبنانيين من بينهم ثلاثة موارنة. كذلك 15% من النواب من أصل لبناني، بالإضافة إلى  أربعة أساقفة وحوالي 150 كاهنًا وراهبًا من أصل ماروني، ورؤساء بلديات وأعضاء  مجالس بلدية من أصل لبناني.

من أبرز الشخصيات اللبنانية في البرازيل أيضًا: باولو معلوف (عمدة ساو باولو السابق )، جيلبيرتو كسّاب (عمدة ساو باولو الحالي)، ميشال تامر، نائب الرئيسة البرازيليّة، روبيرتو دواليبي، صاحب أكبر شبكة اعلانيّة وتسويقيّة في أميركا اللاتينيّة…

 كلام الصور

 1- ملصق “الأيام العالمية للشباب”.

2- سيدة لبنان في ريو دي جانيرو.

3- البطريرك الراعي في يارته لكنيسة سيدة لبنان في ريو دي جانيرو.

4- تمثال المسيح الفادي.

5- الرئيس شمعون لدى زيارته رعية سيدة لبنان في ريو دي جانيرو إلى جانب رئيس جمهورية البرازيل آنذاك.

6- كاتدرائية أباراسيدا.

7- المسيح حامي ريو دي جانيرو

 

 

اترك رد