برعاية بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأورثذوكس يوحنا العاشر يازجي وحضوره، ينعقد مؤتمر “الوحدة الأنطاكية: أبعادها ومستلزماتها (26-29 يونيو) في البلمند. قدم يازجي للمؤتمر بالكلمة التالية:
نظرًا لحاجة أبنائنا ليس فقط ليعبروا عن وحدتهم الإيمانيّة إنما ليعبّروا أيضًا عن اهتمامهم بأوضاع أوطانهم وعن استعدادهم للعب دور أساسيّ ومفصليّ في تحضير مستقبلها، أكانوا مقيمين في الوطن أو في بلاد الإنتشار. نطلق اليوم مؤتمرنا الكنسي العام ألا وهو المؤتمر الأنطاكيّ الذي سينعقد هنا في دير سيدة البلمند مابين 26-28 حزيران فبالنسبة لنا كنيستنا الموجودة في كل بلدان المنطقة العربيّة مسؤولة، مع سائر أبناء هذه الديار عن العيش الكريم لأبنائها وأيضًا عن حسن سير الحياة العامة.
يتطلّع هذا المؤتمر إلى دراسة بعض القضايا التي تتصدّر أهمّ المجالات التي من شأنها إبراز معالم الوحدة الأنطاكيّة. مع طاقات التواصل الحديثة، وسرعة الانتقال من مكان إلى آخر، وتطوّر الأوضاع الكنسيّة من جهة، والمعطيات الديموغرافيّة من جهة أخرى، يحتاج شعبنا إلى أن يشعر بمضامين هذه الوحدة في حياته، كنسيّة كانت أم عامّة، وأن يكون فاعلاً ومتفاعلاً معها. يبدو جليًّا لكلّ من يتابع الأوضاع الرعائيّة عند المؤمنين، أن الكنيسة، في كلّ مكوّناتها، مدعوّة أن تذهب بماهيّة الفكر المستقيم الرأي ومستلزماته إلى أبعد من الطروحات النظريّة التي نُجْمِع عليها، وأن تلج إلى ما هو عمليّ من خلال مشاريع مدعوّة أن تنفّذ في الأبرشيّات بروح الوحدة، وعلى صعيد البطريركيّة بروح التكامل.
من خلال محاور بحث واضحة الغايات، سيسعى المؤتمر أن يكون خطوة أولى في بلورة أفكار جامعة، تأخذ شكل سياسات، وورشات عمل ومشاريع، تُرْفع إلى المجمع المقدّس علّها تساعد في تكوين خريطة طريق، تبنى مدماكاً بعد مدماك، لما يمكن أن تكون عليه معالم وحدة أنطاكيّة جليّة تعاش على كلّ مستويات حياة الكنيسة الداخليّة وشهادتِها في العالم.
سيلتئم في هذا المؤتمر مجموعة واسعة من المؤمنين يأتون من كلّ الأبرشيات في الوطن وبلاد الانتشار. بالطبع كلّ أبرشية تنتدب ممثليها. وستكون محاور المؤتمر قائمة على المواضيع التالية:
1- تعزيز التكامل بين الرعايا في الأبرشيّات وكذلك بين الأبرشيات على مستوى الكرسي
إن الأنظمة الأنطاكيّة تعبّر عن لاهوت الكنيسة، وهي تهدف لعيش مبدأ الجماعيّة في الكنيسة. يهدف هذا المحور إلى البحث في سبل تطوير عمليّة التشاور على أصعدة الرعيّة، والأبرشيّة، والكرسيّ.
كما أن التغيير الحاصل في جغرافية الانتشار الأرثوذكسيّ يفرض علينا ضرورة تمتين علاقات أبرشيّات الانتشار بأبرشيّات المدى الأنطاكيّ التاريخيّ.
ستؤول أعمال هذا المحور إلى اقتراح آليات وأنشطة وسبل تواصل تعطي الوحدة الأنطاكيّة بُعْدًا مُعاشاً عبر اعتماد مناسبات يعبّر فيها المؤمنون عن وحدتهم ولحمتهم التي تنعكس على حياتهم في الكنيسة وفي العالم.
٢ – تنمية الأوقاف والتعاضد الماليّ
تزداد اليوم المستلزمات الرعائيّة، ما يجعل من تنمية المؤسّسات الكنسيّة، وتطوير خدماتنا التربويّة، وتفعيل عملنا الاجتماعي ضرورات ملحّة. ولا يقلّ عن هذه أهميّة تنظيم معيشة الخدّام وصيانة حضورنا المسيحي في الشرق، ودعم الأبحاث والخطوات التي تقويّ حضورنا المجتمعي احترامًا منّا لتاريخنا وتراثنا.
سيسعى هذا المحور إلى دراسة التصوّرات العمليّة التي تجعل التنظيم المالي داعمًا للعمل الرعائيّ، والتي تطرح بعض المشاريع التنمويّة، أو التي تسهّل عمليّة قيام مشاريع تنمويّة لخدمة المؤسّسات، وتطوير العمل الرعائيّ والاجتماعيّ، والتربويّ، والصحي في الأبرشيّات وعلى الصعيد البطريركيّ.
3- العمل الاجتماعيّ
يشكّل العمل الاجتماعيّ أحد أسس الشهادة المسيحيّة في المجتمع. لكن التطورات المجتمعيّة، إضافة إلى الانتقال السكّاني، والهجرة، وتراجع الأوضاع الاقتصاديّة، تحتّم اليوم اعتماد أسس عمل جديدة تتضافر فيها الجهود وتتكامل على كلّ الأصعدة: الطبيّة، والصحيّة، والاجتماعيّة، والإغاثة، والطوارئ.
سيقارب هذا المحور البُعْد الاجتماعيّ كمكوّن أساسيّ في حياة الرعايا، مع السعي لطرح مشاريع لها طابع محلّيّ أو تسمح بتقوية الفكر التعاضديّ على صعيد العلاقة بين الأبرشيّات ودور البطريركيّة في تنسيق هذا العمل. إن البُعْد التنظيميّ الذي يسمح للبطريركيّة وللأبرشيّات بالتفاعل السريع مع المستجدّات التي تطرأ على حياة الكنيسة وشعبها، لهو من الأمور الهامة جداً خاصةً في أيامنا.
ستتوّج أعمال المؤتمر بخدمة الذبيحة الإلهيّة يوم الأحد الواقع فيه 29 حزيران لرفع الشكر لله على عطاياه وعلى عمل روحه القدّوس فينا.
وإني أدعو كلّ المؤمنين للمشاركة بحضورهم معنا في هذا اليوم الذي هو أيضًا عيد القدّيسين بطرس وبولس مؤسّسيّ كرسينا الرسوليّ. سيكون هذا الاشتراك في الصلاة تعبيرًا عن عمق وحدتنا بالرب