إعداد: سعد علي (رويترز)
ينحاز كتاب “أنثى مع سبق الإصرار” (مركز المحروسة في القاهرة، 100 صفحة متوسطة القطع)، إلى المرأة العربية في لغة حادة تتجنب الميلودراما مسجلا تضحيات النساء في ثورات الربيع العربي، بصورة تدعو المرأة إلى الزهو بأنها أنثى وعليها أن تعيش بكرامة وتنتزع حريتها بحجة أن من ترضى بالقهر ستنجب أطفالا مقهورين.
والكاتبة المصرية فاطمة خير التي تؤمن بمقولة الفرنسية سيمون دي بوفوار “لا تولد المرأة امرأة وإنما تصير كذلك” لا تسلم بمقولات متوارثة ومنها “الجنة تحت أقدام الأمهات” بل تعتبرها “خدعة تعرضت لها المرأة” إذ تكرس مثل هذه العبارات التراثية دور المرأة كوعاء للإنجاب وتؤهلها نفسياً منذ الصغر لهذه الوظيفة البيولوجية.
وتقول المؤلفة إن “امرأة مقهورة لا تنجب سوى أطفال مقهورين رجالا كانوا أم نساء. فكيف لنا الحياة بكرامة ونحن شعب لم تربه سوى نساء مقهورات؟” تضيف أن القهر يحرم البنت من الشعور بالسعادة فتنشأ وهي تكاد تخجل من كونها أنثى.
وتضرب مثلاً بوضع كثيرات في صفحاتهن على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لشخصيات مجهولة يخترنها من الإنترنت، في حالة من الانطلاق وحب الحياة بشكل يوحي بأنه انعكاس لما تتمنى الفتاة أن تكونه.
وتتساءل فاطمة خير: “ما الذي يجعل فتيات في مقتبل أعمارهن يفعلن ذلك؟ لو أن إنسانا يستبدل وجهه فما الذي يتبقى له؟ ماذا يعني أن تستبدل امرأة بوجهها وجه أخرى. هي تقتل هويتها بيدها.. وجهها أكثر ما يحق لها أن تعتز به.”
ترى المؤلفة أن الحرية والسعادة اختيار أقرب إلى المجاهدة، والمرأة إذا ضحت بحقها في السعادة ولم تحاول أن تنال ما تستحقه منها فسوف “تورث الحنق والمرارة” لأبنائها.
تتابع أن أمنيات العاجزات اللاتي يعانين نوعا من الإحباط والكبت تولد العنف تجاه النساء أيضاً، مستشهدة بحوادث وقعت عام 2012 في مصر حيث قصت بعض النساء، ومنهن مدرسات في مدارس ابتدائية، شعر تلميذات لا تتجاوز أعمارهن بضع سنوات.
وتعلق قائلة “النساء المنتقبات اللاتي يقمن بقص شعر الفتيات هن في الحقيقة يحاربن أرواحهن. فنساء تخلين عن مواجهة العالم بوجوههن -فما بالك بشعورهن- هن نساء تخلين عن هويتهن بالأساس… ثم انتقلن إلى مرحلة ممارسة الكره للنساء الأخريات… يذكرنهن دوماً بأن كونك امرأة ليس عاراً وهو كره أصبح مخيفاً ومقلقاً”.
وتخصص المؤلفة فصلا للناشطة المصرية شاهندة مقلد التي قتل زوجها صلاح حسين على يد بعض رموز الإقطاع عام 1966 وعارضت “كفلاحة مصرية أصيلة” أنظمة الحكم المتوالية في عهود كل من أنور السادات وحسني مبارك ومحمد مرسي، حتى إنها تعرضت للأذى على يد متشدد إسلامي عند القصر الجمهوري في ما يعرف بأحداث قصر الاتحادية في ديسمبر 2012.
وتسجل أن شاهندة مقلد التي اعتقلت أكثر من مرة انتقدت عام 2008 نظام مبارك “بوضوح وعلنية واتهمته بغياب العدالة وأكدت ثقتها في انتفاضة قريبة للشعب المصري تتمثل بثورة شعبية” قبل ثلاث سنوات على الانتفاضة الشعبية التي أنهت حكم مبارك.
وتقول “فلا ألف رجل يساوي في الحق شاهندة” وتورد ما كتبه عنها الشاعر أحمد فؤاد نجم حين اعتقلت في عهد السادات لرفضها معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل..
“فيا شاهندة وخبرينا يا أم الصوت الحزين/ أم العيون جناين يرمح فيها الهجين./ إيش لون سجن القناطر إيش لون السجانين/ إيش لون الصحبة معاكي نوار البساتين”.
وتحيي المؤلفة “شجاعة كل نساء الربيع العربي”، لكنها ترى، في الوقت نفسه، أن النساء هن من “يدفع ثمن الثورات وآخر من يجني المكتسبات. بل إن أكثر التجارب أتت بنتائج مؤسفة بعد أن خسرت النساء حقوقا كانت أصلا لديهن”. وتشدد على أن “محاربة الظلم قدر النساء”.