كفرحاتا البلدة الشمالية تحتضن إحدى أقدم الكنائس في لبنان

تحقيق: رانيا الدويهي

كفرحاتا لفظة سريانية معناها “حقل الحبوب”، بلدة وادعة شمال لبنان متاخمة لمدينة زغرتا. تعلو عن سطح البحر 126 متراً، ما تبقى من بيوتها kfarhata 1القديمة يستدل منه أنها كانت قصوراً أيام زمان، واليوم أقبية معقودة بالحجر المسوى. تبعد عن العاصمة حوالى 85 كلم وعن مركز المحافظة حوالى 8 كلم.

من عائلاتها: الشمر، عون، ريمي، سعادة، القلع، نادر، دياب، اسحق، يعقوب، الخازن، الخوري، البايع، الشام، معوض. كما أن ثمة عائلات من الطائفة الإسلامية الكريمة، نتيجة عمليات تجنيس عدة جرت خلال السنين السابقة.
عدد سكانها حوالى 300 نسمة حسب لوائح الشطب الانتخابية. لها مجلس بلدي مؤلف من تسعة أعضاء ومختار واحد.

بسبب ملاصقتها لمدينة زغرتا تعتبر كفرحاتا امتداداً لسوق هذه المدينة التجارية، من زراعاتها: الزيتون والليمون حديثا، أما قديماً فكانت تعنى بزراعة التوت بالإضافة إلى الزيتون.

أبناؤها كغيرهم توجهوا نحو بلاد الاغتراب في أميركا الجنوبية وحديثا أوستراليا.

 آثارها الدينية

 تختصر هذه الآثار بكنيسة مار ماما العجائبية ، فهي تاريخ بحد ذاته، وإن مررت ببلدة كفرحاتا تستوقفك لتسألك: احذر كم عمري؟ فتغوص في حسابات التاريخ لتعود منها قالبا شفتيك راسماً بعينيك علامات استفهام وتعجب.

الكنيسة تعود إلى القديس ماما العجائبي، ولد في قيصرية الكابدوك ( تركيا) في أواسط القرن الثالث من أبوين مسيحيين فقيرين، عاش فقيراً، يتيماً يمجد الله دوماً ومتواضعاً يرعى الغنم في الحقول.kfarhata

في الخامسة عشرة من عمرة قبض عليه ليكفر بالمسيح، لكنه اعترف بإيمانه ونال إكليل الشهادة سنة 275 م.

يؤم هذه الكنيسة زوار من جهات مختلفة لا سيما العرسان ( يعتبر هذا القديس شفيعا للعرسان الجدد)، يقول البطريرك اسطفان الدويهي في كتابه “تاريخ الأزمنة”: “في عهد البطريرك يوحنا مخلوف الإهدني ( 1608 – 1633 ) جدد أهل كفرحاتا كنيسة مار ماما (1632)، في كتابه “المشايخ آل الشمر حكام الزاوية” يقول الراهب اللبناني اغناطيوس طنوس الخوري:”وكانت هذه الكنيسة مزدوجة في القديم، الواحدة للموارنة والأخرى للملكيين الارثوذكس، وكانتا متلاصقتين تحت سقف واحد، شيد كنيسة الملكيين الشيخ عبدالله الشمر مراعاة لعاطفة زوجته التي كانت من الطائفة الملكية، إلا أن هذه الكنيسة هدمت سنة 1881 لتبقى الكنيسة المارونية”.

وكان المونسينيور بولس عبده السمعاني، سكرتير البطريرك مار أنطوان عريضة، يوم كان مطرانا على أبرشية طرابلس المارونية (1908 – 1932) كتب: “كنيسة كفرحاتا بنيت من نحو 120 سنة وكرسها الخوري اسطفان الاسلوتي في عهد المطران موسى كساب، مطران طرابلس ( 1826 – 1873 )، وفي محفوظات مطرانية طرابلس المارونية كلام للمرحوم المطران والبطريرك انطوان عريضة يقول فيه:”بناء كنيسة القديس ماما يعود الى سنة 1792 تقريبا”، ومنذ ذلك الوقت لا تزال الكنيسة، كما اليوم، باستثناء بعض الزخرفات المضافة حديثا من الداخل، طولها 24 م وعرضها 13م وعلوها 8 أمتار.kfarhata 2

ومنذ العام 1910 ولغاية اليوم مرت الكنيسة بمراحل تجديد وترميم على يد وكلاء مروا عليها منهم الشيخ مخائيل الشمر والخوري يوحنا الشمر والشيخ جواد الشمر وشيبان الشمر، ليتم لاحقا العمل على ترميم جديد وتصميم ذي شقين ليصبح البناء الحديث آية من الجمال، اذ تعانق الماضي والحاضر ليؤلفا معاً ضرورة دينية وتراثية قيمة.

 شخصيات

 جميل الحاج: من مواليد كفرحاتا (1898 – 1954) هو من مشايخ آل الحاج الذين سكنوا كفرحاتا ومن ثم زغرتا قبل أن ينتقلوا الى بلدة ردة في قضاء زغرتا، مال الى نظم الشعر منذ صغره، فكان يلهب الحماسة على المنابر في المناسبات الوطنية والأدبية، عرف بشاعر الشمال، أسس جمعية الإصلاح في زغرتا عام 1929 .

أنطوان س. ريمي: ( 1937 – 2002 ) مخرج ومنتج لبناني له أفلام ومسلسلات وهو من المشاركين في تأسيس تلفزيون لبنان، تزوج من الممثلة هند أبي اللمع ، انتخب في مطلع الحرب نقيباً للفنانين السينمائيين.

الشيخ ناصيف الشمر مواليد 1945: تعلم في مدرسة مار يعقوب في كرم سدة ، ثم في معهد الآباء البيض في القبة  انتخب مختارا في كفرحاتا عام 1998 ، خلفا لوالدته المرحومة السيدة فريدة الشمر التي تعتبر أول مختارة مارست مهمتها في لبنان منذ 1965 ، هاجر الى البرازيل عام 1975 ملتحقاً بوالده الشيخ مجيد وأخيه البكر الشيخ يوسف، لكنه لم يطل اقامته فيها ، وبعودته الى مسقطه راح يراكم الكتب والجرائد مؤسسا واحدة من كبرى المكتبات الخاصة في قضاء زغرتا، وفتح صدر دارته للمجالس الأدبية والفكرية، ماداً يد المساعدة للباحثين والطلاب الجامعيين والإعلاميين بما يختزنه من مراجع ومؤلفات.nabih kfarhata

له كتاب “أقلام من عندنا” ( صادر عن البيت الثقافي في زغرتا) الذي ظهر في طبعتين، وهو عبارة عن عمل معجمي ضمنه نبذات عن كتاب “زغرتا – الزاوية منذ بداية القرن العشرين” في ما بعد.

إنها كفرحاتا، تلك القرية البسيطة والوادعة، جارة زغرتا والملاصقة لها والتي يخترقها أوتوستراد عام إهدن – زغرتا ، فلا طريق فرعية تصل من خلالها إليها، مما يجعلها مقصداً من قرى القضاء حكماً.

هي كفرحاتا المتميزة بطيبة أبنائها وتكاتفهم وتعلقهم بالعادات القديمة الاجتماعية والأخلاقية وغيرها، مقيمين ومغتربين وذلك على الرغم من تطور وسرعة عجلة الحياة هذه الأيام واختلافها بشكل كبير عن الأيام القديمة.

 كلام الصور

1- بلدة كفرحاتا

2- كنيسة ما ماما

3- صيف كفرحاتا

4- نبع كفرحاتا

اترك رد