“الغائب” عنوان المعرض الذي تنظمه غاليري أيام في بيروت للمصورة الفوتوغرافية لارا زنكول وهو المعرض الفردي الثاني لها (10 فبراير-30 مارس )، يتضمن صوراً مركبة بشكل تفصيلي تعرض وجهتي نظر لتجربة واحدة.
ليس الهدف منها التعقيب على المجرى السطحي للأشياء فقط، بل هو مخبأ وراءها أيضاً. تكشف كل صورة من الصور الاثني عشر المعروضة كل ما هو معروف، وتحاول من خلال التلميح رويداً رويداً أن تكشف عما هو حقيقي. وهذا يشبه بطريقة أو بأخرى ما قدمته في سلسلتها السابقة من منظور مشوّه للمعطى الطبيعي أو الزماني أو المكاني، فهي تحاول أن تتحدى دور التصوير بمعطياته الأساسية من خلال ابتكار وسيلة ذكية، وهي هنا تتمثل بخزان مياه يحتوي في مركزه العديد من التابوهات المأخوذة من الحياة، وتنقسم كل منها إلى قسمين: الأول سطح المياه وما يعلوه، والثاني العمق تحت مستوى المياه، أما الحقيقة التي تريد تقديمها فهي معروضة تحت سطح الماء.
جميع الصور المعروضة مبتكرة بألوان هادئة وطبيعتها ضوئية، كما لو أنها عولجت على شكل موشوري ومصبوغة بالوردي والليلكي والأزرق الفاتح ما يعطي انطباعاً بأنها تحوي بروزات فاقعة باللون الأحمر والأسود والكوبالت.
من الشعور باللانتماء نحو التطور الحياتي، تغلف صور زنكول ذلك الطيف من المشاعر الإنسانية، إذ تظهر شخصياتها مرتدية لباس راقصة باليه وفساتين فضفاضة، ونظراً إلى وجودها تحت سطح الماء، فإنها تعطي انطباعاً بالتموّج بشكل أكبر وخالية من المؤثرات البصرية. وتشير معالجة مادتها بهذه الطريقة إلى البارانويا والميل البشري إلى قناع الأكاذيب والخيانة والتلاعب ومحاكمة أولئك الذين يكافحون للعثور على أصواتهم.
وغالباً ما تميل صور زنكول نحو السريالية، ففي أحد أعمالها بعنوان “حديقة الحيوانات” يجلس ثنائي يستمتعان بشرب الشاي. لكن وعند التمعن بالصورة، لا يمكن اعتبارهما ثنائياً عادياً بل يظهر رأسيهما على شكل حيوانات. وتعتبر هذه الصورة آسرة في إحساسها، إذ تطالب الجمهور بالابتعاد عن النزوات والتفكير ملياً بالحياة العائلية، وتعرض عالم الحيوانات باعتباره مناقضاً للعالم الإنساني.
الصور التي تعرضها زنكول عالية الحرفية وهي بالحجم الطبيعي لشخصياتها، لذلك صورها أساساً “أقرب إلى الحياة”، فهي لا توظف أياً من المقتنيات الرقمية المتاحة في أعمالها. وهي تدهش المتلقي بخيالها في ما تحققه من تطورات في تصميم مجموعاتها، وهي مستمرة حتماً في تنمية أعمالها الفنية الفنتازية والسريالية الإيحاء.
حول الفنانة
تمثل التركيبات الخيالية التي تقدمها الفنانة اللبنانية لارا زنكول عرضاً لحكايات معاصرة تستكشف السحر والغموض في العوالم النفسية البشرية. كما أن أعمالها تتميز بالمرح والتلاعب، وتدل أحيانا على محاولة ابتكار حيوات جديدة تدفع الحدود بعيداً عن الواقع وتهرب من رتابة الحياة اليومية. وتتصف الشخصيات التي تسكن أعمال زنكول يأنها مجهولة الهوية وخارجة عن الزمان، فهي رموز عالمية موجودة ضمن مشهد سريالي وفانتازي.
ولدت في بيروت عام 1987، تقيم في بيروت وتعمل فيها. شاركت في معارض جماعية في الشرق الأوسط وفرنسا. أحد أعضاء برنامج “شباب أيام”، حازت جائزة مسابقة “شباب أيام” للتصوير الفوتوغرافي في 2011 و2013، قدمت معرضها الفردي الأول في “أيام غاليري” بيروت.
كلام الصور
1- 2- 3- 4- من المعرض