رعى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي حفل تكريم العلامة الأب يواكيم مبارك في بلدة كفرصغاب في قضاء زغرتا، في حضور المطارنة الموارنة، رؤساء البلديات، السيدة ماريال معوض، اسرة الأب مبارك وحشد من أهالي بلدة كفرصغاب والبلدات المجاورة ومخاتير الذين استقبلوه عند المدخل من جهة قضاء بشري، فحرقوا البخور، وسار الجميع إلى كنيسة سيدة النجاة حيث الاحتفال.
بداية ترحيب من أليس جبير ونبذة عن الأب مبارك ثم كلمة البلدية ألقاها رئيس البلدية غسان سميا، أكد فيها “أن الأب مبارك كان منارة متنقلة بين الشرق والغرب”، وشكر للبطريرك الراعي حضوره الاحتفال وقدم لغبطته في نهاية الكلمة درع البلدية عربون شكر وتقدير.
علّامة ملهم ومحب
كلمة العائلة القتها كارول فضول التي شكرت البطريرك الراعي على مشاركته في الاحتفال وعلى تدشينه مدرسة باسم الأب مبارك في قنوبين، ثم تحدثت عن “الاب العلامة الملهم والمحب والمفكر الذي أعطى الكنيسة الكثير من فكره وعقله وقلبه”.
بعدها، كانت كلمة المطران منير خير الله، راعي أبرشية البترون المارونية، قال فيها إن الخوري يواكيم مبارك “الاصلاحي على خطى البطريرك الدويهي العظيم، عاش في باريس حياة نسكية أكثر من أربعين عاما، درس فيها اللاهوت والفلسفة والعلوم الإسلامية، ثم كرس حياته للوعظ والإرشاد والتدريس والبحث في المجالات الراعوية والكنيسة والفلسفية والسياسية والمارونية والمسكونية والإسلامية والحوار المسيحي الإسلامي. وكانت له مؤلفات عديدة لا تحصى، ومن أهمها وأشهرها الخماسية الإسلامية المسيحية (1972-1973) والخماسية الأنطاكية في بُعدها الماروني (1984). وكان من هذا المؤلََّف الأخير أن دفعه إلى العودة إلى لبنان ليطرح مشروع حياته في الكنيسة المارونية الكفيل بإحداث نهضة جديدة تعيدها إلى دور الريادة في حضورها الفاعل وشهادتها المشرقية الأنطاكية؛ تماماً كما كان فعل قبله البطريرك الدويهي بعد عودته من روما. فقال البعض إنه عاد إلى مارونيته بعد رحلة طويلة في الإسلام والمسكونية والسياسة.
كلاّ، إنه كان مارونياً في حياته كلها، من ألِفها إلى يائها. كان مارونياً في غوصه في العالم الإسلامي حتى أصبح مستشاراً ومعاوناً في معهد دار السلام -جامعة الأزهر- في القاهرة منذ العام 1954″.
وتابع: “كان مارونياً في حواره المسكوني والأنطاكي بالذات حتى أصبح مستشاراً دائماً في مجلس كنائس الشرق الأوسط منذ 1968. وكان من الذين أسهموا مع المطران يوسف الخوري في دخول الكنائس الكاثوليكية في المجلس المذكور كعضو دائم العام 1991. كان مارونياً في مواقفه السياسية الجريئة التي دافع فيها عن حقوق الشعب الفلسطيني وعن مدينة القدس وعن حق الأقليات بالحياة الكريمة.
وكان مارونياً في توقه إلى إصلاح ماروني مجمعي بالعودة إلى الينابيع الروحانية في قنوبين. قرر العودة إلى لبنان ليطرح مشروعه الإصلاحي على الرابطة الكهنوتية في تموز 1985 في خلال الرياضة السنوية التي عنونها: “الموارنة وعلامات الأزمنة. قراءة لفكر البطريرك اسطفان الدويهي”، وأطلق معها “المسيرة المجمعية المارونية” التي كان من أهدافها أن تقود إلى عقد مجمع لبناني جديد يكون في مثابة المجمع اللبناني الذي عقد في دير سيدة اللويزة العام 1736، وأطلق الكنيسة المارونية في عالم الحداثة وكان من نتيجة المسيرة الإصلاحية التي قادها البطريرك الدويهي طيلة أربعة وثلاثين عاما.
وكانت تكونت لديه قناعات ثلاث:
الأولى، أن لا إصلاح في الكنيسة إلا عن طريق العمل المجمعي.
الثانية، أن لا إصلاح مجمعياً في الكنيسة من دون نهضة روحية وعودة إلى الجذور الإيمانية والينابيع الروحانية في قنوبين وغيرها.
الثالثة، أن عمل الإصلاح في الكنيسة المارونية يتحقق عبر تبنّي السلطة الكنسية للمشاريع المنطلقة من القاعدة، العلمانية منها والإكليريكية، والسماح بتداولها مليّاً وإبداء الآراء وتقديم المقترحات”.
وبعدما غاص المطران خير الله في تعداد مآثر الخوري مبارك، خلص إلى القول إن ما قام به الخوري يواكيم مبارك من إنجازات في تصوّر الإصلاح الكنسي ورسم معالمه، يشبه إلى حدٍّ بعيد ما قام به البطريرك العظيم اسطفان الدويهي من إنجازات إصلاحية لإحداث نهضة في كنيسته المارونية، تحققت في المجمع اللبناني الذي لم يكن له الحظ في المشاركة فيه. فمجمع الكنيسة المارونية هو هدية لك حيث أنت وتعزية كبرى”.
كلمة البطريرك الراعي
الكلمة الأخيرة كانت للبطريرك الراعي الذي شكر الجميع على ما قالوه في الخوري مبارك، معرباً عن سعادته بالمشاركة في احتفال إزاحة الستارة عن تمثال له وافتتاح ساحة على اسمه في مسقط رأسه، مشيراً إلى “أن مبارك كان مدرسة للأجيال”، معتبراً “أن الخماسية المارونية التي ضمنها كل نتاجه الفكري تشكل ينبوعاً لا ينضب، وتعتبر إرثاً كنسياً تعتز به الكنيسة المارونية، والبطريركية تسهر على حفظه ونشره بخاصة في هذه المرحلة الصعبة التي يعيشها لبنان والمنطقة، وهي أيام عنف بحثاً عن الهوية التي أكد الخوري مبارك في كتاباته الإصلاحية، أن لبنان الابن البكر للمساكنة الآمنة بين المسلمين والمسيحيين، ولبنان عنده مشروع مشرف تأسس بقوة التاريخ المشترك، مع التشديد على الميثاق الوطني الذي رأى فيه الصيغة الأكثر وضوحاً لإرادة الحياة بين المسلم والمسيحي في لبنان، ويخلصنا من كل أشكال الأقليات وإقامة المواطنة الحقيقية، وهو علاقة مرفوعة ضد الأنظمة الأحادية في البلدان المجاورة”.
وختم غبطته: “نحن في ذكراه نوجه نداء إلى اللبنانيين لكي يعودوا إلى ميثاقهم الوطني للخروج من نزاعاتهم المهددة للكيان والميثاق من أجل الإسهام في انبثاق فجر للربيع العربي المنشود”.
بعد ذلك، رفع البطريرك الراعي والمطارنة والأهل الستارة عن تمثال للاب مبارك وضع في ساحة الكنيسة، ثم افتتح الجميع ساحة الخوري مبارك في وسط البلدة.
كلام الصور
1- البطريرك الراعي أمام تمثال الأب يواكيم مبارك
2- البطريرك الراعي يلقي كلمته
3- المطران خير الله يلقي كلمته
4- الحضور في كنيسة كفرصغاب
5- بلدة كفرصغاب ترحب بالبطريرك
6- 7- إزاحة الستارة عن تمثال الأب يواكيم مبارك