لمناسبة مرور سنة على غياب الأديب والمفكر والشاعر والرسام التشكيلي الدكتور سامي مكارم، ولمناسبة صدور كتب ثلاثة جديدة له: “زهرة الليلك” (شعر)، “نون وقلم” (وخواطر شعرية )، “رحلة بلا طريق” (سيرة حياة)، نظمت “لجنة تكريم الدكتور سامي مكارم” احتفالا في قصر الأونيسكو في بيروت، برعاية رئيس مجلس الوزراء المستقيل نجيب ميقاتي ممثلا بوزير التربية والتعليم العالي الدكتور حسان دياب، وحضور ممثل رئيس الحكومة المكلف تمام سلام محمد المشنوق، ممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، ممثل النائب وليد جنبلاط الدكتور ناصر زيدان، العلامة السيد علي فضل الله، ووجوه ثقافية واجتماعية ودينية وجامعية وعائلة المكرم.
بعد النشيد الوطني وعرض فيلم قصير عن حياة مكارم، تحدث رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى باسم لجنة التكريم، مشيرا الى ان “سنة على الغياب ولم يزل سامي مكارم حاضرا في البال”، وقال: “نكرمه لأنه كرم التوحيد والعرفان، تأثر وأثر، تعمق وغاص في بحارهما فاستخرج الدر، ولم يبخل به على أخوانه وأصدقائه وأبناء مجتمعه وفكره. نكرمه لأنه كرم نفسه وكرم مجتمعه بحضوره وعطائه ومسلكه الإنساني القويم، منذ أن تخصص في الفلسفة والفكر الديني، وسافر في رحاب الفلاسفة والعلماء والحكماء وكبار العرفانيين والعارفين، فكان واحدا من أولئك الأعلام المبدعين، وحالة مميزة في قومه الموحدين الدروز، وعلى منابر الكلمات والمحاضرات وبين أقرانه في الجامعات، وفي سعيه إلى تعزيز ثقافة السلام والاحترام، بما تعكسه روحه من سلام وسكون وطمأنينة ومحبة.”
بعلبكي
وتحدث الدكتور رمزي بعلبكي من الجامعة الأميركية في بيروت، فقال: “لقد كان الرجل متعدد المواهب، بل يندر أن يجتمع في رجل واحد ما جمعه الحبيب سامي في هيئة رجل واحد”، مشيرا الى “ابحاثه من الدراسات الإسلامية والفلسفية، إلى التصوف الإسلامي، إلى تاريخ الموحدين الدروز وعقيدتهم، إلى الدراسات الإسماعيلية، إلى تاريخ لبنان الحديث.”
فضل الله
ورأى السيد فضل الله، “ان الدكتور سامي مكارم رفع الستار عن حقائق الإيمان بثوابت العقيدة الإسلامية الدرزية وربطها في العديد من أبحاثه ودراساته بالرحمة والرحمانية والمحبة عند الموحدين وأثرها العميق في بنيان الوحدة الوطنية التي نذر عمره الشريف لأجلها ولا سيما في الموقف من الأديان والمذاهب عموما والمسيحية العربية خصوصا”.
وقال: “اتسعت آفاق الدكتور مكارم لقضايا الحوار بين الأديان والثقافات ملتزما بمنهاجه الأكاديمي وأخلاقه العلمية ليلفت أنظار العلماء إلى أن قضية إثبات الخصوصيات الدينية لا تبرر إطلاقا ظاهرة الانزلاق إلى التعصب والقطيعة فكان رحمه الله أكثر ما يكون وقوفا عند القيم المشتركة ليبني عليها بنيانه المرتفع عن غرائز المغالبة، فيما يختلف عليه المتكلمون باسم الدين من تأويلات أو تفاسير تجنح أحيانا إلى إغلاق الينابيع الروحية الأولى لأعظم ما في تراثنا الديني من توحيد وقيم.”
مسوح
تناول الأب الدكتور جورج مسوح اللحظة الصوفية عند سامي مكارم، مشيرا الى قبوله بالتنوع والاختلاف.
الغصيني
تكلم الدكتور رؤوف الغصيني باسم مؤسسة التراث الدرزي الى ان سامي مكارم “كرس حياته للبحث في التراث، وها هو اليوم يمسي جزءا من هذا التراث بل منارته. وها هي أعماله ومؤلفاته وسيرة حياته تزيد التراث غنى وإشراقا”.
دياب
القى الوزير دياب كلمة الرئيس ميقاتي، فقال: “شرفني دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي تمثيله في هذا الحفل المهيب الذي نستحضر فيه ذكرى عالم نابغة مارس علمه خالصا لوجه الله ووضعه في إهاب الحق فأضحى منارة مشعة في وطن الأبداع. وها أنا بينكم اليوم تتنازعني رؤى وصور لهذا الأخ الزميل الراحل الذي كان واحدا من الكبار بين أساتذة الجامعة الأميركية في بيروت”.
وقال: “ما كنا نراه يوما في حرم الجامعة إلا متجها نحو مكتبتها أو عائدا منها حيث يقضي الساعات الطوال يعب ما يشاء من منابع العلم والثقافة، وما كنا نلمحه إلا متأبطا خيرا وخيره دائما الكتاب. لقد تميز حقا بروح جامعية عالية وانكباب متواصل على العمل والبحث العلمي الرصين ممتشقا سلاحين، سلاح العلم وسلاح الأيمان يرفدهما إخلاص وتضحية ومكارم الأخلاق نراها تتجسد في اسم عائلته الكريمة، ولا غرو فهو ابن الشيخ نسيب، ذلك الفنان الخطاط الكبير الذي عايشه وتأثر به فكان أن نشأ الصغير على ما كان والده: إن العروق عليها ينبت الشجر”.
أضاف: “أيها الأعزاء، لقد رحل الدكتور سامي مكارم عن هذه الفانية وهو في عز عطائه، فكرا وأدبا وفنا وشعرا، وإذا كان لغيري أن يتحدث عن الراحل العزيز صوفيا مريدا وسالكا منجذبا ومفكرا توحيديا بجذوره الأصيلة وواحدا من كبار رموز الثقافة في الطائفة الدرزية الكريمة، فلا بد لي من التركيز على جانب آخر من الإشراق الذي تشبعت منه روحه، ألا وهو الفن الإنطباعي الذي جسده في الحرف العربي بعد أن وجد فيه مجالا واسعا للفن التشكيلي لما ينطوي عليه من الجمالية والإبداع، فإذا بالريشة في يده تتحرك بين أنامله كصنوها الإزميل، يتلاعب بها فيكاد الحرف أن ينطلق على الطرس، يرسمه، فتسري فيه رعشة الحياة مستمدة نسغها من فكر نير وبصر حديد. وإذا بنا أمام نماذج جديدة من الخط العربي تنم عن عبقرية فنان عاشق للكلمة معنى ومبنى يرى من خلالها وجه الحق ومجسدا فيها قيم الحق والخير والجمال. وهكذا كنا نسعى إلى المعارض العديدة التي أقامها هنا وهناك لنستمتع بكل جديد من روائع نتاجه البديع”.
وأشار دياب إلى “لوحة لمكارم تظهر قوة إيمانه خط فيها عبارة “والله يعصمك من الناس” وهي من آيات القرأن الكريم، وهل من عاصم غير الله؟ وثمة لوحة أخرى له تكاد أن تكون منمنمة أحتفظ بها وهي أثيرة لدي على صعيد النسب، لكونها تحمل عبارة “يا مولانا” وهو نداء الدرويش المولوي لمؤسس الطريقة الصوفي الأكبر مولانا جلال الدين الرومي”.
وختم: “وفيما نحن نستحضر ذكرى الدكتور سامي مكارم رحمه الله، يطيب لي أن أردد بفخر واعتزاز أننا نحن زملاؤه في الجامعة الأميركية في بيروت قد عايشناه على مدى سنوات طوال فوجدنا فيه إنسانا مشرق الابتسامة، حلو المعشر، صافي الطوية عالي الهمة، لا تكاد تسمع منه إلا ما هو لين الوقع على السمع مما يرسخ في النفس قيم المحبة والإخاء. لنسمعه يقول في إحدى قصائده: يغني ولا طير يعادله غنا ويبكي على بعد ويبكي على قرب، يروح إلى غصن فيقتله الهوى ويغدو إلى غصن…فيقضي من الحب”، مشيرا ان الحب هنا لدى الصوفي هو رمز للعشق الألهي، ألا طيب الله ثراه. باسم دولة الرئيس نجيب ميقاتي وباسمي أعرب للعائلة الكريمة عن خالص المحبة والتقدير”.
وكان سبق الحفل افتتاح معرض لكتب المكرم ولوحاته الفنية بالخط العربي، ووزعت لجنة التكريم على الحضور كتابا قيماً بعنوان: “سامي نسيب مكارم … بأقلام عارفيه”.
كلام الصور
د. سامي مكارم
2- 3 – من لوحاته
4- من مؤلفاته