هنري زغيب..الأحدوثة الديناميّة

بقلم: د. ناتالي خوري غريب

هنري زغيب، هذا الأحدوثة الديناميّة والأشغولة  الثقافيّة، على ديمومة  تنقيب ونحتٍ وتنقير، والإزميل امتشاق ذاتٍ، لنحّاتٍ، يستقطر الجمالات من كوى متّقِدِ photo(1)فكرٍ، لتسطع بؤرًا نورانيّة في مثلث “الحق والخير والجمال”، فيوقعكَ  في حيرة التسآل كيف يمكن لرجل واحد مهما بلغ حدّ إبداعه، أن يتشظّى إبداعًا: نثرًا وفكرا وشعرًا وتوثيقًا، وهو الحاضر الفاعل في كلّ نشاط ثقافيّ ونشر وندوات وكتابات وقراءات غربيّها وشرقيّها، لتعود فتجيب : من يملأ الوجودَ إبداعًا يملؤه الإبداع وجودًا،

ومن يملأ الحياةَ حبًّا، يملأه الحبُّ حياة. فكان وجهًا مضيئًا، ارتفع بلبنان، فارتفع لبنانُ به.

في الشعر

الشعر معه لقيّةُ ومضٍ ولقطةُ بَدعٍ على أريحيّة نظم وألمعيّةِ  نثرٍ،” يشهقُ معه العمر” حبًّا، متجاوزًا صيف الهنودِ من مرحليّته إلى ديمومته، في عشقٍ لا يعرف الهرَمَ، وذوقِ نضجٍ، خمره أسكر القممَ.

في النقد

أمّا النقد، فله منه فسحةٌ ولا أرحب ولا أثمر، واللغة  بين يديه ولا أطوع ولا أدقّ ولا أرقّ، سرّها مباغتة جمال تنقل الخبرَ إلى أثر، ليخرج الأثرُ صرّة عبر، علّ من يستمع يعتبر، عابرًا من بوابة الأرقِ إلى فضاءات من الألق، متقنًا فنّ الإجابة عن “الكيف”، ووتحديد “ال”ما”.

كتبه

“نقاطه منثورة على حروف  قضايا الناس اليوميّة وهمومهم، ترجَمَها بواقعيّةٌ نابعةٍ من وعيٍ بالمشاركة في تجديد الإنسان لنفسه، باعتبار أنّ هذا الوعي أرقى أشكال الحريّة.zgeib

وَجَوْدُ بَنَانِه وَضَّاء على حروفٍ من كتبٍ بها يخبّر الآفاقَ كلّ “من بلغ مبلغًا مذكورًا وأغنى فيه غنى محمودا”.

وختامًا، في عصر الحسور والتلهي بقشور الأمور، يظلّ هنري زغيب مؤمنًا بالتجديد على احترام جذور، ناثرًا قمحَ بيادره  لِتتجدّد بها الحياةُ في خالداتِ أعطياتٍ، حَضَنَت بدعَ عمالقة الأدب والفكر والفنّ، في كتبٍ هي “أولى من بنيان حجارةٍ وحيطان مَدَر”،  فلا يُطمس لها أثر، لتكون كتبُه بقيّةٌ أبقى ذكرًا وأرفع قدرًا من كل ما كتب له أن يزول، كما كُتِبَ سابقًا على قبّة غمدان وباب القيروان وكعبة نجران.

***

القيت في الندوة التي نظمها “اللقاء الثقافي – بكفيا” في صالة “سرايا الفن”، حول كتاب الشاعر هنري زغيب “نزار قباني… متناثرا كريش العصافير” الصادر عن منشورات درغام.

 

اترك رد

%d