“هالكتاب مجموعة نايات إجت تقعد بالورق لأنو ما إلا مطرح بالقصب”، بهذه العبارة قدم الشاعر قزحيا ساسين ناياته التي جمعها في ديوان “نايات برا القصب”( دار سائر المشرق)، وكان نشرها على مدى 12 سنة في مجلة المسيرة و”منقاية من تلِّه مشقوعة ناي فوق ناي، الناي لْ ما نقيتو هوٍّه المربوط بـٍ مناسبه إزا طلع برّاتا بيموت، وبحّتو بـ يوم الّلي انكتب بتوقّع الخيّال عن ضهر الفرس، بسّ بعد مدري كم يوم، أو مدري كمّ سنة، ما بتعود تلاقي حدا تشْحد دقيقة سمع من دينتو. والناي لْ نقيتو رجعت حِروَقتو من جديد، وغربلتو كلمه وكلمه. اشتريت أربع خمس صناديق وقت، وصَرَفْتن عا تنقيح نايات كَتبْتا من زمان بـ وقت قصير، وقلتلا بعد إلك معي وقت، مش رح حطّ بدمّتي، ورح يجي يوم وإعطيكي ياه. وهيك عملت، كمّلت لَ ناياتي وقتا، عمَّرتلا بيت، وكتبتلا إسما عا بابو: “نايات برَّا القصب”. أهلا وسهلا فيكن بـ هالبيت”.
لمناسبة صدور ديوان الشاعر قزحيا ساسين الجديد نظمت الحركة الثقافية- أنطلياس لقاء، شارك فيه الوزير السابق إدمون رزق، السيّد هاني فحص، وتخلل اللقاء قراءات من الديوان ألقاها الشاعر زياد عقيقي والإعلامية ديامان رحمة جعجع، وقدمت اللقاء الإعلامية جويل فضول جاء فيها: “مسا الخير، مسا الناي لْ ما لقيت مطرح بالقصب تا تقعد فيه، وين ما يكون قزحيا ساسين ناصب خيمة كلمتو بدّي إجي. بدّي إجي كلّني سوا. ةنايات برّا القصب؟! كيف فيك يا قزحيا حطَّيت إصبعك بين الناي والقصب وزِحْتُن عن بعضُن؟!
يا أهل الكلمه وحلاها،
أنا مش رح إحكي عن الكتاب، ورح إسمع متلكن الكبار لْ بدُّن يحكو، بَسّ بحبّ قلكن إنّو صديقي قزحيا ساسين ساحر بيطيِّر حمام الدَّهشه من مناديل اللغَّه، وإنّو طويل مرّْتين: مرَّه لأنّو أمّو توحَّمِت عا مشقة الشلاّل، ومرَّه لأنّو عِرِف يطْلَع مارد من المحبره”
إدمون رزق: بَـرّا القَصَب… جُــوّا القلب!
عندما قرأتُ له، اوّلَ مرّةٍ، وكُلَّ مرّة، في “المسيرة”، لَفَتَني بعَفْويّةِ أدائهِ، على طبيعةِ أهلِ الجبلِ، وأصالةِ أبناءِ الشمال، فنّاناً يقلِّبُ الكلمةَ أوجهاً، يراقِصُها، يجلوها عروساً ويمتشقُها سيفاً !
كتابُه “نايات برّا القصب”، هو من “جُوّا القلب”، هذا الخافِقُ أعظمُ آياتِ الخَلقِِ، وأعذبُ آلاتِ العَزفِ، كأنما ليقولَ: أنا أُحِبُّ اذاً انا حَيّ !
الحبُّ عبادةٌ ! الصلاةُ ليست مجرَّدَ كلماتٍ نُرَدِّدُها وفروضٍ نودّيها صاغرين، طقوسٍ وشعائرَ نمارسُها قسراً، تحت طائلةِ انتقامٍ أبديّ؛ ولا هي أيامٌ معيّنة ومواعيدُ موقوتة فقط، بل إِنَّها كلُّ لحظةِ وجود. النظرةُ الخاشعةُ والطَرْفُ الخَفيضُ، حسنُ التصرّفِ وصدقُ المعاملة، التفكيرُ والتأمُّل، فحصُ الضمير ومحاسبةُ الذات، منظومةُ القِيَمِ: الوفاءُ والبِرُّ، النجدةُ والآنَفَة، الائتمارُ بالمعروفِ دأباً والانتهاءُ عن المُنْكَرِ نهجاً، لا خوفاً من عقاب، ولا التماساً لنفعٍ وطمعاً بثواب… الصلاةُ ليسَتْ توظيفاً للمقايضةِ، نتلوها من أجلِ مقابل، بل هي الحياةُ اليوميّةُ، في النومِ واليقظةِ، كلِّ حالاتِ الجَسَدِ وأَطوارِ النفسِ… ذُروةُ الصلاةِ الحبُّ، وخيرُ العملِ المحبّة، وبهما السعادة!
بعضُ الكتابةِ والقراءةِ، صلاةٌ. الابداعُ شِركةٌ معَ اللّهِ وتوحيدٌ به. الدينُ التزامٌ حُرٌّ يُبطلُه الإكراه. العبادةُ نقيضُ العبوديّة. قالَ السيّدُ: لستُم بعدُ عبيداً، بل أبناء”. اصطفى الانسانَ شريكاً في الخَلقِِ، وأقامَهُ على صِراطِ الأُلوهةِ، أداةً لاستمرارِ الكون!
في كتابِه الجديد، ببساطةٍ ومن دونِ تورياتٍ، شهرَ قزحيّا ساسين حُبَّهُ لامرأةٍ تختصرُ النساء: يُحبُّهُنَّ كُلَّهُنَّ فيها، ويحبُّها هي في كلِّهِنَّ. هكذا لاحَ له أن يحلَّ عقدةَ التوفيقِِ بين غريزةِ التنويعِ ومبدأ الارتباطِ الأحادي، بينَ الاقترانِ والمصاحبة، النِذرِ المؤبّدِ والعَقدِ الموقّت. المرأةُ في ثقافتِنا هي القرينةُ المختارَة، في مكانةِ التقديسِ، وذروةُ السعادةِ أنْ تكونَ هي نفسُها الصاحبةَ، تخطياً لصراعٍ أزليّ، بين الحرمةِ والإِباحة ذاك أنّ التكافؤ مستحيلٌ بغيرِ إرادةِ الاكتفاء!
الى الحُبِّ والحبيبة، يستوقفُنا في الكتابِ، يعجبُـنا ولا يفاجئنا، نبْضُ وطنيّ، ايمانٌ وعنفوان… شاعِريّةٌ، انتماءٌ الى الارضِ المباركةِ، فـقـزحيّا ساسين عازفُ نايٍ، روحانيٌّ أنيق، يُداعبُ الاوتارَ بأنامِلَ ملهَمةٍ، يبثُّ الصفحاتِ تنهّداتِه، فينبضُ الورقُ، يهيجُ أشواقاً…
وبعد،
إِنَّ الوَجدَنةَ حديثُ قلوب، بيانُ حالاتِ نفسٍ تُلامِسُ ظاهراتِ الوجود، بَدءاً من معايشةِ الواقعِ ومواجهةِ الآخرِ، مختلِفاً ومؤتَلِفاً، حتى اللُّقيا بالحبيبِ المختارِ وإضافةِ حَدَثٍ الى سِفْرِ التكوين.
سماؤنا في متناولِنا، تبدأُ في عمقِِ قلبٍ يَسَعُ العوالِمَ، وميضِ خاطرٍ يَرودُ المجرّاتِ بلمحِ بصرٍ، يرحلُ ويؤوبُ، وهو باقٍ على شُرفةٍ، يُراوِدُ بالعَيْنِ آفاقاً، أو في خَلوةٍ يهامِسُ بالخَيالِ أكواناً، فتعنو لفتوحاتِ العقلِ مِساحاتٌ ومسافاتٌ، صحارى وشطآنُ، قِمَمٌ وأَغوارٌ، وبالمحبةِ، عُظمى الايمانِ والرجاء، يُروّضُ المُحال، يَصنَعُ عالمَه وقدَرَهُ، بالقلمِ، باليدينِ، بالريشةِ والإزميلِ، بالوَقفةِ والموقِفِ، يُـبـدِّلُ الخنوعَ كرامةً والخضوعَ عنفواناً…
في احتفاءِ الحركةِ الثقافية بكتابِ الشاعر قزحيّا ساسين، تحيّةٌ ثلاثيّة: للمكرِّمة والمُكرَّم و”للنجوى المسيرةِ” التي، مدى ربعِ قرنٍ، حضنَتْ أقلاماً، قدّمَت أدباً نوعياً وصِحافةً راقية، حَمَلَتْ قضيةَ الوطنِ في ظروفٍ مستحيلةٍ، وتحمّلَتْ، مع الكثيرينَ، أوزارَ أمانتِها؛ فلها، لرئيسةِ تحريرِها الوفيّة، ونُخبةِ كتّابِها الميامين، سلامُ الشجاعةِ في رهانِ الثقافةِ، وتمنياتُ الألَقِِ لمواسمِ الشَهادة… ومزيدٍ من العطاء ايّها الحدشيتيّ البشرّاويّ اللبنانيُّ الصامدُ على جبهةِ الكلمة!
… ويا أصدقاءَنا: ما الأنا والأنتَ، ما الكلُّنا، في غَيبةِ لبنان؟ فإلامَ الذهولُ، حتامَ الصمتُ… متى الصحوةُ وأنْ تُسْمَعَ لشعبِنا القصيدةُ العصماءُ والصرخَةُ البِكْرُ ؟ متى العودةُ الى مُناخاتِ العزِّ في رحابِ الأرز؟
هاني فحص: قزحيا سياسين … شاعر وشاطر كمان
أنا ماخذ أو ماخذة عليّ الكتيبة بالفصيح ، يعني المسقي بمية النحو والصرف والمعاني والبيان والبديع وفقه اللغة ، من أنهار نابعة من أول الزمان ..ومارقة بالصحرا والبداوة اللي أصّلتها وما سكّرتها . وما منعت إنو يكون المحلي الضروري من فروعها أو روافدها الغنية . من هون ما كان في حدا ولا شي بيطلب مني أو يلزمني ، بإني إنسى المحلي ، يعني الوطني اللبناني ، أو الجهوي الجنوبي ، يعني البعلي ، اللي بيسقيه لما بيعطش إله الخصب (بعل) وبيطلع ، حلو حلو . وشوية حامض ، أو مز ، بس ريحتو أقوى ، والغِذا فيه أوفر وصحي أكتر . ومرت فترة ، كنا مدهوشين بالمسقي ، بندورة جايي من سهل صور مثلاً وبكيرة ، وكان البعلي أرخص ، لأنا الكنيسة القريبة ما بتشفي ، ومغنية الحي ما بتطرب .. هذا بالخضرة ، أما بالسياسة ، فالمصيبة أعظم .
وهلق لما ثبت إنوا أكثر المسقي مغشوش وبمرِّض ، بسبب نقص الضمير في الصناعة والزراعة والسياسة والدين كمان .. صار البعلي أغلى وأطيب لأنو ألذ وأقل ضرر وبالدين كمان صار البعلي أحلى وأغلى لأنو أغنى ، لأنو دين الله .. وصرنا نشتقلوا للبعلي ، وكإنو الواحد عم يشتاق لحالو ، لأمو ، لستو ، لحبيبتو الأولانية ، اللي ما كانت تلاقي ميّ لتغسل وجا إلا مرة الصبح ، وتضل نظيفة وريحتها طيبة .
يومها لبست منديل إمها وتغندرت وقالتلو : عجبتك ؟ انتبه انها صارت صبية بتناسبو وهوي معجب فيها ومش عارف .. كنا كل ما عجبنا شي نحبو .. هلق صار كل شي كأنو مسقي بمية الصرف الصحي ، من الحَب للحُب .. وما عاد فينا نفرق بسهولة بين طعم الجزر والبندورة أو البطيخ واللقطين ، أو المؤمن والملحد ، أو الصديق والعدو ، وصار النائب كإنو نائبة ، والوزير مثل الوزر أو الوزرة ، والشيخ متل الشوحة ، والكاهن مثل الهاون او الدائن ، وصار الوطن كإنو وثن ، بتفككوا العيلة أو القبيلة أو الحزب او الطائفة ساعة اللي بدا وبتاكلو .. وصارت الحبيبة كإنا من نسوان الجاهلية ، ما شايف فيها امرؤ القيس الا اللحم ، كإنها ناقة ، أو الطريدة اللي اصطادها .. اما الحُب ، الحُب ، الغاية المش وسيلة ، الحب ، المشاعر والحزن والفرح والشوق ، وشلال الضوء اللي بيوقع من فوق ، وما بخلي ولا نجمة الا تشهق ، مثل ما قال سعيد عقل .. كلو هيدا صار قليل ، ومستهجن .. شوفو .. شوفو الغنية كيف صايرة بهالإيام ، كإنو كاتبها دكنجي بيحط بالكيس كوسا وتين وبوظة وكبدة سودا مع بعض .. وبيستعمل لغة بتشبه مناداة الخضرجية وبياعين السمك المجلد بدرج خان البيض ؟
من هون قيمة قزحيا ساسين ، اللي عم بيقول إنو الحبيبة مش شي ، وحتى أشياءها معاني ، وإنو المحلي والبلدي اللبناني ، مش جهل بالفصحى ، هوي علم عميق باللغة باعتبارها انسان متعدد الأبعاد والألوان والوجوه أحياناً ، بس جوهرو ووجعو وحبو وذاتو واحد مثل ما ربو واحد ، سويئاً تعددت الأقانيم أو توحدت وكانت الطبيعة واحدة أو تنتين . لحد هون ، كأنو ماشي حالي .. وهاي أول مرة بكتب حكي بلدي ، مش متناقض مع الفصيح ، لأن التنين عندي ، مثل ما عند قزحيا ، جايين ورايحين على حساسية تعبيرية وجمالية وذهنية وثقافية وروحية ولبنانية وحدة .. والبشر مش بس عموميات قومية ودينية وجغرافية وغيرو .. هني كمان خصوصيات بتخترع طرق التعبير عن حالها .. وفي داخل البشر والحياة ، معاني ، وأشيا ، ما بتقدر الفصحى تـْوَصِّلها ، ولا تـُوصَلّها ، بتضل دعستها ناقصة ، وبيضل في فرق ، متل الفرق بين العفوي والمصطنع ، او الموضوعي والذاتي اللي بيضل فيه ضو ودفو على لسعة برد وضو نايص بس بيأنس ، واللي ما بيصدق يقرا مفارقات قزحيا بهالكتاب .. (موعود فوق عالفية وقت اللي بتوصل الشجرة، تحفي تا يرد الرخام لمعتو ، بلشت أقشع ريحة إيديكي ، الأرض بتعرق تحت التلج ، وج الورقة حرير وقفاها شوك ، جسما جنينة وجع ، طاحونة صلا )
وقعني قزحيا من كتر إبداعو بْلُغتو .. لاْ بلُغتي .
يا عمي أنا عشقت اللغة لحد ما صرت إتخيل إنها عشقتني وأوهمتني إنو ما في مسافة بين العارف والمعروف ، بين المخاطِب والمخاطب ، ولا بين العبد إذا كان حر والمعبود إذا كان الله .. هون بتفل مني الفصحى ، كإني برجع إتعلم اللغة من إمي اللي ما بتعرف تقرا الحروف فبتقرا اللي وراها .. وبتتركلي الحروف إلي .. وبطلع على منبر الجامع بالضيعة لأوعظ ، بمد إيدي على جيبة تنورة إمي ، وبستعير حب بلدي وقمح بلدي ، ودخان بلدي ، وحكي بلدي ، وبيصير البلدي كأنو بلدي .. بشلح لغة الحوزة وبلبس لغة والدتي وهي عم تحدي لولدي ، أو تعدد على فراق شقيقتها ..
” سقطت في الوحول كل الفصاحات ومات الخليل والفرّاء “
صار لي عمر ما خطبت على منبر الضيعة ، لإنو الدين والروح وعاشورا وعيد الفطر والأدب والصلا والذاكرة والحلم والعونة والعيش المشترك والجورعة ، والحب الحب والشعر .. كلن فلو ، فللوهن من جوامعنا ، وما بعرف شو حال الكنيسة ، خايف ، ديرو بالكن ، بلا دين سياسي ، أحسن ما تصير الكنيسة حجر بلا بشر .. وشوفو عترتنا .. من القصير الى مالي .. مع قزحيا ، لقيت فرصة إتذكر فيها حالي ، كإني كنت بالكتاب عم باكل تين يابس شريحة من سطح ستي دغري ، وبو مليح ببندورة وبصل وفرفحين ومية سماق أخضر .. شي بيشهي .. وسمعت حالي عم ترتق بقبقاب شامي قبل البعث ، وأنا رايح عالمدرسة وبرجف من البرد ، أنا وعم بقرا (درج عرج) ومفتون بفؤاد وسامي اللي بيسندلن المألف أفعال الفيقة من الصبح بنشاط ، كذب ، وغسل الوج بالصابون ، ما كان في عنا ، وأدب السلوك والشطارة في المدرسة والإصغاء .. مش صحيح ، كنا نخاف من المعلم ونسكت وهلق منجاري الجهال من الخوف ومنحكي حكيهن ومنسكت المعلم .
وبنرجع لقزحيا اللي بيعمي القلب متل ما كتر القمح بيعمي قلب الدجاج ، ولمن بدك تكتب عن كتابو ، بتحس إنك بحاجة لاستعادتو كلو .. كأنك بدك تكتبو من جديد وتقول هذا كتابي .. في زوان قليل عا بيدر قزحيا ، وفي قصب مش مبري .. بس الزوان قريب من طعم القمح ، وبكل قصبة مش مبرية في ناي ناطر وكأنو ضمير .
شطح فيّ الكتاب ، وشفت إنو كل صورة أو نتعة أو لمعة منو ، أو جمع معلم بين مفردة من هون ومفردة من هونيك ، على معنى منحوت نحت ، كل وحدة تحتاج الى سطور حتى تقول شو عملت فيك .. وسمّعتكن بعضها . وبحلف يمين بكل الأيمة والقديسين ، ما مرت عليّ صفحة من دون كم شهقة ، وقلت بنفسي ، ما بيصير يا قزحيا هالقد صراحة في الحب ، هيدي مش لغة آدمي في الحب ، اسمعوا شو بيقول :” ببالي مرا ، الحرية بتجيب عشر ولاد وهي واقفة عافرد إجر (كمان الحرية إنتا ! ما فينا نتحمل) وبقول : “وشيل الولاد اللي بيشبهوا وجعي” ، أي وجع ! بتحداك تقول .. هيدا مش وجع . هيدا ؟ .. أنا العمر نساني الفرح اللي بيشبه الوجع وما بقيلي إلا الوجع اللي بيشبه الفرح . ما بعرف شو كان يصير ؟ ما بعرف شو بدي قول ؟ . “وجع الحرف رائع أو تشكو للبساتين وردة حمراء”
وبيطلعلي حدا من جبتي بقللي ، فكنا يا عمي ، شو الشعر شريعة وليتورجيا .. الشعر طقس سحري بيلعب بالمنطق ، مش عاجبك ما تقرا ، وبعد شوي بلاقي اللي نقزني ممكن يكون أو صار جزء من مناجاتي لربي .. ويلي عليّ ! .. قزحيا بكفِّر ، وانا بيكفيني قلقي وأسئلتي ، وشك المشايخ والرهبان بديني لأنو شفاف مبين منو كل شي ، قلب ونوايا وذنوب وتوبة وشهوات مشروعة .
بيقول قزحيا :” بعتزر من شكي لأني صلبتو فيّ” المطران عم بيقدس بلا مبخرة ، جدودي فقرا ما كانوا رهبان ، بس الرهبان أخذوا الطاعة والعفة والفقر منن ، كل بيوتن كانت محابس حيطانا بترشح زيت ” ثم هذه الفتوى أو الوصية لِ حْدَعش “الغضب بوقتو صلا”.
وبقرِّب عالتجديف والهرطقة :” يا نتفة من الله” وبالآخر بتلاقي هرطقاتو دروب سرية بين الأرض والسما ، ين يسوع والقداس ، بين الله والانسان ، بين الزيتون والأرز ، بين الندى والميرون ، بين جبشيت وحدشيت .. بين الجلجلة وكربلا .. بين قانا وبانياس .. بين محمد الدرة وحمزة الخطيب والأم تريزا “شاف الله عم يزرعوا (الأرز)” .
” الله ما بيقلا عا شي ، لا ، بيفهموا عبعضن بالوما ” ، ” لا تزعل يا الله وقت لْ منكون عم نفتش عن غيرك منكون عمن فتش عنك فيك “. شو هالجدل الجميل ! شو ها الأنسنة للرب ! شو هالتأله ! من كتر الحب والقرب ، صار الانسان يمون على ربو ، كأنوا صار عالخشبة .. عصير قزحيا بيقول : الحب بكسر كل الخشب والحديد في اللغة وبرجعها أثيرية . بتاخدك عالرؤى والمزامير ونشيد الأناشيد ، وأمثال الإنجيل وسورة مريم وطوفان نوح والنور في القرآن .
بتمنى على قزحيا يقرا القرآن ونهج البلاغة وابن الرومي وابن عربي وحتى يشوف منين اجا جبران عوادي قاديشا .. ويشوف أعماق الغنوص المسيحي في التصوف الاسلامي .
أكتر شي إلو حضور بكتاب قزحيا هو المرأة ، حبيبة ، عشيقة فعلية أو مفترضة ، من الماضي أو الحاضر ، وزوجة معشوقة ، وأم وبنت وأخت .. وكل ورداتو مشبوكة بذيل فستانها .. وهي صابرة روح من الروح ومعنى في المعنى ، ومن دون ما يمحيلها جسدها ، أو صدرها اللي بشتي حليب بيروّب الدنيا والآخرة .. وبيمجد أنوثتها ، مصدر وهجها وقدرتها على أن تكون المثال الأمثل لتحول الروح الى جسد وتحول الجسد الى روح .. من هون بتطلع العذرا من كتاب قزحيا (مرا) بس أيا مرا! هللويا هالمرا ، اللي حملت بهاالملك ، وسلموا لي عالمجوس “أول ناس بلشوا يقروا” متل ما قال قزحيا .. قروا وجهو بوجه النجمة ، وقرينا النجوم في عينيه ، وبعدنا بنقرا ، وبنضل نقرا .. وبننطرو بخيمة ابراهيم الخليل التوحيدية الزرقا ، في مكة أو في دير قنوبين .
بختم بكم وردة محاوطة بالشوك من مسكبة قزحيا .
” نصك بالشراع ونصك الثاني بالموجة ” ، ” لحقتك يا حب .. بلاك الدني مليانة ناس . وما في حدا”، ” والمطرح اللي فيه القلب ، بيوجع أكثر من القلب ” آخ عاللبنان القاعد بهالجملة ، ناطر سلام حتى ينام .. وتنام ريما .. قبل ما تتصور :” قداحة عاصي الرحباني بإيد حدا يولع سيجارة وهوي عم يمضي شيك تا يشتري يخت “.
في فتحة امل مع قزحيا .. بس بدها صبر كتير تا توصل وتوصلنا .. يمكن في زمن أحفادنا .. المهم نقدم ما نرجع .. وما منقدم إلا سوا .. ” عم يخلق اليوم طفل حلو اسمو الشرق .. الله يعيشوا”
معا .. نختم بقرار قزحيا النهائي ” نحنا بدنا نعيش”.
قزحيا مش بس شاطر .. شاعر كمان
قزحيا مش بس شاعر .. شاطر كمان
ضيعني ما عرفت ، كتبت عامية بالفصحى أو فصحى بالعامية ؟ والشعر الحقيقي هوي اللي بيدهش .. انا مندهش .. ومع قزحيا زيادة على الدهشة حيّرني .. الله يحيرك يا قزحيا تا تكتب بعد .
سلاماً .. يا أهل لبنان .. يا سامعين الصوت . ديروا بالكن عاهاللبنان اللي جابني لهون .. عاانطلياس، بيت الثقافة اللبنانية .. وعاكتاب قزحيا اللي ما بيشبهني ابداً بشكلي .. وبشبهوا تماماً بمضمونو .. شفتو هيك بيعمل لبنان !! عاش لبنان؟
كلام الصور
1- الشاعر قزحيا ساسين
2- غلاف الديوان
Situs Daftar Judi Bola
قزحيا ساسين في “نايات برّا القصب” روحانيٌّ أنيق، يُداعبُ الأوتارَ بأنامِلَ ملهَمةٍ | THAQAFIAT