بمناسبة عيد القديسة مارينا ترأس البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قداسا احتفاليا في مزار القديسة مارينا المجاور لدير سيدة قنوبين الاثري وعاونه المطارنة مارون العمار ، بولس صياح وادغار ماضي ،المونسينيور جوزيف البواري ،كاهن رعية وادي قنوبين الخوري حبيب صعب وعدد من الاباء والكهنة ، بحضور فعاليات وشخصيات سياسية واجتماعيىة وحشد من ابناء الوادي مقيمين ومغتربين ومؤمنين من مختلف المناطق اللبنانية.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة بعنوان”العرس آت إخرجوا للقائه” قال فيها:
إخواني السادة المطارنة والآباء والراهبات، معالي الوزيرة الرئيس إخوتي أخواتي الأحباء، كلام الرب في إنجيل اليوم دعوة تطمئننا كثيراً لأنه يقول فيها “يأتي في كل يوم بحياتنا وينتظر منا ان نشهد له”، نشهد لحقيقته عندما يكون هناك حاجة لقولها ونشهد لمحبته عندما نكون بحاجة لها، نشهد لعاداته، نشهد لسلامه، ولرحمته بكل موقع من مواقع حياتنا اليومية، وهذا طمأنينة لنا لأن الرب معنا ويعطي لحياتنا اليومية معنى.
طبعاً هذا الإنجيل يحدثنا عن مجيئه اليومي بحياتنا ويحدثنا عن مجيئه الأخير في اليوم الأخير في حياتنا وعلينا أن نكون دائماً مستعدون أن نستقبله، ولدينا أكبر مثال هو القديسة مارينا التي نحتفل اليوم بعيدها وهي علمت لتكون حاضرة دائماً. وفي كل مرة كان المسيح يطرق باب قلبها وفي كل مرة في أحداث حياتها شعرت أنها بحاجة لأن تشهد لنا بحقيقته، شهدت للحقيقة بصمت وصبر وعلمتنا ان الحقيقة لا تموت ولكن لا نستطيع أن نحافظ عليها إلا بالصبر والإحتمال وطول البال. وهذه الأمور نختبرها في حياتنا اليومية فيسعدنا اليوم أن نكون سوياً هنا في هذا الوادي المقدس بهذا الـ cabella orprofat ، حيث البطاركة القديسين، مع ساداتنا المطارنة، مع الآباء، مع الراهبات، راهبات الأنطونيات حاميات هذا المكان وأريد أن أحيي كل الموجودين معنا والذين أتوا من بعيد ومن قريب من كندا وأستراليا وأميركا ومن فرنسا ومن حلب ومن مختلف المناطق في لبنان ولكن أريد أن أحيي معكم هنا شخصاً نحن نفتخر أنه إبن هذا الوادي وإبن الديمان وهو الوزيرة لينا متلج دياب وهي وزيرة في كندا ونحيي أيضاً إبنتها مارينا ونعايدها ونقول نحن نفاخر بانها من هذا الوادي وادي قنوبين والديمان وتمكنت من ان تصل في كندا الى هذا المقام المرفوع وتتولى ثلاث حقائب وزارية. هذا هو الوجه اللبناني في كل مكان من العالم ونتمنى لك كل التوفيق وكل النجاح في خدمتك وأنت عندما تعودين ستخبرين حقيقةً واقع لبنان وقيمته وواقع كل اللبنانيين.
القديسة مارينا تجمعنا اليوم مع المسيح من مختلف مناطق الأرض والقارات، هنا في هذا الكرسي المقدس كرسي قنوبين المكان الذي عاش فيه آباؤنا البطاركة أربعمئة سنة لكي يحافظوا على الوديعتين بهذا الوادي ويحافظوا على هذه الأرض وتجذروا بها ونحن مدعوون ان نحافظ على الأرض اللبنانية التي كتب عليها تاريخنا، وعليها كل هويتنا، ولكي يحافظوا على الوديعة الثانية الذي هو إيمانهم. بهذا الوادي لا نرى فقط إلا الأرض وجمال الخالق وعندما نرفع نظرنا نرى السماء، هذه كل قصتنا في لبنان هذه كل رسالتنا في لبنان، التجذر في الأرض اللبنانية وأنظارنا وعقولنا وقلوبنا الى فوق نستمد من السماء ومن العلى نستمد القيم الروحية والإنسانية والأخلاقية ونبني مدينة الأرض.
هذه هي قصة البطاركة وشعبنا الذي عاش في هذا الوادي المقدس أكانوا مؤمنين أم نساك تركوا لنا هذه المعالم المقدسة وكل هذا يذكرنا بالأيام الصعبة التي نعيشها والضياع الذي نعيشه فعلينا من خلال كل شيء أن نحافظ على التجذر بالأرض والنظر الى فوق وهكذا نستطيع المحافظة على الوطن اللبناني ووجودنا المسيحي في الشرق الأوسط في لبنان، في الأرض المقدسة، في العراق، في سوريا، في الأردن، في كل العالم العربي، ونعيش آلام المخاض؟ المسيحية عمرها 2000 سنة بنت خلالها الأرض، ثقافة وحضارة وهي اليوم تمر في ظروف صعبة جدا لكن زيارتنا الى هذا الوادي المقدس والاحتفال بقداسنا مع القديسة مارينا الى جانب زملائنا البطاركة وكل ذكريات التاريخ لتجديد يماننا بالله ولبنان، إيماننا بالله والكنيسة، إيماننا برسالتنا، إيماننا بأرضنا المقدسة، إيماننا بمعنى وجودنا، لان لدينا رسالة كبيرة ينتظر منا أن نحملها في هذا الشرق وهي إنجيل يسوع المسيح.
الشرق اليوم لغته لغة الحرب والقتل، والدمار، ونحن لغتنا لغة السلام لغة الحياة، هذا الشرق بحاجة اليوم لإنجيل يسوع المسيح، الذي نلتمس منه بشفاعة القديسة مارينا وتشفع آباءنا البطاركة نعمة الثبات والصمود والصبر على المحنة ونؤمن بأن الحقيقة لها الكلمة الأخيرة لا للكذب، والكلمة الأخيرة للعدالة وليست للظلم، الكلمة الأخيرة للمحبة وليس للبغض، الكلمة الأخيرة للسلام وليس للحرب، الكلمة الأخيرة للنعمة وليس للخطية. ايتها القديسة مارينا نحن نرفع أنظارنا إليك أنت معلمتنا الكبيرة بهذا الظرف الذي يعيشه لبنان يوجد الكثير من الكذب والأضاليل والكثير من الحقد وكثير من الظلم، علمينا أيتها القديسة مارينا مع كل بطاركتنا الذين عاشوا هنا وصمدوا لنتعلم الصمود وقول المسيح يقوينا “من يصبر الى المنتهى يخلص”.
إخوتي أخواتي إنجيل اليوم هو إنجيل كل واحد منا، فكل يوم يأتي المسيح ويقرع باب قلوبنا عندما نحب إنسانا وعلى أبواب عقولنا عند قول الحقيقة وعلى أبواب إراداتنا عند فعل الخير ويرافقنا عندما نستيقظ وحتى نومنا، لدينا كل هذه المراحل من حياتنا كي نكون يومياً شهود لمحبته وشهود لسلامه وشهود لغفرانه وشهود لعدالته هكذا يكون لحياتنا معنى وهكذا فقط نقدر أن نبني مجتمعات أكثر إنسانية وتليق لخالقها وفاديها يسوع المسيح .
للمرة الثانية بإسم إخواني المطارنة وجميع الآباء والراهبات والحضور الموجودين معنا نهنئكم جميعاً بعيد القديسة مارينا وكل الحاملين إسمها بشكل خاص ، وكلنا مدعوون نكون مارينا شهود للحقيقة بصبر وبصمت .