الأديب ميشال معيكي
انتهـت أعمـال المؤتمر، الذي نظمه المركز الدولي لعلوم الإنسان في جبيل، برعاية وزارة الثقافة ومؤسسة هانز زايدل تحت عنوان: ” دور وسائل الاعلام حيال الواقع الطائفي في لبنان”…
في محاور حلقات النقاش : خطورة أن يؤدي الاختلاف الديني إلى خلاف بين المواطنين.
علمتنا دروس التاريخ القديم والمعاصر أن الاختلاف الديني- وبغياب العقل – أدى إلى حروب ومجازر بين الشعوب في الدول المختلفة، وبين مكوّنات شعب الدولة الواحد ، قديماً وفي الأزمنة المختلفة.
حصل ذلك في الحروب الصليبية في الشرق وفي الحروب بين الكاثوليك والبروتستان في القارة الأوروبية، ووقعت مآسٍ خلال فترات سيطرة ” محاكم التفتيش ” في أوروبا القرنين الخامس عشر والسادس عشر.
منتصف القرن الماضي، انشقت وقامت باكستان من رحم الهند، على خلفية الاختلاف الهندوسي – الإسلامي …
ويحصل اليوم ما هو اكثر وحشية – وبسبب الاختلاف الديني- في ” نيجيريا بوكو حرام ” على يد الإسلاميين المتشددين، وقبل ذلك مع مجموعة أبي سياف في إندونيسيا …
وما هو أدهى في الحروب المستمرة اليوم بين مكونات الدولة الواحدة في العراق وسوريا ، واليمن، وما حصل في السودان!
حال الإعلام المرئي والمسموع في لبنان، انعكاس مباشر للواقع السياسي – الاجتماعي الذي نتخبط فيه، من عدم استقرار على كل المستويات، منذ ما قبل الحرب!
فالنظام السياسي الطائفي المتخلّف في لبنان، أفرز واقعاً _ بالممارسة _ يتناقض كلياً مع وجود ودور الدولة المدنية الراعية للمواطنين دون تمييز، أي دولة المواطن، التي حاول الرئيس فؤاد شهاب إقامتها ذات يوم …
هذا الواقع ، سمح للطوائف باقامة “غيتوات” إعلامية فضائية تجاوزت بطروحاتها السياسية – المذهبية – المتناحرة مع غيرها، قواعد الدولة الناظمة لحقوق المواطنة في الكيان اللبناني.
إعلامنا المرئي والمسموع في حال تفلّت شبه مطلق من أي رقابة أو رادع قانوني ومساءلة.
تحولت مقدمات نشرات الأخبار مثلا، إلى بيانات اتهامية – تجريمية لسلوكيات الاآخر !
الجميع يحرّض على الجميع عبر متاريس البرامج السياسية. والقيمون على مؤسسات الإعلام، يخدمون مصالح مالكيها من أحزاب وأصحاب رساميل أو جهات دينية . محلية او خارجية!!!
المشكلة أبعد من إعلام مسّيس مطيّف، مجلس وطني للإعلام مشلول وذي صلاحية استشارية، أو وزير إعلام ينفض يديه!!!
نظامنا السياسي لم يعد يفي بأغراض التطور، ما ينعكس سلباً على كل سلوكنا الوطني والمواطني …
في العام 1970 قال ذلك صراحة الرئيس فؤاد شهاب في بيان العزوف الشهير …
من أسباب ونتائج الحرب في لبنان، تصدير ناجح وخطير لنموذج كيان الدولة الطائفي!!!
ساحات الحرب اليوم، تتناحر من وراء متاريس المذاهب الدينية، بالمدفعية والسواطير!
بالمحصلة النهائية، لم تعد إسرائيل الكيان الديني الوحيد في منطقة الشرق الاوسط!
أفلتت الغرائز المذهبية.
إعصار التخلف يعصف بصحارى ومدن الأقاليم العربية!!
*****
(*) “على مسؤوليتي ” إذاعة صوت لبنان