دعا البطريرك يوحنا العاشر يازجي إخوته البطاركة الأنطاكيين مار بشارة بطرس الراعي ومار إغناطيوس أفرام الثاني كريم وغريغوريوس الثالث لحام ومار إغناطيوس يوسف الثالث يونان إلى حضور افتتاح أعمال جلسة المجمع الإنطاكي المقدس في البلمند اليوم الأول من تموز ٢٠١٤ وبحضور المطارنة من كافة الكنائس.
وكان اللقاء مناسبة للتأكيد على أهمية الشهادة الواحدة للمسيح القائم والمنتصر على الموت في المدى الأنطاكي وسائر المشرق حيث أرادهم الله أن يعيشوا مع إخوتهم أبناء هذه الديار؛ وتعبيراً صادقاً عن وحدة الحياة والمصير التي تجمعهم فيما هم يعملون في سبيل تقوية الوحدة الأنطاكية وتفعيلها.
لم تغب آلام أبناء المشرق الذين يعانون من ويلات الحرب والضائقة الاقتصادية عن هموم أصحاب الغبطة؛ فأكدوا على ضرورة التعاون والتعاضد من أجل تضميد وبلسمة جراح المعذبين والمقهورين ولاسيما الذين اضطرتهم الظروف إلى ترك بيوتهم وأرزاقهم؛ وفي هذا المجال؛ دعوا أبناءهم إلى فتح قلوبهم وبيوتهم والبذل بكرم في سبيل إعانة هؤلاء ومساعدتهم على اجتياز محنتهم تنفيذا لوصية المسيح ” كنت غريبا فآويتموني”. كذلك دعا أصحاب الغبطة أبناءهم إلى التشبث والتجذر بأرضهم وعدم التخلي عنها تحت وطأة الظروف الضاغطة لأن هذه الأرض قد جُبلت بتضحيات الأجيال التي سبقتهم ولأن الله اختارهم شهودا له فيها.
رفع أصحاب الغبطة الصوت عالياً، من أجل عودة جميع المخطوفين، مدنيين وكهنةً وراهباتٍ، إلى ديارهم وعلى رأسهم صاحبا السيادة المطرانان يوحنا (ابراهيم) وبولس (يازجي)، اللذان قد مضى على اختطافهما ١٤ شهراً، والعالم يتفرج بصمتٍ متخاذلٍ على أفظع انتهاك، لم يسبق له مثيل، لحقوق الإنسان والجماعات في هذا القرن.
والتفت أصحاب الغبطة إلى سوريا الجريحة في محنتها، وأكدوا على أهمية تضافر الجهود من أجل وقف لغة الحديد والنار في ربوعها، وشددوا على تحمل الجميع مسؤولياتهم لوقف منطق التكفير والترهيب وإراقة الدماء ولإحلال لغة العدالة والعيش الواحد والصادق والمصالحة بين جميع أبنائها ، الإخوةِ في المواطنة.
كذلك حضر العراق المعذب في صلوات أصحاب الغبطة فصلّوا بشكلٍ خاص من أجل أبناء الموصل وشمال العراق، ودعوا العالم إلى إنقاذه من التشرذم وتجنيب أبنائه ويلات الحرب المدمرة وطالبوا المجتمع الدولي الحفاظ على إنسانه وحضارته ومن بينها الحضارة المسيحية الراسخة في هذا البلد العريق. وشجعوا أبناءهم وإخوانهم من كافة أطياف العراق على المحافظة على وجودهم وأرضهم وممتلكاتهم، حفاظاً على خبرتهم الطويلة في عيشهم المشترك بسلامٍ وتعاونٍ، وفي بناء ثقافتهم الغنية المشتركة.
وحملوا في صلاتهم مصر العزيزة آملين أن تستعيد بناء وحدتها وحضارتها وثقافة الاعتدال.
وشكر أصحاب الغبطة الله على مناخ الحرية الذي ما زال يتمتع به لبنان بالرغم من قسوة الظروف، ودعوا جميع المسؤولين في البلد إلى المحافظة على قيم الديمقراطية والحرية وتداول السلطة التي يقوم عليها البلد من خلال التعالي عن المصالح الشخصية والآنية والمسارعة الى انتخاب رئيس للجمهورية يسهر على وحدة الوطن ويعيد للمؤسسات الدستورية انتظام عملها، ولا سيما مجلس النواب والحكومة، فتتمكن الدولة من مواجهة التحديات الاقتصادية والمعيشية والأمنية الخطيرة.
كذلك شدد أصحاب الغبطة على دعمهم المستمر للقضية الفلسطينية، جرح البشرية النازف، ودعوا العالم الى إيجاد حل عادل وشامل لهذه القضية المحقة التي تبقى قضية الشرق بامتياز مهما حاولت يد الشر تهميشها من خلال افتعال حروب وأزمات جانبية.
وعايد أصحاب الغبطة إخوتهم المسلمين بحلول شهر رمضان المبارك، ضارعين الى الله أن يكون هذا الشهر شهرا سلاميا، يتكثف فيه عملنا معا من أجل المصالحة بين الإخوة والسلام السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلدان التي نعيش فيها معا.
قرر أصحاب الغبطة تشكيل لجنة مشتركة لتفعيل التشاور والتعاون في ما بين الكنائس الأنطاكية والتخطيط لعمل مشترك يتم عرضه على الكنائس بغية تنفيذه في المدى الأنطاكي.
وختم أصحاب الغبطة لقاءهم بدعوة أبنائهم الى الإقامة في الرجاء الذي لا يخيب وإلى ترجمة قيم الإنجيل في المدى الأنطاكي من خلال التزام شؤون أوطانهم وإنسانها المعذب بروح الانفتاح والمحبة والسلام.