عقد “مركز التراث اللبناني” في الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) لقاء عن “البيت اللبناني – من فتحة الدرفة إلى فسحة الشرفة – لمحة معمارية تاريخية عن مراحل البيت اللبناني”، حضره ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان المدير العام لوزارة التربية فادي يرق، الوزير السابق ناظم الخوري، المستشار الرئاسي السفير بهجت لحود، رئيس الجامعة الدكتور جوزف جبرا، وحشد من المهتمين بالشأن المعماري.
زغيب
افتتح اللقاء مدير المركز الشاعر هنري زغيب منوها بـ”التنوع الذي ينتهجه مركز التراث اللبناني في الإحاطة بنواح متنوعة ومتعددة من التراث حتى يتم حفظه بالطرق الفضلى تدوينا وتسجيلا وحفظا كي يبقى إرثا نابضا من جيل إلى جيل”.
لحود
المداخلة الأولى، كانت للمهندس المعماري الدكتور أنطوان لحود، الاختصاصي في ترميم البيوت التراثية وفي الهوية المعمارية للبيت اللبناني والأستاذ في الجامعة اللبنانية الأميركية، وهو اتخذ بلدته عمشيت نموذجا للبيت اللبناني التراثي.
وأوضح لحود “أن البيت اللبناني، حتى القرن الخامس عشر، كان بدون شخصية، مبنيا بعناصر محيطه العمشيتي: سقفه من طين وتراب، وأخشابه من شجر التوت والزنزلخت المنـثـورة حوله. ومع دخول القز إلى البلاد نشأ “بـيـت الحرير” فأعطت دودة القـز نمطا هندسيا جديدا شهد مشاركة عائلية في المدخول، وبرز دور المرأة عمليا في مراحل إنتاج الحرير”.
وقال: “ومع تنامي القز والحرير، بدأت ظاهرة السفر إلى إيطاليا (توسكانا عموما) للتسويق والمتاجرة، ووصلت الإرساليات الأجنبية إلى لبنان فأخذ يظهر في البيت اللبناني رواق خارجي وطبقة ثانية ذات درج خارجي لبلوغها. ثم ظهر البهو الداخلي، والمندلون المزدوج رمز الرجل والمرأة معا، وعند أسفله حوض زهور كأنه دعوة إلى الطبيعة لتدخل البيت وتنشر فيه نسمات العطر عبر المندلون المزهر. وهكذا بدأت عناصر معمارية جديدة تدخل البيت اللبناني: القرميد من مرسيليا، والرخام من كارارا، وظهرت الرسوم والنقوش على الجدران فدخلت الألوان إلى البيت سكانا وملابس”.
اضاف: “ومن التطور أيضا: ظهرت أمام البيت ساحة مبلطة فاصلة بين العام والخاص، وبدل الحجارة كما في الساحل الإيطالي، كانت المساحة الفسيفسائية من حصى شاطئ البحر في عمشيت. وظهرت الشرفة تطلق البيت اجتماعيا فانفتحت بقناطرها الثلاث وخرج ساكنو البيت إلى ملاقاة جيرانهم في الحي، وكان ذلك حدثا جديدا لتحرر البيت والإنسان والتلاقي الاجتماعي بعدما كان أهل البيت محصورين داخله لا يخرجون منه إلا للمغادرة”.
وختم لحود مشيرا الى “أن في عمشيت اليوم 45 بيتا مسجلا على لائحة الجرد العام للأبنية التاريخية والأثرية في لبنان”.
بعد ذلك كان عرض لصور فوتوغرافية عن بيوت بيروت التراثية بأبوابها ونوافذها وأدراجها وأروقتها، وهي من مجموعة المهندس المعماري بهاء رفاعي، تلتها مجموعة لوحات زيتية من بيوت بيروت التراثية بريشة الفنان مصطفى فروخ.
فشفش
المداخلة الأخيرة، كانت للمهندس المعماري الدكتور أنطوان فشفش رئيس قسم الهندسة المعمارية في جامعة الروح القدس الكسليك، وهو اتخذ من بلدته دوما نموذجا للبيت اللبناني التراثي، وعرف ببلدة دوما التي هي على 1100 متر في حضن الجبل، وتكوين بيوتها القرميدية منبسطا في شكل عقرب. وتحدث عن نشوء سوق دوما التاريخي التراثي، وهو أكبر سوق في الجبل اللبناني، يمتد على 15000 متر مربع، وفيه 105 أبواب محال كانت بضاعتها مونة المنطقة بمعظم أنواع الحاجات المنزلية والمهنية.
وقال فشفش: “إن دوما هي البلدة اللبنانية الوحيدة التي كل بيوتها محافظ عليها رسميا وشعبيا وسكانيا وجماليا، وثمة مخطط توجيهي للمحافظة على البيوت التراثية في البلدة، ومخطط تفصيلي لسوقها العتيق”، لافتا الى انه “خلال عصر الانحطاط ضاق العيش بأهلها فأقفل السوق أبوابه ونزح السكان إلى المدينة ففرغت البيوت وأمست مهجورة لا يطل عليها أهلها إلا صيفا أو لماما في مناسبات خاصة أو عامة”.
وقدم شرحا عن بيوت دوما، مشيرا إلى أنها ثلاث فئات:
1) بيت الفلاح اللبناني التقليدي، سقفه من طين وتراب، وأخشابه من أشجار المحيط.
2) البيت ذو الإيوان: وهو فسحة داخلية لاستقبال الضيوف وتمضية الجلسات العائلية.
3) البيت ذو البهو الوسطي: وهو المعروف عادة بقناطره الثلاث.
وأوضح أن في دوما نسيجا مدنيا واجتماعيا خاصا يتلاءم توازيا وهندسة بيوتها معماريا وتراثيا وجماليا، ويحافظ على تاريخها الوطني والثقافي، هي التي كانت رائدة سباقة في أكثر من مجال وقطاع.
وأشار الى أن دوما خضعت لتأثير تحولات اجتماعية وعمرانية وزراعية وصناعية، وظلت محافظة أمينة على طابعها العمراني والمعماري. وهذه فرادتها بين البلدات اللبنانية ذات الطابع التاريخي والتراثي.
وفي ختام اللقاء أعلن زغيب عن الموعد الأخير لمحاضرات هذا الموسم يوم الاثنين في 2 حزيران المقبل بندوة حول 50 مقالاً مجهولأً لأمين الريحاني نشرها في جريدة “الهدى” النيويوركية بين 1901 و1904.
كلام الصورة
المشاركون في اللقاء