صدر عن “منتدى شاعر الكورة الخضراء عبد الله شحاده الثقافي” كتاب فكري مُعاصر للدكتور أسامة ظافر كبارة (أستاذ الإعلام وعلوم الاتصال ورئيس المركز الإعلامي للتنمية البشريّة ودراسات الشرق الأوسط) في عنوان “قراءة… في صفحات الوجود” (453 صفحة من الحجم الكبير)، وهو الإصدار رقم خمسين لـ “منشورات منتدى شاعر الكورة الخضراء عبد الله شحاده الثقافي”.
أنجز الدكتور أسامة ظافر كبارة مؤلفه بعد قراءات عديدة ومتنوعة، لعشرات المراجع العلميّة والفكريّة، بالأخص الأجنبية، وتميّز بأسلوب متوازن وموضوعي وعلمي، بعيداً عن الفكر التقليدي المألوف، وعن الخوض في النصوص الدينية المختلفة، مفضلاً الطرح العلمي المُعاصر.
يتناول الكتاب عناوين رئيسة وفرعية تترابط مع بعضها البعض في سياق فكري ومنطقي، تمحورت حول المعرفة وأهميتها في طريق الوصول إلى الحقيقة.
كذلك يتحدّث الدكتور أسامة كبارة عن تجربته الشخصية منذ الطفولة وصولاً إلى المرحلة الحالية، وما اعتراها من وقفات فكريّة وذهنية رسمت مساراً بنيت عليه قناعاته التي توصل إليها في رحلة الحياة.
تحت عنوان “الحقيقة وجدلية الوجود وأصل الحياة”، يذكر الكاتب أن الحقيقة لا يستطيع أن يقاربها الإنسان ما لم يكن حراً في تفكيره. وفي عنوان آخر: “الوجود يتشكل”، يتحدث عن نشأة الكون، الذي يمثل وجوداً صامتاً يحتاج إلى من يقرؤه ويفسره. ثم تتقلب صفحات الكتاب لتتوقف عند”خلق الأرض وكيف تروي الحكاية”. الحكاية التي كتبتها الطبيعة بمعالمها وآثارها، ببحرها وبرها، بجبالها وسهولها، بصحرائها وحدائقها، بنشأة الحياة فيها، وكيف تطورت إلى ما هناك…
في الكتاب فصل عن “العقل و الوعي والإدراك “، هذا العقل الذي ميّز الإنسان وساعده في فهم لغز الحياة والوجود، واستطاع من خلاله أن يتلمس معالم الحقيقة بجوانبها وأبعادها الظاهرة منها والباطنة، ثم يطرح سؤال كبير: “هل العقل يكفي وحده للوصول إلى الحقيقة؟.
وفصل آخر حول”الوعي إنساني” وكيفية تحققه، والإدراك الإنساني الذي يقدم الكثير من الأفكار، والتي قد تصل إلى مرحلة بناء القناعات. “الإنسان والوجود: البحث عن الذات ومواجهة المصير”، عنوان آخر يتحدث عن الإنسان الذي يبحث عن ذاته الكونية، وأين موقعه في هذا الكون وكيف يستجيب لنداء الطبيعة، وكيف يفهمها ويفك رموزها.
يتوقف الكاتب عند “الغائية ومنطق الاستدلال”، حيث أن لكل شيء غاية في هذا الوجود. وما هي وجهات النظرفي ذلك.
يتضمن الكتاب نقاشاً حول”الإلحاد ووهم الإله”، وإلى أي مدى ينتشر مفهوم الإلحادي بين الناس، وهل المسيرة الإنسانية هي مسيرة إيمانية، أم مسيرة إلحادية، أم هي مسيرة يختلط فيها الإيمان مع الإلحاد.
يأتي بعد ذلك دور الإنسان وموقعه، من خلال الفلسفات المختلفة والإيديولوجيات والأفكار المعاصرة، والتي من خلالها يتحدد دور الإنسان. فهل الإنسان مجرد غبار كوني؟، أم أن الإنسان يمثل رسالة وجودية عاقلة وواعية، أم أنه مجرد مخلوق عابر، كبقية المخلوقات التي مرت على هذه الأرض واندثرت بعد ذلك. وهل الإنسان يحمل في ذاته أبعاداً روحانية معنوية تعطيه دوراً يفسر معنى خلقه ومعيشته ونهايته وربما ما بعد ذلك.
يناقس الدكتور كبارة”موضوع الأخلاق وضوابط الأفعال”، وقيمتها في تقويم سلوك الإنسان، ومدى الحاجة إليها في حياة البشر.ثم يتوقف عند مصير الإنسان، من خلال الحديث عن الموت المتربص بالحياة. فهل هو نهاية الإنسان؟ أم أنه بداية جديدة لمرحلة جديدة وعالم جديد؟.
تحت عنوان “وقفات في منتصف المسار”، يتحدث الدكتور كبارة عن جوانب وجد أنها لازمة من لوازم النقاش، وقناعة ذاتية لا بد من استعراضها. فيتحدث عن العلم، ويفرّق بينه وبين الإيديولوجية العلمية. فهل ما نتلقاه هو علم، أم هو أيديولوجية علمية؟.
في نهاية المسار نقاش عن الإنسان الكائن المتصدع، الذي أضاعته الأيديولوجيات والفلسفات والأفكار المتباينة والمتصارعة، والتي جعلت منه بناءً بشرياً متداعياً، لا يكاد يقف على قدميه من كثرة الأفكار التي يتلقاها، والتي أوصلته في العصر الحالي إلى اعتباره مخلوقاً متحولاً وأنه ينتهي بنهاية حياته، وبالتالي فينبغي على الإنسان، بل على البشرية جمعاء أن تتبنى فلسفة خاصة، لا صلة لها بالابعاد الدينية والإيمانية، حيث بدأت الفلسفات المعاصرة بالحديث عنها، بل وتبنتها القوى السياسية الدولية، والتي تنطلق من أن الإنسان هو كائن زائل، وينبغي تطبيق أجندة خاصة به، ووفق قناعات أيديولوجية علمية دون أخرى.