“الوجوديّةُ البيضاء”[1]

 

 

مكرم غصوب

 

في البَدءِ كانَ الجِسّرُ، والجِسّرُ مُعَلَّقٌ بَينَ ضِفَّتَينِ، سؤالينِ، “مَنْ نَحنُ؟” و”مَنْ سنكونْ؟”. وكانتِ القوَّةُ قوَّتينِ عَبثيَّتينِ مُتقاتِلتين بِلا جَدوى، حَتّى حُدّدَ الاتِجاهُ، فعَقَلَ الصِّدقُ القوَّتَينِ وصَهَرَتهُما الصَّداقةُ، حينها تَحوَّلَ سؤالُ “مَن سنكونُ؟” إلى “ماذا نُريدْ؟”وقَرَّرَكِلكامشْ وأنكيدوالعُبورَ. توحَّدَتْ قوّةُ الإرادةِ بإرادةِ القوّةِ وبدأتْ رِحلةُ البَحثِ عن المَعنى.[2]

ولكِنَّ موتَ أنكيدو، حقيقةٌ أسقَطَتْ المَعنى وأعادتْ صَوغَ الأسئلةِ في رأسِ كِلكامشْ الذي ذَهبَ بَعيداً، إلى ما قبلِ الطُوفانِ[3]، للبحثِ عن العدالةِ والخلودِ، ولمْ يَعُدْ حَتّى بنَبتَةِ الشَّبابِ والتَّجدُدْ، التي وَجَدَها، في أعماقِ”نَمو”[4]، الأُمِّ المِياهِ، “التي جُعِل مِنها كلُّ شيءٍ حَيّ”،الإلهةِ الأولى، الأَفعى الدائرةِ التي في فَمِها ذيلُها، والتي في غَفوَتِهِ على سطحِ الأرضِ، سرَقَتْ مِنهُ النَّبتَةَ التي هيَ مِنها، لتُصبحَ الأفعى حيّةً!

عادَ كِلكامش إلى مدينتِهِ أوروكْ خاليَ الوِفاضِ من كلِّ قوّةٍ غَيبيَّةٍ، ونَظَرَ من بعيدٍ كالنَسرِ الكَنعانيّ إلى الحَضَارةِ التي أسّسَها وقالَ: هذا هو خُلودِي! هنا يَكمُنُ المَعنى ولكن كيفَ نحقِّقُ العَدالَةَ؟ وإذ بهِ يَسمعُ في أعماقِهِ صوتَ أنكيدو وهو يُغنّي: “أحبَبتُ الجُسورَ حتّى التويتْ، عَبَرني الكلُّ فعبرتُ كلّيَ وعليَّ مشيت”.

وإذْ بي أرى كِلكامشْ بعد هذه التَجربةِ الوجوديّةِ يَخطُبُ في شَعبِهِ قائلاً: “مِنّا منْ يصنَعُ حُضورَهُ، ومِنّا منْ يَصنَعُ غِيابَهُ، ومِنّا منْ يَصنَعُ المَعنى، الحضورَ في الغِيابِ الجْمَاعيِّ، الحضَارةَ الجِسرْ. فإن أردتُمُ التَّجاوزَ والارتقاءَ، إن أردتُمُ السماءَ، لا بُدَّ من بناءِ الجُسورِ، لا بدَّ من أن تكونوا الجسورَ، وإن أردتُمُ العبورَ، حطّموا تماثيلَكمُ فمِن حُطام التماثيلِ تُبنى الجسورُ”.

من اليمين: مكرم غصوب، د. سيباستيان هاينه، هدى خوري

 

وبعد آلافِ السنينَ، يَظهرُ زَرَادشتْ نيتشهْ، هو ورفيقاهُ: النَسرُ والحَيّةُ، يَرمُزان إلى الأنَفَةِ مُصاحِبةً للذكاءِ والتَّجددِ الدائمْ، إلى السّماءِ والأَرضِ مُتَحدتينْ كما وُلِدَ “آن” إلهُ السماءِ و”كي” إلهةُ الأرضِ عِند السومريين من رحِمِ “نَمو”، مُتَعانقينِ. وإذْ بزرَادشتْ يخاطِبُ قَلبَه قائلاً:

“أُريدُ أن أكونَ أكثَر ذَكاءً! أُريدُ أن أكونَ ذكيّاً في طَبعي مِثلَ حيَّتي! لكننَّي أطلبُ المُستحيلَ هنا: فأنا أَطلبُ من أنَفَتي أن تَظلَّ دوماً مُصَاحِبةً لذكائي! وإذا ما تخلَّى عنّي ذَكائي في يومٍ ما: – أُفْ، إنَّهُ لَيُحبُّ أنْ يَهرُبَ منِّي هكذا! فلتُرافقْ نَخوَتي طيرانَ جُنوني إذاً!”[5]

أليسَ هذا ما حَصلَ مع كِلكامشْ؟ ومع آن وكي، في الأسطورةِ السومريّةِ حين وُلِدَ ابنُهُما إنليل[6]، إلهُ الرياحِ والحَرَكةِ، فَفَرَّقَهُما عن بعضِهِما، وصارَ العِناقُ بينهُما، جِنساً مُقدّسَاً، مَطراً وخِصباً متجدِداً؟

” ما هو عظيمٌ في الإنسانِ إنما كَونُه جِسراً لا هَدَفاً، ما يُمكِنُ أن يَكونَ جديراً بالحُبِّ في الإنسانِ هو كَونُه مَعبَراً وصَيرورةَ اندثارٍ”. هكذا تكلّمَ زرَادشتْ نيتشهْ.

“إنَ واجِبَك وأنتَ تُقدِّمُ خِدمتَك التَطوعيّةَ لبَني جِنسِكَ هو أنْ تَشعُرَ في داخلِكَ بكلِّ الأسلافِ. واجبُكَ الثاني هو أن تُضيءَ انطلاقَتَهُم وأن تواصِلَ عَمَلَهُم. واجبُكَ الثالثُ هو أن تَنقُلَ إلى ابنِكَ الواجبَ الأكبرَ وهو أن يَتجاوَزَك”[7] هَكذا تكلّم من بَعدِهِ نيكوس كزنتزاكس اليونانيّ.

ولكنْ قَبلَهُما بآلاف السنينَ، تَكلّمَ كِلكامش السُومريّ، عن المَعنى الوجوديِّ للتجاوزِ والارتقاءِ.

في البدايةِ كان هدَفُهُ الوصولَ إلى قِمةِ الجبلِ، في النهايةِ حَمَلَ كِلكامش الْجَبَلَ على كتِفَيهِ،

وبينَهُما ما زالَ سيزيفْ كامو[8] يتدحرجُ وراءَ صَخرَتِهِ.

في البَدءِ كانَ النَهرُ، كانَ”عشتارَ”[9] الحيّةَ السائِلةَ القاتِلةَ المحيِيَةَ، كانَ”أدونْ”[10] الفاديَ دائمَ التجدِدِ والانبعاثِ، جِسرٌ من المَنبَعِ إلى البَحرِ، ومن البَحرِ إلى المَنبعِ، جسرٌ يربِط ُالوِجدانَ الإنسانيَّ بـ “يَمْ”[11]الإلهةِ الأمِّ عند الكَنعانيين،يَربِطُ البَعثَ بالعُمقِ والمَدى، يَربِطُ إلهَةَ الأرضِ، “أديمْ”[12] ومِنها الآدميون بإلهِ السماءِ”شميم”[13]ومنها الشامُ، أرضُ الكَنعانيين الْجنّةُ التي فِيها السماءُ والخلودْ. كما النجمةُ الكَنعانيّةُ، بمُثَلّثَيها المتداخلَين، يَرمُزان إلى حلولِ الإلَهِ في الإنسانِ وتوقِ الإنسانِ إلى الألوهةِ. كما المَعنى في صَليبِ يسوعْ الكَنعاني وفِدائِهِ. تلكَ النَجمةُ التي سَرَقَها اليهودْ، وسَمّوَها نَجمةَ داوودْ، ومَسَخوا معانيَها ووضَعوها على عَلَمِهِم،مِثلَما فَعَلوا بكلِّ ما في حَضَارتِنا من جَمالْ. وها نحنُ اليومَ نُحرِقُها ونَدوسُها ولا نُدرِكُ أنَّنا نَدوسُ أعظمَ معانينا الوجوديّةِ.

 

النَهرُ الذي كان يَسيرُ على ضِفَّتَيه، جَنباً إلى جَنبٍ، في جبلِ لُبنانَ، المَسيحيونَ الأولُ والكَنعانيون، في مَسيرةِ فِداءِ أدونْ ويسوع الجَليليّ وانبعاثِهِما في “أفقا” المَنبعِ، التي يعني اسمُها الآراميّْ البَعثَ، كما يُبعَثُ في كلِّ مرةٍ من رَمادِه طائرُالفينيقِ، النَسرُ الكَنعانيّ، المسيحُ الفدائيُ القَوي، الذي لم يعرِفْهُ نيتشه. هذا المسيحُ المرجَّحُ أن يكونَ تاريخياً من الغنّوصيينَ[14] الثائرينَ على اليهودِ ويهواهُم، المؤمنينَ بالإلهِ النورانيِّ الأعلى الذي يَتَجاوزُ ثُنائياتِ الخَلْقْ، الحبِّ القائمِ ما وراءَ الخيرِ والشرِّ…وذلك قبلَ أن يُدرِكَ نيتشه، بزمنٍ طويلٍ، أنّ “ما يَتِمُ فِعلُه في سَبيلِ الحُبِّ دائماً ما يَتَعدّى حدودَ الخيرِ والشرِّ”.

النَهرُ الذي قبلَ أن يُدرِكَ هرقليطسْ اليونانيّ، أنَّهُ لا يَستَطيعُ أن يَستَحِمَّ فيهِ مَرَّتينِ، اغْتَسَلَتْ في مياهِهِ الصافيةِ ننليلْ العذراءْ، في قِصّةِ الخَلقِ السومريَةِ[15]، قَبلَ أن يمارسَ الحبَّ مَعَها، فيه، زَوجُها إنليل، الابنُ في الثالوثِ السومريِّ المقدّسِ، وقبلَ أن تَحبَلَ مِنهُ بالقمرِ الذي ثَقَبَ الظَلامْ…ومِن بعدِها، تبدأُ رِحلتُها في البحثِ عن زوجِها المَنفيِّ مِن قِبلِ الآلهةِ، وفي كُلِّ مَرّةٍ يَتقمَّصُ إنليلْ مَن سَيوصِلُها إليهِ، فتخونَهُ مَعَهُ، على أمَلِ الوصولِ إليه، ليولَدَ، مِن هذه الخِياناتِ، الوجودْ. وكأنّني بالنهِر الدائمِ التجدُدِ يقول: “نخونُ لنكونَ أوفياءْ”.

في البَدءِ كانَ الكلِمةُ، وقبلَ “لوغوسْ” يوحنا وهرقليطُس، كانت كَلِمةُ “إنليلْ”، الكَلِمةُ، إن مَسَّتِ السَّماءَ تَستَمطِرُها، وإن مَسَّتِ الأرضَ تَشتعلُ بالخُضرَةِ، كلمةُ “إنليل” هيَ النباتاتُ، هيَ الحَبُّ، هيَ الماءُ الغامرُ، هيَ حياةُ كلِّ البلادْ.[16]

وقبلَ “إنليل”، كانت كَلِمةُ النَطّوفيينَ[17]، آباءِ الكَنعانيينَ، الذينَ دَجنّوا القَمحَ والحيواناتِ وبَنْوا المنازلَ والمُدنَ، مطلقينَ بذَلك عجلةَ الحضارةِ ومحددينَ اتجاهَها.

الكلِمةُ المَعرِفةُ، والمَعرِفةُ قوّةٌ ومسؤوليةٌ وحياةْ.

الكَلِمةُ العَلاقةُ الفِعل، والقوّةُ علاقةٌ، والحريّةُ نتيجةُ عَلاقةِ القُوّةِ بالاتّجاهِ الارتقائي.

تلكَ الكلِمةُ الشَّجرةُ، التي حرَّمَها إلهُ اليهودِ على البشَري، ومَسخَ ثِمارَها بالخطيئةِ، فأرسلَ إلهُ الغنوصيينْ، القائمُ ما وراءَ الخيرِ والشرِّ،أرسَلَ الحيّةَ رسولاً ليقولَ للإنسانِ[18]: ” كلْ من هذه الشجرةِ، لتُصبِحَ العارفَ، الإلهَ الزمكانيَّ، صانعَ المَعنى لوجودِكَ”.

وكأنَّني، اليومَ، أسمَعُ ذَلك الرسولَ يقولُ للناسِ: “من مِنكُم بلا حجرٍ، فليرجُمْها بالخَطيئةِ”.

الكلمةُ الثابتةُ كالجِسرِ، المُتَحرّكَةُ المُتجدّدةُ كالنهرِ،

الكلمة الّلغةُ، فلسفة الكائن الذي يصنع وجوده وقيَمه ومفاهيمه،

الكلمةُ اللُغةُ، التي نَقلَها السومريونَ والكَنعانيونَ من الصورةِ إلى الأبجديةِ.

ولكنْ لا قيمةَ للحرفِ في الأبجديةِ وحيداً، قيمةُ الحرفِ في الكلمةِ.

ولا قيمةَ للعناصرِ الأربعةِ الماءِ والهواءِ والنارِ والترابْ، إلّا في عَلاقَتِها ببعضِها.

ولا قيمةَ للقيَمِ إلّا في عَلاقتِها ببعضِها، فما مَعنى الكرامةِ بلا صِدقٍ، وما مَعنى الصِدقِ بلا حَقٍّ، وما مَعنى الحَقِّ بلا عدالةٍ، وما مَعنى العدالةِ بلا جمالٍ، وما مَعنى الجمالِ بلا خيرْ…

وما مَعنى الروحِ بلا مَادّةٍ وما معنى المادةِ بلا روحْ.

وما مَعنى الزمانِ بلا مكانٍ، وما مَعنى المكانِ بلا الزمانْ.

أليس المكانُ زماناً تجسّدْ والزمانُ مكاناً تجرّدْ؟!

هنا يكمُنُ الجَوهرُ، فالوجودُ ليسَ موضوعَ ذاتٍ إنّما هو موضوعُ “عَلاقةٍ تَفاعُليّةٍ”، وقيمةُ العقلِ الشِرعُ الأعلى، كما سمّاهُ زينونْ الكنعانيُّ، في أنَه يَعقِلُ.

وكَما ينبَثِقُ الأبيضُ من تفاعلِ الألوانِ الأساسيّةِ، الأزرقِ والأحمرِ والأخضرِ، كذلك تنبَثِقُ الوجوديّةُ البيضاءُ، من تفاعلِ الارتقاءِ التجاوزِ، والفداءِ التجدّدِ، والمعرفةِ الوِجدانِ والقُوّةِ.

هي وجوديّةٌ تَحمِلُ في عُمقِها ثالوث َ الحقِّ والخيرِ والجمالِ، لا تَطلُبُ منَ الحياةِ لَعِباً أو عَبَثاً، وتَصنَعُ حتّى من العدمِ مَعنى.

هيَ وجوديّةُ العَلاقةِ والانتماء، رابطةُ المحبّةِ المَتينةِ، ذلكَ الشعورُ بوَحدةِ الحياةِ ووَحدة المَصيرِ، إنّهُ الوِجدانُ العميقُ الحيُّ الفاهمُ الخيرَ العامَ، المُوَلّدُ محبّةَ الوطنِ والإنسانِ، التَواقُ دائماً إلى الارتَقاءِ، إلى خَلق جنّتِهْ، خَلقِ الجنّة.

ذلك الإثمُ الذي نَقلَه الكَنعانيونَ إلى المُتوسطِ ومِنه إلى العَالَم، وكما يَختُمُ أنطون سعاده مؤلّفَهُ “نشوءَ الأممِ”، بأنّ هذا الإثمَ ما زال فاعِلاً فينا وقد أصبحَ فاعِلاً في العالمِ كلّهِ، أختُمُ قائلاً:

“في البَدءِ كان العلاقة”.

***

*محاضرة ألقيت في ندوة بعنوان “الكنعانية: لغة وجود” بدعوة من جمعية “آداد”  برعاية وحضور وزير الثقافة محمد وسام المرتضى  وشارك فيها الدكتور سيباستيان هاينه من ألمانيا وأدارتها  الأستاذة هدى خوري في المكتبة الوطنية الصنائع-بيروت.

[1]وجوديّة مصدرها حضارات المشرق القديمة وتختلف عن الفلسفة الوجوديّة المعروفة بكلّ مسمّياتها،الوجودُ فيها ليسَ موضوعَ ذاتٍ إنّما هو موضوعُ “عَلاقةٍ تَفاعُليّةٍ”.

[2]في “ملحمة كلكامش”، خلقت الآلهة “أنكيدو”غريماً لـ “كلكامش” القوي، حاكم أوروك، تصارعا قبل أن يصبحا صديقين حميمين ويقررا قتل الوحش “خمبابا” وبناء المدينة/الحضارة. طه باقر، ملحمة كلكامش.

[3]بعد موت “أنكيدو” فداءً لحياة صديقه “كلكامش”، يقرر الأخير البحث عن الخلود قاصداً “اوتو-نبشتم” البشري الخالد الوحيد الناجي من الطوفان، والذي يدلّ “كلكامش” إلى نبتة التجدد والشباب. تسرق الأفعى النبتة من “كلكامش” قبل أن يأخذها إلى شعبه، وتأكلها فتغيّر جلدها. المصدر نفسه.

[4]“نمّو” (Nammu) هي الإلهة السومريّة الأمّ الأولى، ويدل تحليل اسمها على معنى (ماء الامّ) ويشير إلى المياه الهيوليّة الأزليّة القدم التي ظهر منها الكون كله. وكانت “نمو” ساكنة، ولكنّها بدافع الخلق تحرّكت ومن الحركة والسكون ظهر فيها جبل الكون المتكوّن من السماء (آن) والأرض (كي) وهما في حالة التصاق وعناق (التوأم الذكر والأنثى). وأصبحت الحيّة التي تعضّ ذيلها رمزاً للإلهة الأمّ الكبرى أو “الأوروبوس”. صمؤيل نوح كريمر، الأساطير السومريّة.

[5]فريدريش نيتشه، هكذا تكلّم زرادشت.

[6] “إنليل”هو إله الهواء عند السومريين الذي، حين ولد، فصل أمّه عن أبيه، فرفع أباه إلى الأعلى وبسط أمّه الأرض وصار المطر كأنّه المني الذي يسكبه إله السماء في رحم الإلهة الأرض، فينتج عن ذلك ظهور نباتات الحياة ويسيل الخمر والعسل. وكلمة “إنليل” مكوّنة من “آن” التي تعني السيّد و”ليل” التي تعني الهواء أو الريح أو الروح.خزعل الماجدي، إنجيل سومر.

[7]نيكوس كزنتزاكس، تصوّف (منقذو الآلهة).

[8]ألبير كامو، أسطورة سيزيف.

[9]“عشتار” هي إلهة الحب والخصب عند شعوب المشرق القديم، وهي حبيبة أدون.

[10]“تمّوز” في بلاد ما بين النهرين “دموزي” ومعناه “الابن الحقيقي”. ومن ثم أصبح عند الكنعانيين “أدون” ومعناه السيّد والربّ. ثم اقتبسه الإغريق فأضافوا إليه اللاحقة “ايس” فأصبح أدونيس. إله والبعث والخصب ورمز الفداء والتجدد في ميثولوجيا بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام.

[11]“يم” هي الإلهة الهيوليّة المائيّة الأمّ الأولى التي ظهر منها الكون عند الكنعانيين وهي نفسها “نمو” عند السومريين.

[12]“أديم” هي إلهة الأرض التي يمكن أن تكون أيضاً مصدر تسمية الكنعانيين القدماء بالآدميين وهي نفسها الإله “كي” عند السومريين.خزعل الماجدي،المعتقدات الكنعانيّة.

[13]“شميم” هوإله السماء عند الكنعانيين، وهو أول إله للسماء بعد انشطار المياه الأولى “يمّ” وحمل اسمه الكنعانيون وسميّت الأرض التي سكنوها ببلاد الشام أي أرض السماء ومنها تسمية الشاميين أو الساميين. وهو نفسه الإله “آن” عند السومريين. المصدر نفسه.

[14]يقع مفهوم “الغنوص” أو “العرفان” في بؤرة عقائد وممارسات الغنوصيين. و”الغنوص” كلمة يونانيّة تدلّ على المعرفة بشكل عام. والغنوصيّة ديانة خلاص، تتلخص مفاهيمها وتصوّراتها الكونيّة في مفهوم واحد عن التحرر والانعتاق، والصراع الرئيسي الذي يخوضه الإنسان هو صراع بين العرفان الذي يقود إلى الخلاص والجهل الذي يبقيه عبد الميلاد والموت. وترى الغنوصيّة أنّ الاخلاق التي فرضها إله اليهود، فُرضت لإبقاء العالم على حالته الراهنة وهي أخلاق براغماتية بالنسبة لأولئك الذين يعتنقونها، ليست أخلاقاً حقيقية، والالتزام بها لا ينشأ عن تلمّس حقيقي للخير الكامن في النفس البشرية، وإنما ينبع من الخوف. أمّا الاخلاق الغنوصيّة فتنشأ عن الحريّة التي يحققها الغنوص للإنسان، وعن اكتشاف مصدر الخير الأسمى في داخله. فالمعرفة تحقّق كمال الإنسان، والكامل لا يستطيع إلّا فعل الخير. فراس السوّاح، الوجه الآخر للمسيح.

[15]تعتبر أسطورة “إنليلوننليل” من أجمل وأعرق الأساطير السومريّة، فهي تسبق أسطورياً أحداث “إنانا ودموزي”، وفيها هبوط مشترك لإلهين إلى العالم السفلي. تبدأ الأسطورة بنزول “إنليل” إلى العالم السفلي معاقباً منفيّاً وتتبعه “ننليل” التي حملت بذرة إله القمر في بطنها، ويضطر “إنليل” إلى اتخاذ حيلة يتدبر بها أمر خروجه هو و”ننليل” وابنهما “نانا” إله القمر من العالم الأسفل، فيأخذ دور حارس بوابة العالم السفلي ويقوم باستدراج “ننليل” ليضاجعها وتحمل له ابناً جديداً يستطيع أن يبقيه في العالم الأسفل عوضاً عن أحدهم، ولذلك يضطر لفعل هذا التنكّر ثلاث مرّات.صمؤيل نوح كريمر،الأساطير السومريّة.

[16]خزعل الماجدي،إنجيل سومر.

[17]ظهر النطوفيون Natufian culture في فلسطين وتحديداً في العصر الحديث الوسيط ما بين 10،000 – 8،000 سنة ق.م. وجاءت تسميتهم نسبةً إلى وادي النطوف غربي القدس، وتعتبر الحضارة النطوفية الحضارة الأولى عن طريق تقدم الإنسان وارتقائه، وضعت هذه الحضارة الأساس المادي والفكري المباشر للانعطاف الجذري والأهم في تاريخ البشرية، إلا أن أهم ما امتازت به انتقالها بالإنسان من مرحلة الصيد وجمع الطعام إلى مرحلة الزراعة وتدجين الحيوان، وبذلك تحول من الاقتصاد الاستهلاكي إلى الاقتصاد الإنتاجي، وكان القمح والشعير أول ما زرع الإنسان . وتفيد المراجع التاريخية عدم وجود أي دليل على ممارسة شعب آخر غير النطوفي للزراعة في مثل هذا العصر البعيد. وانطلقت هذه الحضارة من فلسطين وتحديداً من الجبال المحيطة بالقدس فعمت غور الأردن أولاً ثم وصلت إلى سواحل المتوسط وزادت رقعتها فشملت بلاد الشام كلها، ووجدت آثارها في العراق وفي مصر. استخدمت المصطلحلأول مرّة الباحثة الإنكليزية دوروثيغارود عام 1929 بعد أن اكتشفت الآثار المميزة لهذه الثقافة في مغارة شقبا في وادي النطوف.

[18]في قصّة الخلق الغنوصيّة، يشفق الآب النوراني على الإنسان الذي منعه إله اليهود أن يأكل من ثمر شجرة المعرفة، فيرسل من لدنه رسولاً في هيئة حيّة ويحرّض آدم وامرأته على الأكل من ثمر الشجرة ليتحرّك العرفان الغنوّصي في داخلهما. قالت الحيّة: أحقّاً قال لكما أن تأكلا من ثمر الشجر كلّه عدا ثمر شجرة معرفة الخير والشرّ؟ فقالت المرأة: ليس هذا فحسب، وإنما قال لنا ألّا نمسّها، وأنّنا في اليوم الذي نأكل منها موتاً نموت. فقالت الحيّة: لن تموتا، بل يوم تأكلان منها تنفتح أعينكما وتكونان مثل الآلهة تعرفان الخير والشرّ. فراس السوّاح، الوجه الآخر للمسيح.

اترك رد