رؤية فلسفيّة من كتاب “المتقدم في النور”:
اعلموا أنّ من يفعل خيراً مع الناس إنّما يفعل خيراً مع نفسه، ومن يفعل لهم شرّاً، فهو يفعل الشرّ لذاته. ولا تذهبوا إلى البعيد لكي تبحثوا عن الله، لأنّه فيكم، وفي الآخرين أيضاً. فقد يكون في الطفل، والعجوز، والطبيب، والمهندس، والبائع… وفي الشجرة، والنبع، والبيادر… وفي حبّة القمح وغناء العصفور. ولا تحزنوا إذا طرقتم على الأبواب ولم يفتح لكم أحد، فقد لا يكون صاحب البيت في بيته، وقد يكون فيه ولكنّ الله ليس حاضراً معه. فهذا ناقص الألوهة. أمّا أنتم فتشبهون صاحب الحقل الذي كان عنده أشجار كثيرة، فاقتلعها الحاسدون. وبينما هو يلطم وجهه، ظهر له عجوز حكيم، وقال له: أنت تحزن لأنّك خسرت ما زرعتَه، وتعبتَ من أجله أعواماً كثيرة، لكنّ كلّ شجرة كانت تتغذّى من الكنوز التي تحتها، فخذ رفشاً واحفر في الأرض، لتجد ما لم تزرعه ولم تتعب من أجله، بل إنّ الله هو الذي جعله لك، وخبّأه وديعة من أجلك. فذهب الرجل وأحضر رفشاً وأخذ يحفر، فإذا به يعثر على سبعة صناديق من الذهب كانت مدفونة تحت الأرض، ففرح فرحاً عظيماً، وصار غنيّاً بما خسره.
… حقّاً أقول لك إنّ الله لا يظهر في وجوه كثيرة، والذي يكون الله في وجهه يكون أيضاً في قلبه وروحه وفكره. فالوجود الإنسانيّ كالهرم، رأسه الله، ووسطه الإنسان، وأضلاعه الثلاثة الروح، والفكر والقلب. لكن لا تقولوا إنّ الإنسان إلهٌ مهما كانت درجة طهارته، فالآدميّ لا يصير إلهاً لأنّه يموت والله لا يموت.
***
*جميل الدوبهي: مشروع افكار اغترابية للادب الراقي
النهضة الاغترابية الثانية – تعدد الانواع