نظم وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، بالإشتراك مع “ليبام- LeBam” الجمعية اللبنانية لنشر الموسيقى برئاسة النائب السابق المحامي غسان مخيبر، حفلا موسيقيا على الأدراج الداخلية للمتحف الوطني في بيروت بمناسبة عيد الشهداء، حضرته نخبة من الرسميين والدبلوماسيين وفاعليات اجتماعية وثقافية.
بعد النشيد الوطني، كلمة للاعلامي والكاتب روني ألفا الذي قال: “لا تفتشوا عن الشهداء بعيدا من هنا. كلكم شهداء ومن يفتتح المناسبة شهيد أيضا. نحن شهداء بلا أعواد مشانق. بلا طلقات في الرأس وبلا محاكم عرفية. وحدنا لم تخصص لنا التماثيل. تماثيلنا أجسادنا التي تتحرك بحثا عن وطن. تحسسوا ثيابكم. تنز الجراح من خاصرة كل منكم. لا حاجة لإصبع توما يتحسس الجرح المفتوح. تحسسوه بأصابعكم تصدقون أنكم أنزلتم للتو عن عود الصليب. درجت العادة في هذا العيد أن توضع أكاليل الزهر على أضرحة الشهداء. لم يخصص لنا إكليل واحد من الزهر ولم يعزف لنا نشيد التفخيم والتعظيم ولو مرة واحدة. شهداؤنا الأبرار استشهدوا مرة واحدة. نحن نستشهد كل يوم منذ نصف قرن. معزوفة واحدة تكفينا”.
أضاف: “في هذا اليوم أنحني أمام مغاوير الكلمة. قتلهم الغول فقتلوه من أضرحتهم. كم جميل أن يقتل القتيل قاتله. كم جميل أن يفتح بطرس باب السماء لمواكب شهدائنا. طريق عسكرية نحو ملكوت الله. الفرق في أناقة المفتاح. إما الغليظ الذي يفتح باب السجون وإما الأنيق الذي يفتح باب الجنة. لا تمديدا مستحبا في الاستحقاقات الدستورية. وحده تمديد 6 أيار ضمانة للوطن. أرجوكم مددوا 6 أيار ودعوا هذا الشهر المريمي يدوم ويدوم. بين يديك ايتها العذراء نستودع ارواح شهدائنا. ضمدي جراحهم. ضمدي جراحنا وضمينا قليلا فلا نتحسس جراحنا بعد اليوم”.
مخيبر
بدوره رحب النائب السابق مخيبر ب”كل من لبى الدعوة للمشاركة في حفل جمعية ليبام لتشجيع شباب يعزفون من اجل مستقبل لبنان لايمانهم بانه مهما حصل ورغم الظروف الصعبة التي نواجهها حاليا، سيبقى الامل موجودا دائما لتحقيق المستقبل الافضل”. كما شكر مخيبر لوزير الثقافة “دعمه وتعاونه لإقامة هذا الحفل”.
المرتضى
ثم كانت كلمة لوزير الثقافة قال فيها: “بالأمس، نقلت إلي إحدى الزميلات في السلطة القضائية حزنا ثقافيا موجعا، يضاف إلى أوجاع البلد وأحزانه الكثيرة، أو ربما هو نتيجتها كلها. فلقد لاحظت بأسى شديد، أن بعض المسلسلات التلفزيونية التي بثت مؤخرا، وكانت أحداثها الافتراضية تجري في أكثر من وطن عربي، قد ورد في سيناريوهاتها أن الأفعال المخالفة للقانون أو المنافية للآداب العامة، كان يهيأ لها أو يجري تنفيذها في لبنان. واقعة مؤلمة بحق، كأنما يراد لهذا الوطن الجريح أن تروج في العالم صورة عنه سوداء ظالمة، بعكس تلك التي رافقته طوال القرن العشرين، وقبله بقرون، كان فيها بلد الإشعاع والإبداع، وفضاء الحرية وموئل الجمال”.
أضاف: “لكن، على الرغم من ذلك، لا بد من الاعتراف بأن الحزن في الثقافة يدفع إلى مزيد من المسؤولية، بل إلى مزيد من القلق فيها وعليها. ولعل لقاءنا اليوم على أدراج الزمان المؤلفة عصوره وآثاره ههنا، لإحياء يوم تاريخي جليل، بحفل موسيقي جميل، إنما يشكل ردا عمليا على جميع المحاولات التي تسعى إلى تشويه الحاضر الوطني الذي يعاني ما يعانيه. فالناس محتاجون إلى بارقة أمل، إذا لم تؤمنها لهم الثقافة سقط غدهم فوق ركام الحاضر. ولهذا نحن مصرون دائما على النظرة الإيجابية، ثقة بأن المراحل الصعبة في حياة الشعوب، ليست أكثر من غمامة صيف تزول سريعا بمقدار ما يتشبث الشعب بإيمانه بوطنه”.
وتابع: “ولأن المقام الآن ههنا هو للبيات والنهوند والصبا والحجاز وسوى ذلك من أنغام مشرقية وغربية، لا للخطابة والخطباء، فسأوجز ما تبقى لي من هنيهة لأشير إلى أن شهداء السادس من أيار ومن تلاهم من الأبرار الذين اخترقوا الموت إلى الخلود في ذاكرة الوطن، من أول حبل مشنقة حتى آخر طلقة رصاص، أو قصف طائرة عدو؛ إنما هم شهود علينا دعاة لنا أن نحفظ الحق الذي من أجله استشهدوا، ونصون الأمانة التي خضبتها بالعطر دماؤهم. أن نحب لبنان ونحيا لأجله ونموت في سبيل وحدته ونعمل دائما على نجاته من براثن المكائد”.
وأردف: “أما ليبام LeBAM، وما أروع هذا المزيج اللفظي المعنوي بين الوطن والموسيقى، فإنها برمزية اسمها، وبهمة الصديق غسان مخيبر، تشكل واحدة من بوارق الأمل التي ينبغي لها أن تفيض ملء ليالي الوطن. ولعلي لا أبالغ إذا قلت إنها بتنوع عازفيها وآلاتهم واتساق أنغامهم وأصواتهم، يبثون السيناريوه الحقيقي عن لبنان المتنوع في وحدة والواحد في تنوع، كما رددت في مناسبات كثيرة”.
وختم المرتضى: “وأخيرا، ليبام فرقة موسيقية لها صورة الوطن، فلنصغ اليها بتأمل وفرح على رجاء أن يعود الوطن أرضا لها شكل الموسيقى ووقعها الذي يحيي النفوس. كل عيد ولبنان واللبنانيين بألف خير”.
وفي هذه المناسبة، قدم مخيبر للمرتضى درعا باسم الجمعية “عربون شكر وامتنان لنشاطه الذي لا يهدأ من اجل تطوير الثقافة في لبنان ولدعمه الموسيقى عبر الجمعية اللبنانية لنشر الموسيقى الاوركسترالية LeBAM”.
وعزفت الفرقة بقيادة المايسترو Serghei Bolum موسيقى فولكلورية لبنانية وعربية واجنبية، اضافة الى أغنية “مهما تجرح بلدنا” كلمات وموسيقى المبدع الراحل زكي ناصيف وتوزيع العميد الراحل جورج حرو.