عبدالله مهدي
(رئيس لجنة الحضارة المصرية القديمة بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر ، ونائب رئيس النقابة الفرعية لاتحاد كتاب الشرقية ومدن القناة وسيناء … كاتب مسرحى وقاص، وباحث في الموروث وله اجتهادات نقدية).
بعد قراءاتي المتأنية في كل ما جمعته من أوراق ومعلومات عن قضية متحف بور سعيد القومي، تكشفت أمامي رؤية للحل، تكمن في أهمية الشفافية، وضرورة الحوار المجتمعى.
تمهيد واجب
في ظل الجمهورية الجديدة التي ننشدها جميعا، على الجميع أن يتحلى بمبادئ الشفافية والحوار مع الٱخر، وذلك للوصول إلى رؤية مشتركة، لاستكمال لوحتنا الفنية الرائعة، والتي يساهم الجميع في رسم خطوطها وتلوينها والبصمة على كل مفرداتها ” جمهوريتنا الجديدة”.
حكاية متحف بور سعيد القومي
تخليدا لنضال أهل بورسعيد في درء العدوان الثلاثى على مصر، أصدر الزعيم / جمال عبدالناصر القرار رقم ١٢٥ لسنة ١٩٦٣ م بشأن تعديل مرفق قناة السويس، والتي شملت ضم منطقة أرض المتحف القومي ببورسعيد والمطلة على مدخل المجرى الملاحى لقناة السويس لمحافظة بورسعيد، وأعقبها صدور قرار المجلس المحلي للمحافظة بتخصيص الأرض لوزارة الٱثار بغرض محدد وهو إقامة متحف قومي .
وتم بناء المتحف وافتتاحه في ٢٣ من ديسمبر عام ١٩٨٦م ليحوي قرابة ٩ ٱلاف قطعة أثرية من كل العصور موزعة على ثلاث قاعات.
وفي عام ٢٠٠٩ م خصص قطاع المشروعات بوزارة الثقافة مبلغ ٧٥ مليون جنيه للتطوير وصيانة المتحف، وبعد الانتهاء من إعداد الدراسة الهندسية، اكتشفت الشركة المنفذة عدم جدوى الترميم فكان القرار بالإزالة حتى سطح الأرض وإعادة بناء المتحف مرة أخرى وتخصيص ٩٥ مليون جنيه .
وبالفعل تم هدم المتحف في ٢٠١٠ م لإعادة بنائه وفق التصميم المقترح .
وفي عام ٢٠٢١ م أعلن وزير السياحة السابق عزم الحكومة إقامة مشروع فندقي عالمي وملحق به متحف قومي بمواصفات ومعايير عالمية .
فوجئ أهالى بورسعيد بإعلان الهيئة عن إقامة مشروع سكني استثمارى بأرض المتحف القومي ببورسعيد بالشراكة مع إحدى الشركات العقارية .
قيمة متحف بورسعيد القومي
أورد المؤرخ / ضياء الدين حسن القاضى في كتابه ( موسوعة تاريخ بورسعيد — الجزء الأول — الفصل الثالث ) إنشاء أول متحف ببورسعيد عام ١٩٢٣ م في عهد الملك أحمد فؤاد، وذلك بالدور الأرضي من منزل الخواجة رزق الله الكائن في تقاطع شارع فلسطين بشارع النصر .
أي أن مدينة بور سعيد لها تاريخ متحفي مميز وقديم .
كما يعد متحف بور سعيد القومي أقدم المتاحف القومية فقد أنشئ قبل متحف الإسكندرية .، وشهد أمناء المتاحف بقيمته الاقتصارية، فقد كان ثاني متاحف القطر المصرى، في عوائده المادية .
ويعد وجود المتحف ضرورة ثقافية وتاريخية في مدينة كبرى، اتسعت عمرانيا بشكل ملفت، بالإضافة إلى كونه موجودا في موقع جغرافي فريد … ويقع بين مجموعة من المنشٱت السياحية على نحو :
فنار بورسعيد / مبنى القبة الخاصة بهيئة قناة السويس/ البيت الإيطالى …
ناهيك عن دور المتاحف الثقافي والتاريخى والحضارى،وتدعيمها لذاتنا الحضارية ..
دعما للشفافية أرجو الإجابة عن هذه الأسئلة
— هل صدر قرار من رئاسة الجمهورية بإلغاء قرار التخصيص الصادر عام ١٩٦٣ م ؟!
— هل أعلنت هيئة الٱثار عن بيعها لقطعة الأرض التي تمتلكها ؟!
— هل قامت رئاسة الوزراء بفسخ عقد إيجار قطعة الأرض التي تمتلكها ؟!
كل تلك الأسئلة لأننا نعلم أن أرض المتحف ملكيتها كالٱتى :-
حوالى ٥ ٱلاف متر مربع صدر بها قرار رئيس الجمهورية تخصص لبناء متحف بور سعيد عام ١٩٦٣ م .
١١٩٠ مترا مربعا اشترتها هيئة الٱثار وسددت مقابلها للقاعدة العسكرية التي كانت تشغلها .
حوالى ٦ ٱلاف متر مربع صدر قرار من رئيس الوزراء بتأجيرها للمتحف من هيئة قناة السويس مقابل إيجار سنوي .
ضرورة الحوار المجتمعي
تزخر محافظة بورسعيد بقامات فكرية وثقافية وعلمية في كافة مناحي العلوم والمعارف، زد على ذلك مدى عشقهم لبلدهم الذي كافحوا وأجدادهم من أجل أن يظل قطعة غالية من قلب مصر، فالموقع الفريد لبورسعيد في أقصى نقطة شمال شرق أفربقيا وأول ميناء لقناة السويس من جهة الشمال، وكونها ملتقى سفن العالم ذهابا وإيابا .
تدفع الجميع للحوار والوصول إلى رؤى مشتركة بشأن متحف بور سعيد القومي، والذى يمثل ذاكرة للمجتمع البورسعيدي خاصة والمصري عامة، وذلك دعما لهويتنا الثقافية والتاريخية والحضارية في ظل جمهوريتنا الجديدة، التي تحتفي بكون مصر ( بلد عظمى ثقافيا )
أرض — المتحف — للمتحف
كل المساندة لأهل بورسعيد للحفاظ على هويتهم وتاربخهم ومتحفهم .