ترأس البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم السبت 1 آذار 2014، في الصرح البطريركي في بكركي، لقاء “مجموعة التفكير والعمل” التي ضمت عددا من رجال السياسة والفكر وفعاليات اجتماعية ودينية وثقافية واقتصادية، بمشاركة المطارنة سمير مظلوم، جو معوض، امين عام الدوائر البطريركية الاباتي انطوان خليفة. وقد انضم لاحقا الى اللقاء بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام.
تمحور اللقاء حول البحث في آليات تنفيذ وتطبيق بنود المذكرة الوطنية التي اطلقتها بكركي، على كافة الاصعدة. وقد اعرب عدد من المشاركين من وزراء ونواب واساتذة جامعين في مداخلات لهم عن رأيهم بمحاور هذه المذكرة، مشددين على ضرورة اعتماد آلية لتطبيقها وجعلها موضع التنفيذ بعد اجماعهم على اعتبارها “مذكرة وطنية بامتياز وخارطة طريق.”
وألقى صاحب الغبطة كلمة في مستهل اللقاء رحب خلالها بالحضور، مشيرا إلى أن “أكثر ما يفرح في هذه المذكرة هو الترحيب الذي لاقته داخلياً وخارجياً. فلقد أعرب لنا عدد من الاساقفة والكرادلة الذين التقيناهم في روما والذين اطلعوا على نصها، عن فرحهم لسماع مثل هذه الأخبار تصدر من لبنان، لأنهم لم يسمعوا عن هذا البلد الا الخلافات والإنقسامات بين مكوناته. فجاءت المذكرة لتؤكد لهم ان هناك فكرا وحضورا ووجودا في هذا البلد الذي بإمكانه الإنطلاق من جديد، وان بامكانهم هم ايضا ان يكونوا الى جانبه ومعاونته من خلال العلاقات الدبلوماسية التي تربط الفاتيكان بمعظم دول العالم. وحظيت هذه الوثيقة باهمية كبيرة لأنها تساهم في ان يتمكن الفاتيكان من متابعة عمله”.
وتابع غبطته: “الجميع مقتنع بدور لبنان وبمسؤوليته في هذا الشرق المتخبط. انه يشكل ركيزة اساسية بالنسبة للمسيحيين في المنطقة. وكما قال الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني لبنان هو رسالة ونموذج للشرق وللغرب ولهذا الكلام معانيه الكبيرة. واليوم، بعد تردي الوضع في البلاد ووصوله الى حد لم يعد فيه مقبولا، ووسط إطلاق الاتهامات والاتهامات المتبادلة والبلد يحتضر، ولدت فكرة أن نكتب ونؤسس لشيء ما، وكانت المطالبة الداخلية والخارجية برفع صوت آخر في لبنان، صوت المثقفين والمفكرين ورجال الاعمال والإقتصاد والنقابات والمدارس والجامعات والرهبنات والمؤسسات، فلا يعقل ان لا يسمع صوت هذه الشريحة من المجتمع هي ايضا. وكانت المذكرة التي فوجئنا بالقبول الملفت الذي لاقته.”
واضاف غبطته: “ارتبطت الوثيقة بامرين: اولهما انه لا يجوز الوصول الى العام 2020 اي سنة الإحتفال بمئوية لبنان الأولى ونحن على هذه الحال، وخصوصا بعد ان لعب لبنان منذ تأسيسه دورا كبيرا جدا على المستوى الإقليمي والدولي. اذا للبنان قيمة كبيرة ودور كبير جدا، وعليه ان يتحرر من مرضه. لقد ركزت المذكرة على الثوابت الاساسية وطريقة النهوض بالوطن. اما الأمر الثاني فهو ما يتعلق بمسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهنا شددنا على اهمية ان يكون الرئيس الجديد مميزا، فنحن نعيش ظروفا غير عادية لذلك نحن بحاجة الى شخصية غير عادية اي اننا بحاجة الى اشخاص يكونون على مستوى التحديات الكبيرة المطروحة في المذكرة التي جاءت بمثابة برنامج عمل للرئيس المنتخب. وهنا على اللبنانيين والنواب ان ينتخبوا الشخص المناسب. يجب ان يتمكن لبنان في العام 2020 من ان يلعب الدور العظيم. ولولا ان هذا البلد لا يتمتع بقيمة وحضور قوي لكان اندثر منذ زمن طويل. جميعنا يتذكر الظروف المأساوية جدا التي مر بها لبنان منذ اندلاع الحرب في العام 1975 ولكنه على الرغم من كل ذلك، صمد. انه يحتضن خميرة اساسية وهي التي اشار اليها البابا يوحنا بولس الثاني بانها الثقافة اللبنانية، ثقافة العيش معا، ثقافة الغنى المتبادل. ومع انتهاء الحرب واقرار اتفاق الطائف في التسعينات نسي اللبنانيون كل الجراحات من تهجير وفرز وقتل وعادوا الى اصالتهم. من هنا اقول ان هذا البلد ينهض بمجتمعه. الثقافة الإجتماعية الموجودة فيه هي التي تقيمه. وهنا على المجتمع ان يلعب دوره ويقول كلمته فضمانتنا هو مجتمعنا وثقافتنا. لقد اعادتنا هذه المذكرة الوطنية الى ثقافتنا كمجتمع ولذلك جميعنا، مجتمعا ومسؤولين سياسيين سنسير على ما وصفها الجميع بخريطة الطريق. كما ان العمل السياسي يحتاج الى مجتمع مدرك يقول كلمته ويطالب المسؤولين ويسائلهم لكي يتحملوا مسؤوليتهم”.
وختم البطريرك الراعي:” لابد من ان نغتني اليوم في هذا اللقاء بافكاركم وتطلعاتكم حول كيفية عيش هذه المذكرة وتطويرها والإنطلاق معا. سنصل الى العام 2020 ونحن امام تحد كبير، فالعالم ينظر الى لبنان بعطف وامل، لذلك نتمنى ان نكون على مستوى هذه الآمال. كذلك شعبنا المقيم وشعبنا المنتشر يحمل هم هذا الوطن لكي يستمر ويلعب دوره. اما بالنسبة للعالم العربي الذي يتخبط بمآسيه فنحن من المؤمنين بان لبنان هو باب ربيعه”.
وتخللت اللقاء سلسلة من المداخلات لعدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وأساتذة جامعيين وفعاليات من المجتمع المدني اكدوا فيها على اهمية صدور هذه المذكرة، مسلطين الضوء على ابرز ما تطرقت اليه من ثوابت وطنية وهواجس ومن ابرزها مسألة انتخاب رئيس للجمهورية وصلاحياته، حياد لبنان، الدولة المدنية، الوضع الإقتصادي، اللامركزية الإدارية وغيرها من النقاط التي وردت في الوثيقة إضافة الى نقاط اخرى تمنوا اضافتها الى نص المذكرة مشددين على ضرورة اعتماد آلية تنفيذية للمباشرة بتطبيقها.
كلام الصور
1- 2- 3- مشاهد من اللقاء