تَحِيَّة الوَدَاع!  

 

 

 

 (وأَستَذكِرُ رَحِيلَكِ، ولَو طالَتِ السَّنَواتُ، بِقَلبٍ يِخفُقُ حَنِينًا وذِكرَيات… فَأَعُودُ إِلى ما كَتَبتُ آنَذاك)

(لِمُناسَبَةِ عِيدِ الأُمّ)

 

أَزِفَ المَعادُ… فَها تَؤُوْبُ نَفْسٌ وتَحْضُنُها الغُيُوبُ

وذَوَى الفُؤَادُ، وغارَتِ الآمالُ، وانقَطَعَ الوَجِيبُ(1)

فَسَأَلتُ، والآهاتُ تَهْصِرُنِي، ويَغلِبُنِي النَّحِيبُ

هَلَّا سَتَبسِمُ، لِي، غَدًا، وتَهُلُّ، دارُكِ، والدُّرُوبُ

ويَهُزُّ صَوتُكِ مَسمَعِي، لَحْنًا، شَداهُ العَندَلِيبُ

إِنْ جِئْتُ أَدفَأُ، في حَنانِكِ، كُلَّما دَهَتِ الخُطُوبُ؟!

أُمَّاه… قَد صَحَّ الصَّحِيحُ، فَهَل دَواءٌ أَو طَبِيبُ؟!

***

أُمَّاه… كُنتُ إِذا لَوانِي الدَّهرُ، والقَدَرُ العَصِيبُ

آتِيْكِ، كُنْتِ لِيَ المَلاذَ، إِلَيهِ أَنهَدُ أَو أَثُوبُ

لِي عَطْفُ قَلبِكِ، إِنْ حَضَرتُ، وَلِي دُعاؤُكِ إذ أَغِيبُ

أُمَّاه… حَيثُ خُطاكِ، يَخضَلُّ الثَّرَى، ويَضُوعُ طِيْبُ!

***

أُمَّاه… طَلَّقْتِ التُّرابَ، وعُدْتِ نُورًا لا يَغِيبُ

طُوباكِ آنَ سَتَمثُلِينَ، ويَحكُمُ القاضِي الرَّقِيبُ

ضاعَفتِها، الوَزَناتِ، فَالحَبَّاتُ مَوقِعُها خَصِيبُ

قُرِّي… فَفِي المِيزانِ عَمَّ الفَضلُ، وانطَوَتِ العُيُوبُ!

***

رُحْماكِ… قُلتُ لَها، السَّما، وَجِلًا وقد هَبَطَ المَغِيبُ

لِمْ، بَعدَ أُمِّي، اغتَمَّ لَونُ الفَجرِ، واعتَكَرَ الغُرُوبُ

وبَدَت تَباشِيرُ المَساءِ كَئِيبَةً، وبِها شُحُوبُ؟!

فَأَتانِيَ الإِلهامُ أَنْ كُلُّ الزُّهُورِ لَها نُضُوبُ

أَو فَالزُّهُورُ على الزُّهُورِ، فَكُلُّ مُنبَطَحٍ جَدِيبُ

ويَزُولُ حُسْنٌ، في الدِّيارِ، ولا تَقُومُ لَنا طُيُوبُ

فَإِذا بَلاكَ الدَّهرُ، قُلْ: رَبِّي لِأَمرِكَ أَستَجِيبُ

وارْضَ… لَرَبُّكَ شَأنُهُ سِرٌّ، ومَسلَكُهُ عَجِيبُ!

  ***

أُمَّاه… ناداكِ الفُؤَادُ، تُرَى فُؤَادُكِ هل يُجِيبُ؟!

شِعْرِي، ومِنْ نَفَثاتِ رُوْحِي انسالَ، مِن كَبِدِي يَذُوبُ

يَدعُوكِ، في لَهَفِ الحَبِيبِ، تَوَسُّلًا، هَلَّا يُصِيبُ؟!

أَنا عُدتُ طِفلًا، لو تَرَينَ، ولو غَزا رَأسِي المَشِيبُ

تَزهُو الدُّنَى حَولِي، ويَهزَجُ عِيدُها، وأَنا الغَرِيبُ

أَهفُو لِحِضنِكِ، دِفْؤُه حانٍ، ومَلمَسُهُ رَطِيبُ

كُنتِ النَّصِيبَ، ونِعْمَهُ، هَيهاتَ لو سَلِمَ النَّصِيبُ!

  ***

حَسْبُ الحَبِيبِ، مِنَ الفِراقِ المُرِّ، إِذ رَحَلَ الحَبِيبُ

ذِكرَى تَفُوحُ شَذًا، وطَيْفٌ طارِقٌ، ورُؤًى تَطِيبُ!

***

(1): الوَجِيْب: صَوتُ خَفَقانِ القَلبِ بِاضطِرابٍ وَرِجْفَة

اترك رد