د. جميل الدويهي: ليت الثواني لها عَوْدٌ

 

دمشقُ أهلي، ولو تبكي دمشقُ بكتْ

عينايَ، والليلُ سيفٌ بين أجفاني

وصوْت مَن صرَخوا بين الحطام كما

الأعصارُ يلحقُني في كلّ ميدانِ

يا قاسيونُ، عويلُ الريح أرهقَني

وصرتُ وحدي بلا بيتٍ، وعنوانِ؟

يحزّ في الروح هذا البُعدُ، يوجعُني

أنّي أعيش، وضاقت فيّ أكفاني…

وفي البريد مكاتيبٌ مضرّجةٌ

لأنّها كُتِبتْ بالأحمر القاني

فهل أصدّقُ هولَ الخطبِ؟ أم كذبٌ؟

أم هزّت الأرضَ فينا أمّةُ الجانِ؟

والناسُ لم يحملوا زاداً لرحلتهم

فلا رغيفٌ، ولا ماءٌ لعطشان!

ولو يعودونَ، فالجدرانُ راكعةٌ

وفي ركامِ الزوايا جوقُ غربانِ…

ونعرف الموتَ، جبّاراً بقامته

لا يستريح، ولا يبكي لفُقدانِ…

ليت الثواني لها عودٌ إلى زمنٍ

لمّا رمتْنا بسهمٍ ظبيةُ البانِ…

وكانت الدارُ أبواباً مشرّعةً

لمَن يزورونَ من أهلٍ وجيرانِ…

وكان للطير أعراسٌ على بردى

وفي المدى فتّحت أكمام رمّانِ…

وحيث تجري على البوسفور هادئةً

مراكب العِشق ألواناً بألوانِ…

يا دمعُ، إنّ التعالي من شمائلنا

فنحن والخاطرُ المكسورُ ضِدّانِِ

غداً يطلّ صباحٌ في مدينتنا…

والياسمينةُ تزْهو قبل نيسانِِ.

***

*مشروع الأديب د. جميل الدويهي “أفكار اغترابيّة” للأدب الراقي

النهضة الاغترابيّة الثانية – تعدّد الأنواع

اترك رد