يُعزز الفنان التشكيلي “أحمد الجليلي”( Al-Jalili ) نظرية الإختزال في مادة الفن التراثية المرتبطة بالفكرة الأساسية التي ينطلق منها في لوحات تميل إلى التراث محتفظا بذلك بفكرة التراث في الفن التشكيلي.
كل ذلك ليحيي الحضارات بشكل حديث يميل الى ترجمة الإحساس بالأساطير التي نتعلق بها بصريا من ملحمة جلجامش وصولا إلى المرأة في التراث العراقي، والشرق الأوسط معتمداً على قوة الكتلة بين الخطوط التي تمتاز بتعرجات ذات مدلول مؤصل تاريخيا ، لتكون بمثابة التحفيز لجذب الخيال نحو الماضي لحضارات ينتمي إليها الفنان” أحمد الجليلي” بدءا من موضوع الجفاف وعلاقة رأس الثور السومري والقيثارة والجاموس، للإستدلال الفني من خلال قوة الحضارة في بلد كالعراق تحديد وفي الشرق الأوسط بعيدا عن التخصيص . بل ليمدها نحو العالم من خلال الأسطورة وتراثيات جمالية ذات أسلوب معين يمكن تصنيفه تراثيا بالنظرة الى الماضي والأصول الحضارية لفهم ماهية النقوش في الكهوف ومن ثم النهج الفني التراثي المرتبط بالأسطورة .
فهل من روحية فنية تتناسب بصريا مع الاتجاهات التي اختارها الجليلي في رسوماته ؟ وهل تنتمي رسوماته لفترة تاريخية من حضارة يعيد أمجادها من خلال رسوماته ؟ أم يتمسك إنسانيا بأصول الإنسان وجمالية معتقداته عبر التاريخ؟ وهل من ارتباط فكري ميثولوجي في كل لوحة تحمل رمزاً اسطوريا كالمرأة والقيثارة والثور وغير ذلك؟
تؤلف المعاني الحضارية في لوحات الفنان” أحمد الجليلي ” عاطفة جمالية تقترن بالإيقاعات البصرية التي تبثها تعرجات خطوط تميل الى خلق مهارات في الإيحاء الرمزي للتاريخ، وقيمته المعرفية من خلال الفن التشكيلي ومحتواه، لحضارات مصحوبة بتجسيدات تطورت في رسومات الجليلي الجوهرية من حيث الفكرة التي انطلق منها ، وبخصوصية التجربة المرتبطة بأصول الفن التراثي ووجهات النظر المتعددة عبر التاريخ. بما يتعلق بالأساطير وتنوعها من حيث الرموز المستخدمة على مر التاريخ والبيانات الأثرية المستخرجة من الكهوف وباطن الأرض، والتي تؤكد على قيمة هذه الرموز والأشكال ومعانيها من وجهة نظر فنية ، التي تشهد على إبداعات الإنسان القديم في عصور ما قبل التاريخ وما أنتجته أفكاره من معتقدات تذكرنا بمحتوى التفكير الإنساني.
فهل من عبور للعصور القديمة التراثية من خلال الفن؟ أم هي حداثة الرؤية عبر الزمن يترجمها الجليلي في رسوماته ؟ وما هي علامات الحضارات التي اندثرت ويُشدد عليها الجليلي بريشته ؟ وهل ريشة الجديد تؤكد على وجود الأساطير في حياة الانسان عبر التاريخ الحديث؟
بدت تأثيرات التراث العراقي في لوحاته من حيث الإمتداد التخيلي عبر حداثة ترجمته ريشته بشكل حضاري هو تكوين يتشارك به مع النحت من حيث الفضاءات المفتوحة على عدة رؤى .إذ لم يتجاوز الجليلي التراث الحضاري آشوريا ولا غير ذلك ، ولكن بدت المعالم التاريخية في لوحاته من خلال الرموز التي استخدمها بأسلوب مزجه بالبساطة الأسلوبية البصرية غير المعقدة بالمعنى الإختزالي، والتقليل من الأشكال من خلال الفن العراقي القديم .
لكنها تترجم فنيا تاريخ البشرية وانجازاتها الجمالية التي يمكن اعتبارها محاكاة من نوع معرفي يميل الى أرشفة الحضارة المأخوذة من جدران الكهوف بداية وصولا الى لوحات الفنانين والقدرات الإبداعية المتصلة بالإنسان من العصر الحجري الى العصر ما بعد الحديث كما هو الحال حاليا في الفن التشكيلي . فهل الميثولوجية القديمة هي مادة دسمة في لوحات الجليلي ؟ أم السومريات البابلية هي لغة تشكيلية يُمجد من خلالها اللغة البصرية والعودة إليها من خلال هذا النوع من الفن تحديداً ؟
***
*الصور من مجموعة متحف فرحات