د.هبة المل أيوب
الزلزال هو ظاهرة طبيعية، وهو اهتزاز مفاجئ وسريع للأرض بسبب تحرك طبقة الصخور تحت سطح الأرض، أو بسبب نشاط بركاني . حقيقة تقع الزلازل فجأة دون سابق إنذار، ويمكن أن تحدث في أي وقت، وتخلّف وراءها العديد من المآسي حيث الفقدان للأرواح البشرية، زد على ذلك اضراراً مادية في الممتلكات، لذلك يعتبر الزلزال من الكوارث الطبيعية.
لا بدّ من التنويه ان الدراسات العلمية والأبحاث الجيولوجية، التي أجريت على الزلازل السابقة ، كشفت عن المناطق التي تقع على خط صدع زلزالي أي المناطق الأكثر عرضة للزلازل ، وبالتالي لم يتم الإستعداد والجهوزية من خلال تشييد المباني الغير قابلة للإنهيار عند وقوع زلزال، ولكن لماذا لم يتم التحضير لهذه الكوارث الطبيعية ؟ أم ان غضب الطبيعة هو قدر محتوم لا بد من نفاذه وسريانه على جميع الأصعدة؟
في الواقع لم يتوقف الأمر على تركيا فقط انما طالت سوريا الدولة التي انهكت الحرب مواطنيها ، فنراهم هربوا من القذائف وهول الحرب ليلجأوا الى تركيا كملاذ آمن، إلا ان اضرار الزلزال قد طالهم وكأن الموت ينتظرهم، فالزلزال الذي وقع فجر الإثنين بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر، طال دول كثيرة الا ان تركيا وسوريا هم الأكثر تضررا ومأساة . وسقط حتى لحظة كتابة هذه السطور 2300 قتيل على الأقل، وإصابة الآلاف إثر انهيار عدد كبير من المباني ، وتتزايد أعداد القتلى مع انتشال الضحايا من تحت الأنقاض.
في الواقع المأساة كبيرة اذ اعلن الرئيس التركي الحداد لمدة سبعة أيام فالمصيبة أليمة، ولا يمكن لدولة بمفردها تحمل نتائج الكارثة، لذلك تلقت تركيا المساعدات الإنسانية من كافة الدول ، كذلك الأمر بالنسبة الى سوريا فالذي ألمّ بها أليم ، أي ان المرحلة الأصعب تكمن في عملية إنتشال الجثث ، والمحزن هو يكمن في انتشال جثة ميتة، وعلى العكس تنتاب فرق الإنقاذ الفرحة عند انتشال اشخاصاً احياء من تحت الركام، التساؤل كيف لزلزال لم يدم اكثر من 30 ثانية ان يقلب حياة الكثيرين رأساً على عقب، فمنهم من فقد المأوى ومنهم من فقد والديه ومنهم من فقد اسرته كاملة ، انها مرحلة تاريخية لم تشهد زلزالاً مثيلاً منذ العام 1999، وتسبب في مقتل 17 ألف قتيل.
اخيراً يمكن القول، ان الضحايا الذين سقطوا هم شهداء طالهم القدر ليوقع بهم امواتا تحت الأنقاض، فمهما تنوعت طرق الموت، يبقى ان الموت سرا من اسرار الحياة، لا يعلم به سوى خالق الكون، وقد ساد الإعتقاد ان الزلازل هي تعبير عن غضب الخالق، لكن مهما كانت الأسباب يبقى ان الكارثة كبيرة، والخسائر فادحة خاصة على صعيد الأرواح البشرية، والمحزن في هذه الكارثة أن الأطفال ناموا آمنين تحت سقف منزلهم ليستيقظوا منهم أحياء عالقين تحت الأنقاض ، ومنهم من سلّم الروح الى خالقها ، فالرحمة والسكينة لأرواح شهداء الزلازل، والشفاء والطمأنينة للجرحى الذين تمّ انقاذهم وهم أحياء أبطال.
Hibaa79@hotmail.com