إنّه آدم ليندسي غوردون(1833- 1870)
شاعر أستراليّ من أصل بريطانيّ، ولد في 19 تشرين الأوّل 1833، وتوفّى في 24 حزيران 1870. كان أيضاً فارسًا وضابط شرطة وسياسيًا. ويعتبر أوّل شاعر أسترالي يحظى بتقدير كبير في الخارج.
لم يولد غوردون في أستراليا، بل ولد في بلدة فايال في جزر الأزور، حيث كان والده النقيب في سلاح الفرسان في البنغال، آدم دارنفورد غوردون (زوجته هارييت غوردون) يعيشان، ولم ينجبا سوى آدم من الأولاد.
وتعلّم الصبيّ في قرية تشارلتون كينغز الإنكليزية الصغيرة بالقرب من شلتنهام. وكانت أسرته ميسورة، فأهل والدته كانوا يمتلكون أرقّاء في جزر الهند الغربية البريطانية حتى إلغاء الرقّ في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وحصلت الوالدة على تعويض مالي كبير عن خسارة ممتلكاتهم. (في عام 1859، ورث الشاعر حوالي 7000 جنيه إسترليني من ممتلكات والدته).
وبعد ان تعلم في شلتنهام عاماً واحداً، أرسل إلى مدرسة يديرها القسّ صامويل أوليس غارارد، من غلوسستر شاير. والتحق بالأكاديمية العسكرية الملكية في وولويتش عام 1848. وكان مميّزاً في الرياضة، لكنه لم يكن مجتهدًا أو منضبطاً، فطُلب منه مغادرة المدرسة، ثمّ أرسل إلى المدرسة الملكية اللغويّة في ورسستر عام 1852. وبدأ يعيش حياة جامحة بلا هدف، وغرق في الديون، وأصبح مصدر قلق كبير لوالده، الذي قرر أخيرًا أن ابنه يجب أن يذهب إلى أستراليا، ويبدأ حياة جديدة.
وكان الشابّ قد وقع في حبّ فتاة البالغة من العمر 17 عامًا، تدعى جين بريدجز. وعندما جاء ليودّعها قبل مغادرته إلى أستراليا في 7 آب 1853، طلبت منه ألاّ يذهب إلى تلك الأرض المجهولة، ووعدته بأن تكون زوجته. وكانت تلك القصة الرومانسية الوحيدة في حياة غوردون.
كان غوردون يبلغ من العمر 20 عامًا فقط عندما وصل إلى أديلايد في جنوب أستراليا، في تشرين الثاني 1853. فانضم إلى شرطة الخيالة. وكان يأمل في أن يصل إلى منصب قائد. واستقال من الخيّالة في 4 تشرين الثاني 1855. بيد أنّه استمرّ في رياضة ركوب الخيل التي كان يبلي فيها البلاء الحسن.
وكُتب على نصب تذكاري قرب البحيرة الزرقاء Blue Lake عام 1887 ما يلي:
“تم نصب هذه المسلّة كنصب تذكاري للشاعر الأستراليّ الشهير. بالقرب من هذا المكان في تموز 1864، قفز غوردون الشهير على صهوة حصان فوق عمود قديم وسياج حرس للسكك الحديدية، على حافة ضيقة تطل على البحيرة الزرقاء. ثم قفز مرة أخرى على الطريق.
وُضع حجر الأساس لمسلّة غوردون التذكارية في الثامن من تموز عام 1887”.
وفي 20 تشرين الأول 1862، تزوج غوردون من مارغريت بارك، التي كانت آنذاك في السابعة عشرة من عمرها. وفي آذار 1864، اشترى منزلاً صغيراً قرب بلدة بورت ماكدونيل.
في 11 كانون الثاني 1865، تلقى تفويضًا يطلب منه الترشح للبرلمان وانتُخب عضواً في مجلس النواب في جنوب أستراليا في 16 آذار 1865. ويذكر أنّه كان متمردًا في مواقفه السياسيّة. وكانت خطبه شبه الكلاسيكية غنية بالألوان ومسلية، واستقال من مقعده في 10 تشرين الثاني 1866. وحفزه توقفه عن العمل السياسي على نشاط أكبر في الشعر وسباق الخيل والمضاربة. واشترى بعض الأراضي في غرب أستراليا، ثمّ ذهب للعيش في جبل غامبيير في عام 1867، ومن هناك نشر العديد من القصائد.
بعد سلسلة من الإخفاقات في الحياة، لجأ غوردون إلى فيكتوريا، وليس إلى ملبورن التي تجاهلت شعره، بل إلى بالارات. واستأجر إسطبلات “كريغ” في بالارات بالشراكة مع هاري ماونت، لكن المشروع كان فاشلاً. وفي آذار 1868، تعرض لحادث خطير، حيث كاد حصان يسحق رأسه في بوّابة حديقته. وتوفّت ابنته عن عمر يناهز 11 شهرًا، وتزايدت مصاعبه المالية، وهبطت معنوياته.
وعلى الرغم من ضعف نظره، ظلّ معروفًا جدًا بكونه متسابقًا رفيعاً، وفي 10تشرين الأول 1868، فاز بثلاثة سباقات في يوم واحد. وصار يتسابق من أجل المال، لكنه لم يكن محظوظًا وتعرض لأكثر من سقوط خطير، فغادر بالارات في تشرين الأول 1868وجاء إلى ملبورن، فجنى القليل من المال من السباقات. وتعرف بالشاعر هنري كيندال. وفي 12 آذار 1870، تعرض غوردون لحادث سقوط مروّع أثناء ركوبه، فأصيب في رأسه ولم يشف بعد ذلك. وكان يسعى دائماً لإثبات ملكية عقار في اسكتلندا، من غير جدوى. وفي 23 حزيران 1870، نشر كتابه
Bush Ballads and Galloping Rhymes
وجاء إليه هنري كيندال بالنسخة عن المقالة التي كتبها له عن الكتاب. وفي فجر اليوم التالي، توجه غوردون إلى الشاطئ القريب وأطلق النار من بندقية على رأسه.
كتب غوردون عشرات القصائد، بعضها ذات تاثيرات شرقيّة وأسطوريّة، تناولناها في كتابنا، مثل: عشتروت – غنائيّة دراميّة، دليلة، أغنية ثورا (عشتروت)، بوداس أوكوس (عن أخيل)، وصلاة الاعتراف.
***
*كتاب “المؤثّرات الشرقيّة والأسطوريّة في بواكير الشعر الأسترالي” لجميل الدويهي- يصدر في 15 آذار 2023، وينشر على موقع www.jamildoaihi.com.au
*مشروع أفكار اغترابيّة للأدب الراقي
النهضة الاغترابيّة الثانية – تعدّد الأنواع