إِلَى أَين؟!
﴿وَيَسأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾
(القُرآنُ الكَرِيمُ، سُورَةُ الإِسراء، الآيَة 85)
كَم تُهْتُ في بِيْدِ الوُجُودِ أُنادِي شَبَحَ الحَقِيقَةِ كَي أُرِيحَ فُؤَادِي
فَإِذا الدُّرُوبُ إِلى الحَقِيقَةِ وَعْرَةٌ، شَقَّ المَسِيرُ بِها، وضَلَّ الحادِي
كَم قِيْلَ: إِنَّ النَّفْسَ وَهْجٌ مِنْ عُلًى، وبِأَنَّها نَبْضُ العَلِيِّ الفادِي
فَعَجِبتُ كَيفَ تَكُونُ نُورًا خالِصًا، وبِها انطِواءٌ مُفْعَمٌ بِسَوادِ
ولَكَم رَأَيتُ حَنِينَها ذا نَزْعَةٍ لِلشَّرِّ، مِنهُ المُخْتَبِي والبادِي
طَفَرَت مِنَ القُنَنِ العَوالِي وارتَمَت بَينَ الصَّغائِرِ عِندَ قَعْرِ الوادِي
هل تَنتَهِي النَّفْسُ الشَّفِيفَةُ مِثلَما تُمْسِي الجُسُومُ حَفائِرًا لِرَمادِ؟!
أَم هل تَؤُولُ إِلى الَّذِي كَم شاقَها تَوْقُ الوُصُولِ إِلَيهِ في الآبادِ؟!
هل تَرتَقِي حَيثُ ارتَمَى شَغَفٌ لَها، قَلِقٌ عَمِيقٌ هائِلُ الأَبعادِ؟!
أَم كُلَّما نَسَجَ الزَّمانُ غَمامَةً، سَتَزُولُ مَعْ لَحْنِ الوُجُودِ الشَّادِي؟!
إِنِّي خَشِيتُ على العُقُولِ مَتاهَةً، فَالجَوُّ عَتْمٌ، والطَّرِيقُ بَوادِي
فَامْلَأْ جِرارَ الخَمْرِ، واحْسُ ما تَشَأْ، فَالعُمرُ ماضٍ وهو غِرٌّ غادِي
واجْلُ الكُؤُوسَ، ولا تَنِي عَن لَذَّةٍ، واترُكْ خَفايا الكَونِ لِلآمادِ
وإِذا المَلِيحَةُ بادَرَت عاجِلْ لَها، وامْرَحْ بِسِحْرِ قَوامِها المَيَّادِ
فَلَسَوفَ يَأتِيكَ الَّذِي ما فاتَهُ حَيٌّ يَدِبُّ، ولا سَها عَن نادِ
فَتُغادِرُ الأَرضَ الَّتي كَم زادَها قَلَقُ اهتِمامِكَ وَفْرَةً مِنْ زادِ
شِلْوًا ولا يَكسُوكَ إِلَّا خِرْقَةٌ، ونَسِيجُ أَوهامٍ طَغَت بِعِبادِ
فَدَعِ التَّفَكُّرَ بِالوُجُودِ فَهَمُّهُ يُضنِي الفُؤَادَ، وقد تُشَلُّ أَيادِي
وامْلَا الثَّوانِي بِالحُبُورِ مُغَرِّدًا، وَدَعِ التَّشاؤُمَ لِلبَلِيدِ العادِي
فَالوَقتُ تَقضِمُهُ الهُمُومُ، ولا نَعِي، والعُمرُ حُلْمٌ يَنتَهِي بِسُهادِ!
مرتبط