أقيمت في سيدني ندوة حول دور شارل مالك في “الاعلان العالمي لشرعة حقوق الانسان” وفكره وحياته التي حفلت بمحطات مضيئة على الصعيدين اللبناني والعالمي.
اشرف على اعمال اللجنة التنظيمية التي حضّرت للندوة راعي الابرشية المارونية في استراليا المطران انطوان شربل طربيه وراعي ابرشية الروم الارثوذوكس المتروبوليت باسيليوس قدسية، بالتعاون مع رئيس جامعة سيدة اللويزة الأب الدكتور بشارة الخوري وطوني نصرالله، وبالتنسيق مع حبيب شارل مالك. وحضر الأبوان خوري ونصرالله من لبنان فيما قدم للندوة الدكتور شاين جحا. وإذ تعذر حضور حبيب مالك، إلا انه كان حاضراً عبر فيديو مصور شاكراً “كل من اهتم ونظم هذا اللقاء”.
اقيمت الندوة في قاعة محاضرات الجامعة الكاثوليكية في ستراثفيلد سيدني وحضرها النائب في ولاية نيو ساوث جهاد ديب، الوزير السابق فيليب رادوك، قنصل لبنان العام شربل معكرون، رئيس دير مار شربل الاب اسعد لحود وعدد كبير من رجال الدين كهنة ورهباناً وراهبات، رؤساء واعضاء مجالس بلدية، رؤساء الاحزاب والجامعة الثقافية والتيارات والجمعيات والمؤسسات الاعلامية، ومجموعة من المثقفين ورجال الفكر وأبناء الجالية من المكونات كافة.
طربيه
إستهلت الندوة بالنشيدين الأسترالي واللبناني، ثم صلاة وبركة للمتروبوليت قدسية فكلمة للمطران طربيه قال فيها: “إن تعاطف شارل مالك مع اللبنانيين ومع جميع البشر في جميع أنحاء العالم، يتجسد بحق في إعلان حقوق الإنسان”.
أضاف: “يقولون ان “المعرفة تتكلم والحكمة تسمع” والدكتور مالك كان موهوبًا بالمعرفة والحكمة. إن الحديث عن حياة وكتابات الدكتور مالك ليس بالأمر السهل على الإطلاق، فقد كان رجلاً مميزًا من نواحٍ عدة. كان مالك وزيرا للخارجية اللبنانية وسياسيا نافذا ورئيس لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والاهم من ذلك، من وجهة نظري، كان رئيس المجلس العالمي للتعليم المسيحي. كان رجلاً أحب الله وانعكس حبه لله في حبه ورعايته لإخوته وأخواته في الإنسانية. وعلى حد تعبير شارل مالك نفسه: “النجاح ليس الشهرة أو الثروة أو القوة. بل هو طلب الله ومعرفته ومحبته وطاعته”.
واعرب عن شكره لله “لأن هذا الموهوب كان لبنانياً لأن هذه ليست فقط نعمة عظيمة بل ألماسة براقة في تاجنا اللبناني”. وقال: “إنه أحد أفضل سفرائنا من لبنان إلى العالم .وهو كان أكثر من مجرد عالم غير عادي، لقد كان رجل الله”.
اضاف: “بفضل عمل الدكتور مالك وأمثاله ، يمكننا أن نفخر بكوننا لبنانيين أيضًاً على الرغم من المعاناة الحالية في لبنان. حان الوقت الآن أكثر من أي وقت مضى للاعتزاز بهؤلاء اللبنانيين مثل الذين يعيدون إيمان شعبنا بقدرته على إحداث التغيير، على المستوى المحلي والعالمي”.
ورحب بالوفد اللبناني، وقال: “كان اجتماعنا هنا بمبادرة من جامعة سيدة اللويزة في لبنان (NDU) ويسعدنا أن يكون بيننا الأب الدكتور بشارة خوري، رئيس جامعة NDU مع السيد طوني نصر الله”.
وشكر “لجنة أصدقاء الدكتور تشارلز مالك في أستراليا والرعاة الذين جعل كرمهم هذا الحدث ممكنًا، وهم: الأب يوحنا بولس باسيل، لودي فرح، أنور حرب، نقولا داود، طوني جعجع، فؤاد ديري، إيليا خوري، ميشال الدويهي، توفيق كيروز، أنطوني سكري، ورئيس الرابطة المارونية جوزيف مكاري”.
خوري
والقى رئيس جامعة اللويزة كلمة قدم فيها صورة متكاملة عن شارل مالك، وقال: “لبناننا ليس إرهاباً وفراغاً وفساداً… انه لبنان الجمال والقديسين وشارل مالك”.
بعد ذلك، بُث فيلم وثائقي عن شارل مالك بكامل محطات حياته وانجازاته ومؤلفاته وخطاباته مع شهادات من فلاسفة ومفكرين.
وبعد استراحة، أجرى الدكتور جحا حواراً مع نصرالله الذي تحدث بإسهاب عن “شارل مالك الانسان والكيان ولبنان”.
ثم كانت رسالة عبر السكايب للاستاذ حبيب مالك.
فيليب سالم
وشارك في الندوة البروفسور فيليب سالم عبر السكايب، فقال: “لقد ركز مالك على حرية الانسان التي هي بوابة الحضارة، ملتزماً بدور الأخلاق في صنع السياسات”.
أضاف: “يمكنني أن أختصر مسيرة شارل مالك نسيبي ومعلمي وملهمي بخمس نقاط. ليس من السهل علي أن اتكلم عن شارل مالك لأنه يحتل مكانة كبيرة في قلبي ومكانة اكبر في عقلي. كلانا ولدنا وعشنا في قرية صغيرة اسمها بطرام. نحن أقرباء من جهة والدتي التي رافقته في أيام الصغر . شاركته الحياة الأكاديمية في الجامعة الأميركية في بيروت، كما شاركته كل حياتنا الحب الكبير للبنان”.
وتابع: “سأحاول تحديد مكانة هذا الرجل في الفكر وفي التاريخ في خمس نقاط هي: “إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. بالطبع كان هذا إنجازه الرئيسي. إن العالم يعرفه بصفته كمقرر للجنة التي طلب منها صياغة الإعلان. ولكن العالم لم يعرف أن شارل مالك كان أكثر من مجرد مقرر، لقد كان في الحقيقة القائد الفعلي لتلك اللجنة.
اما النقطة الثانية فركز شارل مالك على حرية الإنسان الفرد. فالبشرية يجب أن تمجد الله وكذلك يجب أن تمجد الإنسان الفرد وتدعم كرامته. ألم يخلق الله الإنسان على مثاله؟ فالدولة هي أداة لخدمة الفرد وليس العكس.
والنقطة الثالثة التزامه العميق بدور الاخلاق والقيم الإنسانية في صنع السياسات. والنقطة الرابعة تميز شارل مالك عن الكثيرين من المفكرين والسياسيين بإيمانه العميق والراسخ بالله. كان ايمانه المسيحي يشكل العمود الفقري لفلسفته. والنقطة الخامسة. لقد آمن مالك بلبنان كما آمن بالله ونحن اللبنانيين نحبه على حبه اللا حدود له للبنان. وأنا شخصيا لا أعرف أحدا دافع عن القضية اللبنانية بضراوة أكثر منه كما اني لا أعرف أحدا غيره كانت هويته السياسية، حرية وسيادة واستقلال لبنان. ولكن لبنانه يواجه اليوم تهديدا وجوديا ليس فقط لهويته السياسية، بل إلى ما هو أهم وهو هويته الحضارية. لبنان هو الحرية فإن زال يُسدَل الستار على الحرية في الشرق كله”.
وبعد ذلك أقيم كوكتيل للمناسبة.