من الكتاب الفكريّ الحادي عشر يصدر عام ٢٠٢٣
قلت لهم: رجاء لا تذكروني بالخير، بل اذكروا ثيابي الجميلة، وأقيموها في موضع لائق بعد أن أغادر الحياة.
تعجبوا وقالوا: كيف ذلك؟
شرحت لهم: عندما ارتديت ثياباً أنيقة، تجمهر حولي جماعة من الناس وهم يمدحونني ويعجبون بشخصيّتي أيّما إعجاب.
ويوم اشتريت ملابس بسيطة، احتقرني العابرون، ومرّوا من أمامي وهم يسخرون من سذاجتي وسوء حالي.
ولبست ثياب مبشّر، فاحبّني قوم وكرهني آخرون، فانقسم المجتمع وحدثت فرقة، لذلك اتّفقوا على معاقبتي، لدرء الفتنة، فوجدتني بعد مدّة قصيرة على الجلجلة، مهانًا ومصلوبًا.
وتنكّرت في زيّ شرطيّ، ففرّ من وجهي اللصوص والسرّاق والقتلة، وكادت المدينة تخلو من سكّانها.
لم يسألني أحد عن أهلي وقبيلتي ومعرفتي، فكأنّ القماش الذي ارتديه هو مكانتي في الوجود…. وأصبحتُ أحبّ ملابسي أكثر ممّا أحبّ نفسي، ولذلك أوصيكم بها، لأنّها الأصل، وأنا صورة عنها، وظلّ من ظلالها، فما أعظم الخيّاطين، لأنّهم يخيّطون لنا قيمة ذواتنا، وأهمّيّتنا في عيون البشر!