“قروية” (قصة قصيرة) 

 

مسعدة اليامي–السعودية

 

ما أن وضعت حزمة الحطب على رأسها ، وقفلت عائدة إلى البيت مع رفيقاتها ، ممسكة طوال الطريق بعود سحبتهُ من حزمة الحطب ، تخط به كلمة كاتبة قروية، حتى شعرت برياح أمها تمسح ما كتبت، وأعاصير جدتها تجب ما صنعت.

أخذت تمشي بروح المنتصر المنتشية، وضعت الحطب عن رأسها في مكانه المخصص بجوار الفرن، مسحت عرقها المتساقط بسبب الحر الشديد، أشعلت الحطب، أحضرت العجين، خبزت الخبز بسعادة، وضعت لهم الأكل فوق السفرة، المصنوعة من سعف النخيل، شاركتهم بفرحة وهي تنظر إلى ملابسها الجديدة .. التي سوف تذهب بها إلى المدرسة القابعة بجوار بيتهم، شاركت نجاحها عشر طالبات، ما أن سئلت عن أحلامها حتى قالت:

كاتبة قروية ، لن يقف في وجهي أن أضع القدر على النار، وأن أرعى الماشية في المرعى، وأن أقف مع أمي في السوق، نبيع ما تحتاج إليه المرأة، وأن أتزوج ، وأحمل بين ضلوعي طفل ذلك الرجل تسعة أشهر ، سأحمل طفلي بيد، وقلمي بيد ، وسوف يكون قلبي هو الوعاء الحافظ لثروات قريتنا ، تلك البيوت المتناثرة داخل سور صنع من الطين، وبوابه كبيرة مصنوعة من الخشب، تغلق مع غروب الشمس، وتفتح مع شروقها على زقزقة الطير ، وصياح الديك ، وغثاء الغنم ، وصوت الأبقار، وتحية الصباح التي يقولها لي عم عوض .. الذي كان يهديني كل عام دراسي ، قلمًا وكتابًا.

اترك رد