بيروت مقر الفرنكوفونية في الشرق الأوسط

 

أكد وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى “إن لبنان الحارسَ لآثارِ حضارات عريقة أقامت فيه، والمنفتحَ على التلاقح الفكري مع جميع الثقافات العالمية من ضمن الضوابط التي تحددها قوانينه، يسره كثيرًا أن يطلَّ قمر الفرنكوفونية من فضاءِ عاصمتِه على الشرق كلِّه ، وأن تكون بيروت الشمسَ التي تدور حولَها كواكبُ الثقافة في فلك هذا العالم.

كلام الوزير المرتضى جاء خلال افتتاحه مقر الفرنكوفونية في الشرق الأوسط، ممثلا رئيس مجلس  الوزراء والامينة العامة للمنظمة السيدة لويز موشيكيوابو ممثلية المنظمة الدولية الفرنكوفونية للشرق الاوسط في بيروت بحضور وزيري الاعلام والتربية المهندس زياد مكاري والقاضي عباس الحلبي ونواب ووزراء سابقين وعدد من سفراء الدول الاعضاء في المنظمة الفرنكوفونية ومما جاء في كلمة وزير الثقافة:

” في وسط بيروت، على مقربةٍ من أطلالِ مدرسة الحقوق الرومانية، في الشارع المجاور لمبنى البرلمان، والقصر الحكومي، ومقر الإسكوا، وبعضِ الوزارات، نلتقي الآنَ لإفتتاحِ ممثلية المنظمةِ الدولية الفرنكوفونية (O I F) للشرق الأوسط. إنها مناسبةٌ بأبعادٍ ثقافيةٍ وسياسيةٍكثيرة، أولُها أن لبنانْ، على الرُغم من جميع الأزمات التي يعبر فيها، لا يزالُ قِبلةَ أنظارِ منظماتٍ ودولٍ لا حصرَ لها، تجدُ فيه فضاءً ثقافيًّا منفتِحًا على إمكاناتِ تطورٍ غير محدودة، بسبب ما يختزنُه تراثُه وشعبُه من غنًى وحرية. فالتاريخ، قديمُه والحديثُ، يشهدُ على إسهاماتِ اللبنانيين حيثما نزلوا، في جميع ميادين المعرفة الإنسانية، بَدْءًا من إختراعهم الأبجدية ونقلِها إلى المقلبِ الآخرِ من حوض البحر الأبيض المتوسط، وصولًا إلى آخر إنجازٍ يحققونه اليوم في الفنون والعلوم وسواها، ويُحرزونَ فيه السَّبْقَ فينالون المراتب الأولى على صعيد العالم أجمع.

وثاني المعاني التي تفرضُها هذه المناسبةُ، أن اللغةَ الفرنسيةَ وقيمَ الفرنكوفونية، تُشكّلُ جزءًا مهمًّا من الهوية الثقافية للبنانَ البلدِ الصغير المتنوّع، بالإضافةِ طبعًا إلى الأساس المتمثل بالعربية لغتِنا الأم، وسائر اللغات الأخرى التي يدأبُ اللبنانيون على تعلمها وإتقانِها واستعمالِها. ذلك بدأت إرهاصاتُه الأولى عندنا، منذ ثلاثة قرون على الأقل، عبر حركة استشراق من هناك، وتعلمٍ من هنا، والتمعَ أكثرَ بتأسيس جامعة القديس يوسف في بيروت، التي شكلت نقطةَ إشعاعٍ فكريٍّ وعلميٍّ ناطقٍ بالفرنسيةِ إغتنى بها الشرقُ كلُّه. ثم ترسَّخَ في فترات لاحقةٍ من التاريخ الحديث والمعاصر، فتمثَّلَ باعتماد الفرنسية لغة تخاطبٍ يوميٍّ مُرَفَّهٍ في مجتمعنا، ولغةَ تعليمٍ أساسية في الجامعاتِ-ومنها الجامعة اللبنانية- والمعاهدِ والمدارس الرسمية والخاصة، ولغةَ إبداعٍ أدبي وشعري لدى كثيرين من الكتاب اللبنانيين، حتى وصل لبنان بشخص الأديب الكبير أمين معلوف إلى اعتلاء أحد كراسي الخالدين في الأكاديمية الفرنسية.

وإذا كانت المنظمة الفرنكوفونية قد عرّفت نفسَها عند تأسيسها بأنها جامعةُ الدول والحكومات الناطقة بالفرنسية، فإنَّ كاتبًا وباحثًا لبنانيًّا هو قاسم محمد عثمان، أعطاها تعريفًا آخرَ متميزًا، اراه متطابقاً مع التعريف الذي يعكِسُ الهوية الحقيقية للبنان، فلبنان والفرنكوفونية واقع معاش ونمط تفكير وسلوك حياة، قبل أن يكونا انخراطًا في نموذج سياسي أو في كيان جغرافي. فهما كيان يتحرك فيه الإنسان ضمن تنوعه العرقي والوطني والديني، وهما مكان للتلاقي بين البشر ولتبادل المعلومات وتناقل المعرفة وتقاسم الثقافة. وهما إطار للتلاقح المثمر ولتقدير الحياة بالمعنى الإنساني والأخلاقي للكلمة. ولأجل ذلك كله، يعيش لبنان والفرنكفونية ويتطوران ويترسخان ضمن التعددية واحترام خصائص الآخر وخصوصياته واختياراته.

أما ثالثُ أبعاد مناسبةِ اليوم، فالتأكيدُ على أن الثقافةَ أرخبيلٌ يوحِّدُ الجغرافيا المتباعدة، في بحر القيم الإنسانية الكبرى، وأهمُّها المحبةُ والسلامُ والتضامنُ بين الشعوب؛ من غير أن ننسى شؤونَ المرأة والطفولة والبيئة، والمعرفةُ الرقمية الحديثة التي ينبغي تأمينُها لجميع البشر على قدم المساواة، وهذا ما سيكون عنوان القمة الفرنكوفونية المقبلة.

إن لبنان الحارسَ لآثارِ حضارات عريقة أقامت فيه، والمنفتحَ على التلاقح الفكري مع جميع الثقافات العالمية من ضمن الضوابط التي تحددها قوانينه، يسره كثيرًا أن يطلَّ قمر الفرنكوفونية من فضاءِ عاصمتِه على الشرق كلِّه ، وأن تكون بيروت الشمسَ التي تدور حولَها كواكبُ الثقافة في فلك هذا العالم.

باسم دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي وباسمي كوزير للثقافة في الجمهورية اللبنانية نرحّب بإفتتاح هذا المقرّ على الأرض اللبنانية ونعلن تطلعنا الى تمتين التعاون الثقافي بين لبنان والمنظمة العالمية للفرنكوفونية  كما نجدد الترحيب بمعالي السيدة لويزموشيكيوابو في لبنان وبين اللبنانيين الذين يقدرونها ويقدرون ما بذَلَتهُ من جهود لتحقيق هذا الإنجاز الذي نلتقي جميعنا اليوم للإحتفال به فشكرا جزيلاً سيدتي على جهودك وعلى محبتك الصادقة ونواياك الصافية تجاه لبنان. عشتم، عاشت المنظمة الدولية للفرنكوفونية وعاش لبنان.

موشيكيو ابو

بدورها اكدت الامينة العامة للمنظمة العالمية للفرنكوفونية السيدة لويز موشيكيوابو  “أهمية افتتاح هذا المقر في لبنان لانفتاحه الحضاري والثقافي على العالم”.مشيرة الى “ان لبنان كان سباقا في اختيار موضوع “حوار الحضارات” خلال القمة الفرنكوفونية التي استضافها عام 2002، مشيرةً إلى” استراتيجية المنظمة لدعم المرأة وعنصر الشباب في بناء المجتمعات كما ان موضوع المعرفة الرقمية سيكون عنوان القمة الفرنكوفونية المرتقبة قريبا في “مدينة جربه-تونس”. وخصت الامينة العامة وزير الثقافة بالشكر الجزيل لمتابعته وفريق وزارته التحضيرات لانجاز هذا المقر ورعايته وحضوره.

اترك رد