بقلم: د. روبير شعيب
اختلفت وسائل الإعلام بشأن تحديد عدد الشباب والشابات الذين كانوا حاضرين في ساحة القديس بطرس الجمعة 14 فبراير 2014، للمشاركة في اللقاء الذي نظمه المجلس الحبري للعائلة من أجل الخطاب، ولكن على الأرجح بلغ عدد المشاركين 27 ألف ثنائي.
لم تكن الساحة ملأى بالبالونات الحمراء على شكل قلب، ولا بـ “الدباديب”، بل ساد جو من الجمال الجدي في الإصغاء للبابا فرنسيس الذي تحدث ببساطة وصدق عن فن الحب بحسب الدين المسيحي. وقد وزع الأب الأقدس على المشاركين الوسادة التي توضع عليها خواتم الالتزام الزوجي (المعروفة بـ “المحابس”).
طرح الشباب في معرض اللقاء مع البابا فرنسيس اليوم بمناسبة عيد القديس فالنتينو ثلاثة أسئلة كان أولها: “صاحب القداسة، يعتقد كثيرون، اليوم، أن الوعد بالأمانة مدى الحياة هو مهمة صعبة جدًا؛ يشعر كثيرون بأن تحدي العيش معًا هو أمر جميل، جذاب، ولكنه متطلب وشبه مستحيل. نطلب إليك كلمتك بهذا الشأن لكي تنيرنا حول هذا الموضوع”.
بدأ البابا جوابه شاكرًا الخطّاب على شهادتهم. وقال إنه من الضرورة بمكان أن يفكر المرء بشأن معنى كلمة “دائمًا”. فكثيرون اليوم يخافون القيام بخيارات نهائية. ففي زمن يتبدل كل شيء بسرعة، يخاف كثيرون مما يدوم ويفضلون البقاء سويًا إلى حين ينتهي الحب، وهكذا ينتهي الزواج.
ولكن، ماذا نعني عندما نتحدث عن “الحب”؟ هل هو شعور عابر؟ هل هو حالة نفسية؟ إذا كان كذلك، فلا يمكننا أن نبني شيئًا ثابتًا. إذا كان الحب علاقة، فهو إذا واقع ينمو. النمو هنا يعني مساعدة الآخر على النمو وتشجيعه على النمو.
وأضاف البابا: “العائلة تولد من مشروع الحب هذا الذي يريد أن ينمو تمامًا مثلما يُبنى بيت يكون موضع عطف، وعون ورجاء ودعم.
ولذا كيف نعالج “الخوف من مدى الحياة” هذا؟ نعالجه يومًا فيوم من خلال الاتكال على الرب يسوع في حياة تضحي مسيرة روحية كل يوم، مسيرة تتألف من خطوات صغيرة، خطوات نمو مشترك”.
في هذه المسيرة، الصلاة هي ضرورية، دومًا. أن يصلي هو من أجلها هي والعكس، وأن يصلي الاثنان معًا.
ثم صلى البابا مع الخطاب جميعًا فقال: “يا رب، أعطنا حبنا اليومي” مستوحيًا الطلبة من صلاة الأبانا.
كان ثانيها: “صاحب القداسة، العيش معًا كل الأيام هو أمر جميل، يمنح الفرح ويقدم السند. ولكنه تحدٍ يجب مواجهته. نؤمن بضرورة أن نتعلم أن نحب. هناك أسلوب لعيش حياة الثنائي، وروحانية يومية يجب أن نتعلمها. هل يمكنك أن تساعدنا في هذا؟”
وكان جواب البابا: العيش معًا هو فنّ، هو مسيرة صبورة، جميلة ومؤثرة. لا يكفي أن تجذبا أحدكما الآخر مرة وفقط. فهذا ليس إلا البدء.
وكرر البابا الكلمات السحرية التي يعلمها دومًا للعائلات: “إذا أمكن، شكرًا، عذرًا”.
إذا أمكن، أو “هل أستطيع؟” هو تعبير لطف يطلب الدخول في حياة الآخر باحترام وانتباه. وذكّر في هذا الصدد أن “اللباقة هي – بحسب زهيرات القديس فرنسيس الأسيزي – من صفات الله. اللباقة هي أخت المحبة، وهي تطفئ البغض وتحفظ المحبة”.
وكلمة شكرًا، رغم أنها تبدو سهلة للفظ، إلا أننا نعرف كم هو صعب أن نشكر. العرفان هو شعور هام! “العرفان هو نبتة تنمو في أرض نبيلة”.
والكلمة الثالثة، كلمة “عفوًا” هي ضرورية، لأننا في حياتنا نرتكب الكثير من الأخطاء. وقلما يمر يوم من دون أن نرتكب أخطاءً. الجدال بين الأزواج هو أمر اعتيادي. ولكن تعودوا ألا تنهوا أبدًا اليوم من دون أن تتصالحوا.
كان ثالثها: “صاحب القداسة، في هذه الأشهر، نستعد للاحتفال بزواجنا. هل يمكنك أن تقدم لنا بعض النصائح للاحتفال بزواجنا بشكل جيد؟”
شدد البابا في نصائحه على أن يكون الاحتفال “عيدًا حقًا” لأن الزواج هو عيد، عيد مسيحي، لا عيدًا دنيويًا”. وجوهر فرح الزواج هو حضور المسيح، كما في عرس قانا. ففي الزواج لا نقدم “الشاي” نقدم “الخمر الطيب”. وحضور يسوع يضمن الخمر الطيب!
ثم نصح بأن يكون الاحتفال بالزواج متزناً وقنوعًا وألا يضيع العرسان ويخسرا سلامهما الداخلي وراء الاستعدادات اللامتناهية والخارجية. فعلى العلامات الخارجية أن تشير إلى أمر مهم وهو حضور الرب الذي هو مدعاة فرح العروسين.
تغريدة البابا
في يوم عيد القديس فالنتينو، لم ينس البابا فرنسيس أن يوجه كلمة لسر الزواج الذي هو بيئة عيش الحب البشري الأسمى، فكتب على تويتر:”أيها الشباب، لا تخافوا من الزواج: فاتحدوا في زواج أمين ومُثمِر، وستكونون سعداء”.
Zenit.org