المئوية الأولى لولادة “مفكر الإنماء” الدكتور حسن صعب

 

بمناسبة المئوية الأولى لولادة مفكر الإنماء الدكتور حسن صعب كتب المنسق الإعلامي لمكتبة ومؤسسة حسن صعب للدراسات والأبحاث، محمد ع.درويش بيانا وجاء فيه :

هذا العام هو الذكرى المئوية الأولى لولادة “مفكر الإنماء”حسن صعب.

حسن صعب ولد في مدينة بيروت بتاريخ 1922/10/15  وحيدا من زواج أبيه وأمه القصير العمر. فوالده حسن صعب الذي حمل إسمه توفي قبل ولادته بثلاثة أشهر، وكان عائدا من مصر بطريق البحر فدفن في فلسطين، ووالدته حفصة أحمد نعماني. وكانت جدته هند نعماني مربيته الأولى وهو رضيع.

سيرة حياته منذ طفولته ترسم صورة الإنسان العصامي المكافح.

الدراسة في الكلية الشرعية ثم في القاهرة

‏عام 1935 اختار المفتي الشيخ محمد توفيق خالد مجموعة من طلبة المقاصد للدراسة في الكلية الشرعية في بيروت (المعروفة بذكرى خالد والحوت) (عرفت لاحقا بثانوية أزهر لبنان) وضمت الى حسن صعب ، محمد البعلبكي، بهيج عثمان ، رمضان لاوند، شفيق يموت ، محي الدين العربي العزوري، عبد الله المغربل ، زين العابدين عيتاني، ابراهيم نحاس، ابراهيم زين، رؤوف كزكزك (من حماه). أحمد يوسف حمود، محي الدين خالد وعباس ‏خليفة.

‏ثم اختار بعد سنتين دفعة ثانية أبرز من فيها حسن خالد (مفتي الجمهورية اللبنانية لاحقا) ‏سهيل ادريس، طه الولي ، عبد الحفيظ سلام ومختار الجندي. بعض هؤلاء التلامذة انتقل الى الدراسة المدنية باكرا كمحمد البعلبكي الذي تابع دراسته في الجامعة الاميركية في بيروت. والبعض الآخر انتقل الى الازهر الشريف في القاهرة، ثم انتقل الى كلية الآداب بجامعة القاهرة ومنهم حسن صعب وبهيج عثمان حيث نال شهادة الليسانس عام 1942.

في جامعة القاهرة كان حسن صعب لولب الحركات الطالبية وقائد المظاهرات المطالبة بالاستقلال والحرية. وعندما قاد تظاهرات الترحيب بأول وفد استقلالي لبناني يزور القاهرة برئاسة رياض الصلح عام 1943 ، طلب منه رياض العودة الى لبنان للالتحاق بوزارة الخارجية.

المرحلة الدبلوماسية الاولى 1944 – 1960

وفي طريق عودته برا الى بيروت اعتقلته السلطات البريطانية في فلسطين عقابا على نضاله الطالبي العربي في مصر. و لم يفرج عنه الا بعد ضغوط كبيرة مارسها أصدقاؤه في بيروت. بدأ حياته الدبلوماسية مع أول مباراة في وزارة الخارجية عام 1944 فألحق بمفوضية لبنان في باريس عامي 1945 – 1946 ضمن البعثة الدبلوماسية التي يرأسها أحمد الداعوق، ثم كنائب قنصل في اسطنبول ( 1946 – 1947)، فرئيس لدائرتي الصحافة الثقافية في الادارة المركزية لوزارة الخارجية اللبنانية (1947 – 1950) ثم عين سكرتيرا للسفارة اللبنانية في واشنطن وقائما بالاعمال بالوكالة (1950 – 1956) وكان السفير يومها، شارل مالك. وفي واشنطن أنهى دراساته العليا ونال الدكتوراه في علم السياسة عام  1956 من جامعة جورج تاون.

‏وعاد الى الادارة المركزية لوزارة الخارجية عام 1956 ليصبح مستشارا ومديرا للشؤون السياسية بالوكالة. عام 1957 وكان استاذا في الجامعة الاميركية في بيروت، تعرف الى نعمت حبيب غندور، فتزوجها، وانجب منها ولداه حسان ومروان. وأسس عام 1958 الجمعية اللبنانية للعلوم السياسية وكان أول رئيس لها.

‏استقال من وزارة الخارجية عام 1960 ليخوض معترك الحياة السياسية العملية بعد أن درس علم السياسة في مختلف الجامعات في لبنان. وكانت تجربة انتخابات دائرة بيروت الثانية مريرة بالنسبة له.

فالبلاد كانت خارجة من أحداث 1958 تعيش مناخاتها السياسية المتطرفة وكان الفوز في معظم مناطق لبنان لرموز ما عرف “بالثورة” و “الثورة المضادة” . وحورب الدبلوماسي المثقف والعصامي ابن مدارس المقاصد والازهر الشريف بأنه غربي الميول السياسية. والحقيقة أنه كان منفتحا ومطلعا على الثقافة الغربية مع التزام بجذوره الثقافية العربية – الاسلامية، ومع التزام بتوازن دقيق يجمع بين القومية العربية ‏والوطنية اللبناية بصيغة كامل لا تناقض.

المرحلة الدبلوماسية الثانية 1961 – 1964

عاد الى العمل الدبلوماسي عام 1961 كمستشار ثقافي لبناني في أميركا الشمالية. وفي الفترة بين 1961و 1964 قام حسن صعب بنشاط خارق زار جميع الولايات الاميركية بالاضافة الى كندا، وألقى محاضرات في مئة وثمان وعشرين جامعة تناولت مختلف القضايا ‏اللبنانية والعربية مع تركيز خاص على القضية الفلسطينية والتواصل الاسلامي المسيحي. كما اتصل شخصيا بكل طالب لبناني في الولايات المتحدة وكندا حاثا إياه على العودة ‏الى الوطن.

بيروت اولاً و اخيراً مرحلة العطاء الكبير 1964 – 1990

‏لكن هوى حسن صعب يبقى في لبنان ، في العاصمة بيروت، وفي منطقة رمل الظريف – الزيدانية بشكل خاص. فاتخذ عام 1964 قرار الاستقرار النهائي في بيروت. استقال من السلك الدبلوماسي نهائيا وانصرف الى التدريس الجامعي والكتابة. وأسس مع زكي مزبودي وشارل رزق ” ندوة الدراسات الانمائية” التي قام لها الجزء الأكبر من حياته وأطلق مع رفاقه، ومن خلالها، بداية الوعي الانمائي، وضرورة تحقيق ثورة انمائية أرادها ‏شاملة وفي مختلف الحقول.

ربع القرن الاخير من حياة حسن صعب وفي بيروت وخارجها تميز بالعطاء اللامحدود. تدريس في الجامعات: اللبنانية والقديس يوسف والروح القدس في الكسليك والجامعة الاميركية والاكاديمية اللبناية والمدرسة الحربية بالاضافة الى المعاهد العليا في القاهرة وجامعة الكويت وجامعة الرياض فضلا عن جامعة اوتاوا في الولايات المتحدة الاميركية. وعمادة لكلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبناية، وتأسيس لهيئة التعبئة الوطنية في بيروت اثر نكسة حزيران 1967، والتي نشط فيها برئاسته نخبة المثقفين والقياديين اللبنانيين في مختلف الحقول في تجربة تعبوية فريدة. واذا كان البعض قد انتقد تلك التجربة في حينه واعتبرها تنفيسا للطاقات التي  تفجرت ما بعد النكسة ، ‏فان الاكثرية اعتبرتها تعبئة حقيقية في مجال ايجابي، وان كان نظريا، لطاقات لم يكن متاحا لها أصلا ان تشارك في الحرب على الجبهات. وأبرز ما فيها أنها شملت مختلف الاتجاهات السياسية في عمل موحد من أجل قضية قومية : قضية الصراع العربي – الاسرائيلي ومن منطلق يعتبر الصراع حضاريا بالدرجة الأولى ويعمل على هذا الاساس .

‏وتحقيق لمشروع قانون انتخابي موحد شاركت في وضعه جميع الاحزاب اللبنانية عام 1973 بعد اجتماعات متواصلة استمرت عدة أشهر في ندوة الدراسات الانمائية وهو ما اعتبر في حينه انجازا كبيرا لا يستطيع تحقيقه سوى حسن صعب.

‏وتنظيم أو ترؤس ومشاركة في عشرات المؤتمرات والندوات والمحاضرات بينها 14 مؤتمراً انمائياً في بيروت وحدها بين اعوام 1964 و 1990 فضلا عن تأسيس معهد الانماء العربي في طرابلس الغرب 1972، وهو المؤسسة التي ارادها موقعا للعلماء العرب المنتشرين في العالم، وحلم  بمدينة للعلماء تحضنهم، وهو حلم لم يتحقق لانقطاع علاقته بالمعهد بعد فترة قصيرة من تأسيسه. وعشرات المؤلفات في مختلف الحقول ومئات المحاضرات في مختلف بقاع الارض.

‏وانجاز لبناني تاريخي لحسن صعب لعله انجازه الاكبر كما يقول الرئيس سليم الحص وهو ادخال لبنان في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الكسو) بعد غياب لبناني استمر عشرين عاماً ، ‏وانتخابه عضوا في مجلسها التنفيذي ونائبا لرئيس مؤتمرها العام سنة 1985، قبل خمس سنوات من اقرار مجلسي الوزراء والنواب لانضمام لبنان للمنظمة المذكورة. وكان يوم الثاني والعشرين من تموز 1990 ينوي السفر الى تونس للشماركة في اجتماع المجلس التنفيذي وليزف للعرب بشرى قرار مجلس الوزراء بتصديق انضمام لبنان الى “الكسو” عندما فاجأته النوبة القلبية الاخيرة.

نظرة الى الانسان

لو كان علي أن اختصر نظرتي الى حسن صعب الانسان الذي كان لقلت: كان عقلا وكان ارادة. كان عقلا نيراً وارادة صلبة. العقل عنده برأي هو عقل الفيلسوف المنفتح على مختلف العلوم والثقافات والتجارب الانسانية، الحالم بمستقبل أفضل لأمته وللإنسانية. وهو العقل الذي جعل منه في آن المفكر الاسلامي والدبلوماسي واستاذ في علم السياسة ورائد الانماء وسوى ذلك. هو العقل الذي ينهل من تراثه العربي والاسلامي ويتكيف مع آخر الانجازات العلمية والتكنولوجية.

‏هكذا كان طفلا في الكلية الشرعية عندما اعتبر أن غايتها : (الكلام له) “أن تجمع في ‏تعليم الطالب بين علوم الدين وعلوم الدنيا ، ‏لتهيء المتخرج لأن يعلم الانسان علوم الدين بلغة دنيوية، أي علوم السلف بلغة العصر. فعُمدنا ونحن نكاد نتجاوز الثانية عشرة من عمرنا “مشايخ عصريين”.

‏وهكذا كان عندما ألف كتابه الرائد “الاسلام وتحديات الحياة العصرية” الذي دفع ببعض السياسيين لترشيحه لمنصب الافتاء لكنه اعتذر.

‏كان يؤمن بقدرة العقل البشري على صنع التقدم ، وكان يؤمن بأن للعقل العربي دورا يجب أن يلعبه في الحضارة الانسانية ، وان الشعب الذي ابرز يوماً “ابن خلدون” و “ابن ‏رشد” وسواهم قادر أن يلعب الدور الرائد في العالم من جديد. وكان يعتقد أن التواصل الحضاري بين الامم هو الطريق الى المستقبل. وطريق العرب بشكل خاص. وفي هذا المجال قدم كتابه “تحديث العقل العربي”.

واذا كان لحسن صعب عقل الفيلسوف العصري، فقد كانت له ارادة حديدية جعلت البعض يشبهه بالجرافة البشرية. وصفه البعض بأنه ليس حسن صعب بل “حسن مستحيل”. و كان يضحك لهذه التسمية. والحقيقة أنه كان طوال حياته يقهر الصعاب ولا ‏يعرف المستحيل.

وكانت ارادته تدفعه دائماً لتحقيق ما يعجز عنه غيره. وهل حقق سواه مشروع قانون موحد للانتخابات النيابية شاركت في وضعه جميع الاحزاب ؟

‏وهل يستطيع غير حسن صعب أن يدخل بلاده في منظمة عربية اقليمية (الكسو) وينتخب عضوا في مجلسها التنفيذي قبل ان تقر حكومة بلاده أو مجلسها التشريعي الانضمام اليها بخمس سنوات.

حسن صعب الانسان هو رجل الحوار الدائم والمؤمن بحرية الرأي وبالديمقراطية يمارسها ويبشر بها. نراه يحاور في بيروت ويحاور في انطلياس وفي طرابلس وزحلة ويحاور الاشقاء العرب والاجانب في المؤتمرات الدولية في شتى أنحاء المعمورة. لم يكن يعترف بباب موصد أمام الحوار بين اللبنانيين، وبالتال اخترق كل حواجز الحرب النفسية والأمنية وزار معظم المناطق اللبنانية وكان لولب الكثير من مؤتمرات الحوار الوطني، ولعل من أبرزها الحوار الذي قادته ندوة الدراسات الانمائية بشخصه مع نقابة الصحافة بشخص نقيبها رياض طه في مطلع الحرب عام 1975 .

‏وشارك في العديد من مؤتمرات الحوار الاسلامي المسيحي في سائر أنحاء العالم وأبرزها هيئة الحوار الاسلامي المسيحي للندوة اللبنانية في بيروت 1967 – 1968  وحلقات الحوار الاسلامي – المسيحي لمجلس اتحاد الكنائس المسيحية 1970 – 1976 .

‏وكان لولب النشاطات الثقافية ليس فقط من خلال الجمعيات التي أسسها منذ كان طالباً في مدرسة أبي بكر الصديق بل من خلال التجمعات الثقافية التي شارك بها مع أبرز الهيئات الثقافية اللبنانية في السنوات الثلاث الاخيرة.

وفي كل حياته الحوارية والفكرية كان حسن صعب ثورة مستمرة من اجل العقل والاعتدال وصنع التقدم. وجسد حسن صعب، التكامل الدقيق بين الايمان بالله، والثقة ‏الكبيرة بقدرة العقل البشري على صنع التقدم.

‏قليلون هم الحياديون او اللامبالون في نظرتهم لحسن صعب ، فمعظم الناس معه أو ضده كما الحال بالنسبة لأصحاب الفعل والموقف في شتى المجالات. والرجل مقاتل مدني يقاتل بالكلمة والموقف من اجل كل ما يؤمن أو يقتنع به. لايهادن ولا يجامل. لا يهمه من يرضى ومن يغضب. المهم أن تسير جرافته البشرية لتحقيق أهدافها، تقتحم الصعب وتتحدى المستحيل.

لهذا نجح كأبرز اساتذة السياسة وعلمائها و لم ينجح كسياسي محلي. نعم، مقاتل مدني ومناضل من اجل الحياة ومن أجل التقدم من البداية حتى النهاية. أو لم يناضل منذ يومه الاول ضد اليتم والفقر والمرض والجهل. أو لم يكتب في مذكرات اليوم الأخير وكانت الأزمة القلبية قد داهمته :

‏”خلقنا لنحيا، الحياة وحدها تستحق أن نكونها، وأنا أريد أن أكون ، أريد أن أحياء أريد أن أتحرك ، أريد أن أخلق، أريد أن أذهب الى تونس لأحارب من أحارب في “الكسو” ولأسالم من أسالم. هكذا كان وجودي في هذه المنظمة بعد ان اقتحمت لبنان فيها عام 1985 بعد مقاطعة خمسة عشر عاما. لماذا فعلت ذلك، لأن لبنان عربي، بل رائد في منظمة الثقافة العربية”.

والرجل الذي لم يتوقف عن الكتابة أثناء نوبته القلبية الاخيرة ، حسن صعب العقل النير والارادة الجبارة ، لم يتوقف عن العمل المتواصل ليل نهار. لم تثنه عملية القلب المفتوح في لندن عام 1974، ولا نصائح الاطباء في السنوات الاخيرة بعد نكستين صحيتين في القلب عامي 1986 و 1987  فنشر في العام الاخير ثلاثة كتب وترك عدة مخطوطات غير منشورة و كأنه يسابق القدر.

حسن صعب لم يحاول يوماً أن يجمع مالاً، لكنه ترك ثروة ‏ضخمة من الكتب والمقالات والانجازات العلمية، وعائلة صغيرة، العلم محورها : حسان الدكتور في الهندسة الكيمائية، ومروان الد كتور في طب الاشعة، والزوجة نعمت الدكتورة في علم المكتبات.

لذا نستذكره اليوم وفاء وتكريما، لرجل عالم، لإنسان مبدع، غادرنا وهو في قمة عطائه وفي قمة إبداعه. رجل عرف قيمة العقل في تطور الإنسان وإنمائه فدعا الى لبنان العقل لا لبنان العنف. حسن صعب في مدرسته السياسية العقلانية كان يقول دائما ويكتب ان استقلال لبنان الحقيقي هو في إنمائه وتطويره من دولة متخلفة الى دولة متقدمة. آمن بلبنان الحرية والفكر والانفتاح ونبذ العبودية والكبت والتعصب.

حسن صعب شخصية وطنية لعبت ادوارا مفصلية في الدفاع عن الحريات العامة، وحقوف الإنسان والتنمية البشرية. وهو أبرز قياديي المجتمع المدني اللبناني وأحد ابرز وجوهه على مدى العقود الماضية.

حسن صعب المدافع عن شرعة حقوق الإنسان كل الإنسان في اي مكان من العالم.

فالإنسان هو الإنسان، ولا فرق بين الناس من أية طينة كانوا، وهذا هو التكافل الإجتماعي الذي نشأ عليه حسن صعب في دراسته الأزهرية، واتخذه مبدأ في مسيرته الفكرية والسياسية وفي تعلمه وتعليمه الجامعي. فكانت اتجاهاته مناهج قويمة لإبنائه الذين حالفهم حظ وافر فنهلوا من ينابع ايمانه بالإنسان اساسا للكون وبالوطن واحدا موحدا وسيدا مستقلا.

وفي السنوات العجاف التي عصفت بلبنان كان له دور توافقي، فكان همزة وصل بين الفرق من كل المعتقدات والتوجهات، فما انحاز الى فريق، بل كان همه ان يجتمع اللبنانيون على كلمة سواء بينهم : هي بقاء لبنان وطنا للجميع.

ولقد آمن حسن صعب بتكامل وطنه لبنان مع محيطه العربي فجاهد في هذا المجال الى ابعد الحدود، فكان له الدور البارز في انضمام لبنان الى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الكسو”.

وحسب حسن صعب ان إنسانيته تجاوزت حدود الوطن العربي لتعم العالم، وتتردد كلماته على كل لسان من خلال ندواته ومحاضراته التي لا تحصى .. فكان شعاره “إنماء الإنسان كل إنسان وكل الإنسان” يجعلنا ندرك الأبعاد التي كان يهدف اليها، وهي قيمة الفرد في تكوين المجتمع وتكامله، وقيمة المجتمعات في تكوين العالم الإنساني.

فالذات الإنسانية هي المحور وهي القاعدة التي يبنى عليها هرم حياة الشعوب، وما دونها مسخر لخدمة الإنسان. وإنماء الإنسان الفرد في أية بقعة من الأرض يعني إنماء البشرية بكل طاقاتها وقدراتها. واهمال الإنسان الفرد بعيدا عن اكتفاء مجتمع ما يعني إنهيار هذا المجتمع وإنسلاخه من اطر التحضر واللإنسانية.

مكتبة حسن صعب هي وليد “بيت الذاكرة اللبنانية”

إن رسالةُ لبنان الحضارية التي نسعى جَميعاً إلى حفظها والحفاظ عليها بأمانة. فلبنان، منذ القِدَم، متميّزٌ بعطائه الفكري وأعلامه الذين انتشروا منه إلى أقاصي الأرض شرقاً وغرباً، فأسهموا في نهضةٍ هنا، وفي تجديد هناك، وفي عمرانٍ هنالك، حتى قيل إن لبنان الانتشار أمبراطوريةٌ لا تغيب عنها الشمس.

ولا يزال لبنان الحضاري متألقاً في العالم، فيطلُ بين الحين والآخر، في حقول المعرفة، لبناني لامعٌ يتردّد اسمه في الإعلام العالمي، فيعتزُّ به العلم والفكر ويكبر به لبنان.

وفي هذا الوقت الذي تمر به المنطقة من عواصف وأنواء، يتمسك لبنان أكثر بوحدته الوطنية، بشعبه الموحّد على إبقاء لبنان بعيداً عن ساحات الصراع، بعدما تشظَّت على ساحاته صراعاتُ الآخرين فزادَته وحدة وتماسُكاً وقدرة بقاء.

وإذا كان لكل بلدٍ هويةٌ عالمية يطل بها على العالم، فهوية لبنان أن يكون ويبقى وطن الحوار الدائم، الحوار الهادىء، الحوار المسؤول، الحوار السياسي والحوار الديني، الحوار الحضاري والحوار الذي يؤول إلى جعل كل لبناني مسؤولاً عن حضانة لبنان في قلبه كأنه هو كلُّ الوطن أو كأنه أبو هذا الوطن وإبنُه والمسؤول الوحيد عنه.

هكذا نبني لنا وطناً نسَلِّمُ شعلته لأبنائنا، وأبناؤُنا لأولادهم وأحفادهم، فيتواصل لبنان في الزمان وطناً مثالياً لا يتفرَّد بعطائه فقط، ولا بأبنائه فقط، بل بهويته الحضارية التي تسري نموذجاً في الأوطان وتماسُك أبنائها.

إلى هذه الرسالة الحضارية تنبّه “حسن صعب”، فسعى إلى إبراز صورة لبنان التراثية والحضارية والفكرية والأدبية والاكاديمية والإنمائية على مختلف الصعد.

ومتى تكاثرت في لبنان مكتبات شبيهة في جامعات ومؤسسات وهيئات لبنانية شبيهة، ينهض لبنان من تاريخه الغنّي إلى حاضرٍ يغنى به، ومستقبلٍ يقطف من الحاضر والماضي عنواناً يَهتدي به ويُهتدى إليه من نتاجه التراثي الغنّي.

ولأن هذه المكتبة هي وليد ” بيت الذاكرة اللبنانية”، يحفظ نتاج لبنان الفكري للأجيال المقبلة كي لا يتيه فيُمسي نهب الأيدي أو يغرق في الزهايمر الأيام. لذا دعونا إلى أن نحفظ مستقبلنا في الحفاظ على حاضرنا دليل حضورنا في الزمان. فإذا كنا نحفظ في المصارف أموالنا والودائع، وفي خزناتٍ أمينةٍ حِلِيَّنا والجواهر، أجدر بنا أن نحفظ تراثاً هو لبلادنا أغلى من المال وأبقى، وأثمنُ من الحِلِي وأرقى.

وإذا كان مفيداً أن نتذكر تاريخنا وماضينا وتراثنا، فالفائدة الأكبر أن نعي ما بناهُ آباؤنا والأجداد ونُضيف إليه مدماكاً حضارياً جديداً يجعل أحفاده يباهون به وبنا، وكم بعيدٌ عن هذا الشأن النبيل : ما نشهده يومياً من طائفيات ومذهبيات وآنانيات وفئويات وسجالات ومشاهد مقيتة، لا خلاص منها جميعها إلا بسبيل واحد أحد : هو الإبداع الذي وحدهُ يُعوض عن المساحة والعدد، ويَفِرزُ للبنان الذي يليقُ به.

وإنها مناسبةٌ لنطرح الصوت على من يُمسكون بالمصير وقرار الحلّ والربط، أن يُفسِحوا أمام رجالاتنا والأكاديميين والمبدعين في جميع الحقول، أن يكون له دورٌ في بناء لبنان حتى يكون قولاً وفعلاً “لبنان الرسالة”.

لما كان الدكتور حسن صعب يمتلك مكتبة تنوعت مضامينها بين علوم الآداب والأديان والقوانين والسياسة وعلوم المكتبات.

ولما كانت هذه المكتبة تحوي ما يزيد عن ثلاثين ألف كتاب عدا المجلدات لصحف لبنانبة ومجلدات لمجلات أخرى لبنانية.

وحيث أن الدكتور صعب وما عُرف عنه من أكاديمية وعلوم متعددة يحترم الكتب وأصحابها ويقتنيها لكونه يرى فيها المرجع لكل أمرٍ والصديق والجليس.

إن وطناً يعرف كيف يحفظ ذاكرته ويحافظ عليها، وطنٌ يعيش بذاكرة المستقبل.

وإنه هكذا لبنان. وهكذا يجب أن نكون كي نستحقَّ بُنُوّة لبنان.

الدكتور حسن صعب في سطور

ولد حسن صعب في بيروت في 15/10/ 1922، وتوفي في 25/7/1990. متأهل من نعمت حبيب غندور، دكتوراه في علم المكتبات، ولهما ولدان هما حسان دكتوراه في الهندسة الكيميائية، مروان دكتوراه في الاشعة، الأحفاد : حسن، سامي، هديل وسيرين. نال حسن صعب ليسانس الآداب من جامعة  القاهرة في العام 1945، وفي العام نفسه أمضى سنة دراسية في كلية الحقوق في جامعة باريس. وفي العام 1956 نال دكتوراه في علم السياسة من جامعة جورج تاون. الشاب المتعدد المواهب امتلك طموحاً مبكراً أهّله للمزاوجة لاحقاً بين عراقة الشرق ورسالته الحضارية وثقافة الغرب وثورته العلمية. وبدا ذلك في تنوع مشاربه الثقافية والتعدد اللغوي الذي عاشه واختبره. أتقن الفرنسية والانكليزية، إلى جانب العربية لغته الأم، فكتب وحاضر ونشر وترجم فيها. وبذلك فإن دعوته إلى التفاعل والتواصل بين مختلف الثقافات لم تبقَ أسيرة الحبر والورق؛ بل جاءت تطبيقاً لما كان يعتقد ويعلن.

شخصيته التي عُرفت بتعدد الجوانب صقلتها حصيلة خبراته المتراكمة وخدماته في الحقلين الديبلوماسي (1945 ـ 1990) والجامعي( 1964 ـ 1990). فسجله الإداري والأكاديمي الحافل هو خير شهادة له. فقد تقلد مناصب متعددة في كل من وزارة الخارجية اللبنانية وجامعة الدول العربية ومنظمتي الألكسو واليونسكو.

برز في مجال التعليم التربوي الذي واكب نشاطاته الفكرية والقلمية. فقد عرفته مختلف المعاهد الأهلية (المقاصد) والجامعات العاملة في لبنان أستاذاً محاضراً وعميداً. ودرّس أيضاً في مؤسسات عربية (القاهرة، الكويت، الرياض، البحرين، الإمارات، عُمان) وأخرى غربية (يوتاه، كاليفورنيا، لوس أنجلوس).

آمن بالعمل المؤسساتي سبيلاً لتحقيق أفكاره المستقبلية فأسس ” الجمعية اللبنانية للعلوم السياسية، بعد ازمة 1958 حين كثرت الجمعيات الفكرية التي سعت إلى جمع اللبنانيين،بموجب العلم والخبر الرقم 660 تاريخ 20/5/1958 وهدفها : “بعث حركة فكرية وتنشيط البحوث العلمية في حقول السياسة والادارة العامة والحقوق الدستورية والعلاقات الدولية والقانون الدولي، وللجمعية تراث ضخم من الابحاث في العلوم السياسية اهمها مؤتمرات دولية ومنشورات كالمجلة اللبنانية للعلوم السياسية. وكانت الهيئة الادارية الاولى من حسن صعب (رئيساً(، وفي العام 1964 أسس “ندوة الدراسات الإنمائية”، وصرف فيها أحلى سني حياته منظماً ومحاضراً وكاتباً. فأشرف على تنظيم 14 مؤتمراً وطنياً (1964 ـ 1990) والعديد من الندوات والحلقات الدراسية ، وورش العمل (1969 ـ 1977) واشرف على كل إصداراتها في حياته (42 كتاباً). لكن انصرافه إلى متابعة مسألة الإنماء في ارتباطه الوثيق بالإنسان والعمران ومستقبل البشرية، لم يثنه عن مقاربة مختلف مجالات الكتابة وأشكالها. فاعتمدها وسيلة موضوعية لمعالجة مسائل حيوية أساسية تتصل بتطور مجتمعاتنا وتحرر إنساننا العربي وتعزيز سبل اتصاله بالعالم من حوله. لذا نجده يصول ويجول إن في ميادين علم السياسة مؤلفاً “علم السياسة”، أو في المجال التواصلي الإعلامي “إعجاز التواصل الحضاري الإعلامي”، أو في الشأن السياسي اللبناني “لبنان العقل لا لبنان العنف”.

مؤلفاته الإسلامية تنم عن عمق إيمانه بالدين القويم وبوحدانيته، وسعيه لإظهار الحقائق المشتركة بين الإسلام والمسيحية. ثلاثيته “إسلام الحرية لا إسلام العبودية” و”الإسلام وتحديات العصر” و”الإسلام والإنسان”، تؤكد على أن الإسلام ثورة اجتهادية مستديمة. العرب وثقافتهم ومستقبلهم موضوع شغله. فكتب “العرب يبدعون مستقبلهم”، و”نظرة جديدة إلى الاتحاد العربي” و”الإنسان العربي وتحدي الثورة العلمية والتكنولوجيا” و”تحديث العقل العربي”. وفي السياق نفسه التفت إلى موضوعه المفضل في شموليته العربية فكتب “المقاربة المستقبلية للإنماء العربي”.

حصيلة إيمانه بفعالية الكلمة في اختزان المعرفة وتحفيز القارئ تمثلت في ترجمة خمسة مؤلفات ووضع 17 بالعربية واثنين بالإنكليزية. كما شارك بتأليف خمسة مؤلفات بالإنكليزية وأشرف على إصدار سبعة بالعربية.

وجوه مؤتلفة تضافرت لتظهير الصورة الحقيقية لهذا المفكر الرائد وأستاذ العلوم السياسية المبرز. فقد كان الإنسان والكاتب ورجل الحوار. لم يترك موضوعاً فكرياً يتصل بالهاجسين اللذين تملكاه: الإنماء والإنسان إلا وطرقه. لذا، تعددت المجالات الفكرية التي خاضها بجرأة وجدارة.

ويبقى لحسن صعب ريادته في مجال حيوي هو عنوان لرقي المجتمعات وتصنيفها. مجال غفل الكثيرون من أصحاب القرار، في حينها عن إيلائه كبير إهتمام. لكنه لم يكن عصياً على إنسان رؤيوي متفتح الذهن آمن بأن قدره وعمله ارتبطا بنهضة مجتمعه. فنذر نفسه لهذه المهمة وترك لنا ثروة فكرية تعدادها الأرقام والإحصاءات والدراسات والرؤى والمشاريع.

حينما يذكر الدكتور حسن صعب، تتمثل في الذهن على الفور صورة الأكاديمي، صاحب الفكر الخلاق والرؤية الاستشرافية. ارتبط اسمه بالإنماء فبات مرادفاً لشخصه وفكره، لأقواله ولأعماله على حدّ سواء. جهد وعمل وكتب، على مدى نصف قرن ونيف، لاعطاء الإنماء مفهوماً متجدداً ولإرساء منظومة مصطلحاته ومبادئه ووضعه موضع التداول العملي في لبنان والعالم العربي.

نعمت غندور ارملة حسن صعب تشيد بدوره الريادي مؤكدة على أن احياء مكتبته هي إعادة بناء وإحياء دور لبنان الطليعي

لذا تشيد الدكتورة نعمت حبيب غندور ارملة الدكتور حسن صعب بدور د.صعب الريادي في الثقافة والكتاب والفكر والعلم والمعرفة. مؤكدة على أن احياء مكتبة الدكتور حسن صعب هي إعادة بناء وإحياء دور لبنان الطليعي على المستويات الاقتصادية والإعمارية والإنمائية والثقافية.

إن هذه المكتبة قد أسهمت من سابق عهدها الذهبي في صيانة وتعزيز الهوية الثقافية اللبنانية، وذلك بتطوير البحث العلمي في الأدب والتراث والإنماء، وتنظيم المعارض، ورعاية المنتديات والنشاطات الثقافية والفنية التي أتاحت فرصاً واسعة للمؤلفين والمبدعين من الكتاب والأدباء والفنانين والعلماء ليس على مستوى لبنان والعالم العربي فحسب، بل ومن كل أنحاء العالم في المشاركة والتفاعل وبناء جسور الصداقة والمحبة.

وتعتبر المكتبة المرفق الثقافي الهام  ويتشكل عملها الأساسي على تجميع التراث الفكري اللبناني وتعزيز الحيوية الثقافية، كما تعتبر مركزا متخصصا بشؤون الكتاب والمكتبات في لبنان والعالم العربي.

وتسعى المكتبة لاستعادة روح الانفتاح والبحث، حيث تهدف إلى أن تكون مركزاً للتميز في إنتاج ونشر المعرفة، وملتقى للحوار والتفاهم بين الشعوب والحضارات.

وها نحن اليوم نرسم ملامح الأفق الآتي، وغاية مبتغانا أن تحلق المكتبة في آفاق المكتبات، ثم تجاوزها إلى سماوات أرحب خيالاً، وإبداعاً وتوهجاً ثقافياً .. لتطبع المكتبة آثارها في الواقع، مثلما حفرت المكتبة آثارها في ذاكرة الانسانية، ولا تزال حتى يومنا هذا عالقة في أذهان جميع العلماء والمفكرين. وفي سبيل إنماء الإنسان كل إنسان وكل الإنسان.

إن إحياء مكتبة الدكتور حسن صعب، استاذ علم السياسة في الجامعة اللبنانية وعميد كلية الاعلام، ومؤسس وامين عام “ندوة الدراسات الإنمائية” لنجدد العهد على أننا سنظل أوفياء لرسالته الإنمائية، والتي بذل لها حياته وروحه، فنال شرف الشهادة في سبيل إنماء لبنان وإنماء العرب وإنماء الإنسان.

إن الثورة الإنمائية اللبنانية هي حركة النضال المستمر والخلاق في سبيل تحقيق الحرية والتقدم لبنان أي لكل مواطن لبناني، وفي سبيل تحويل لبنان من دولة نامية إلى دولة متقدمة، وفي سبيل الانطلاق بالشعب اللبناني، أسرع ما يكن من وقت من قافلة التخلف إلى طليعة التقدم الإنساني. وإذا تذكرنا أن الدول المتقدمة دخلت عهد التقدم الما بعد – صناعي بينما لم ندخل نحن بعد عهد التقدم الصناعي أدركنا الفاصل الذي ما يزال علينا أن نجتازه لنبلغ منزلة المتقدمين.

وكان حسن صعب واعياً لحقيقة هذا الفاصل ونضالاً لا هوادة فيه للالتزام بالتخطيط الواجب في جميع ميادين الحياة لإلغائه أي للتحرر من التخلف بجميع صوره الطبيعية والاجتماعية. ووفاؤنا لرسالته‏ وأمانتنا لذكراه يفرضان علينا أن نعمل جميعاً متعاونين ليصير وعيه هذا وعي كل مواطن لبناني ووعي كل أخ عربي ووعي كل إنسان. فتقدم كل إنسان يتوقف على تقدم الإنسان الآخر.

ولتجديد هذا الالتزام وتأكيداً لحفظ أرثه، تضم مكتبة المرحوم الدكتور حسن صعب مجموعةً قيّمة من الكتب التي تغطي المواضيع ” الأديان، الاسلام، المسيحية، علم السياسة، القانون، التاريخ، التربية، الاجتماع، ومعظم جوانب الإنماء في لبنان والمؤتمرات الوطنيّة للإنماء التي أطلقها الراحل الدكتور حسن صعب في السبعينيّات من القرن الماضي، ولقد كان شعار الدكتور صعب آنذاك “إنماء الإنسان…كل إنسان…وكلّ الإنسان”. ولقد تمكّن من خلال المنشورات الدوريّة من الإسهام الفعلي في عمليّة إنماء الوطن وتقديم الدراسات القيّمة حول المواضيع الإنمائيّة المختلفة في جميع المحافظات. فمن سياسة الانماء و التخطيط، إلى تربية جديدة في سبيل لبنان جديد، إلى المراجح المؤسسية والتوثيقية لإنماء الموارد الإنسانية، إلى مشروع قانون الانتخاب النيابي الجديد للجنة الأحزاب اللبنانية، إلى سياسة التخطيط للثورة العلمية التكنولوجية العربية،  إلى الانماء السياسي والعملية الانتخابية في لبنان،وغيرها الكثير من القضايا التي كانت وما تزال محور النقاش الوطني.

اليوم بدأت خطوة عائلة المرحوم الدكتور حسن صعب في جعل مكتبته في متناول الجميع هي طريقة حديثة للتشجيع على القراءة ضمن خطّتها الوطنيّة، والإستراتيجيّة المحدّدة ، والأمل في أن يستفيد الباحثون والمعنيّون من هذه المكتبة المختارة لما فيها من فرصة للإطلاع على دراسات ما كانت متوفّرة في السابق للجميع.

وليس غريباً على بيروت أم الشرائع وصانعة الحروف الأبجدية أن تحتضن مكتبة المفكر الراحل الدكتور حسن صعب.

وليس مستغرباً ابداً ان تبقى هذه المدينة المتربّعة على حوض المتوسط أميرة على عرش الكتابة والثّقافة والإبداع. كانت بيروت ولا تزال سبَّاقةً في مضمار المعرفةِ ورائدةً في صناعة الكتاب، وملهمةً لشعراء وأدباء، واعترافاً بواقع وتقديراً لدورٍ رائدٍ وفاعل.

إن وضع المكتبة والتي تعالج مواضيعَ هامة كانت تُشكِلُ هاجساً معرفياً وضرورةً علمية للتقدم في عقود الستينات والسبيعنات والثماننيات، لا تزالُ هي ذاتُها في عقديْ التسعينات والألفية. والإستمراريةُ في حفظُ التراثِ وابقائه حياً نابضاً لنقله للأجيال القادمة.

وختم الزميل محمد درويش بالقول : حسن صعب ستبقى في قلوبنا، نحن، من عملنا لديك وعاصرناك وتعرفنا بك ومعك على إنسان من طينة الأنبياء.

كنت لنا القدوة في العمل في تخطيط وتنفيذ المشاريع، في استقطاب كل ما هو جيد للمجتمع اللبناني والعربي، وخاصة لإنماء الإنسان كل إنسان وكل إنسان.

 

اترك رد