محمد جراح
كاتب وإعلامى ( كان مسئولا عن شبكة إذاعية “الشباب والرياضة” المصرية، وكاتب يستلهم المنجز الإبداعى للحضارة المصرية القديمة…)
لا أدعي فأقول إنني كنت أعرف عبد الله مهدي من قبل أن ألتقيه ويلقاني، ولم أكن حتى قرأت له شيئاً من إبداعه الأدبي، ولكن تعارفنا تم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من كوننا هو وأنا يضمنا تحت جناحيه كيان بحجم النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، وساهم في وضع أساس درجته أو عتبته الأولى الشاعر المتفرد حسن حجازي.
قد أدعي فأقول إن تعارفنا القريب عكس تاريخاً بعيداً ضارباً في الجذور، فهل ياترى قد تعارفنا في الزمن الأول؛ وقت أن هبطنا سوياً تلك الأرض المباركة، ولوينا في لين وشدة رقبة النهر الطيب، فسار من خلفنا، وعن يميننا وشمالنا، وجرى أمامنا فاهتزت لخيره الأرض فأنبتت من الزروع صنوفاً وصنوفا، وفاحت من بين جنبات البساتين العامرة روائح وعبير فواكه وورود بهيجة!، أم ترانا قد التقينا ويده تسابق يدي عندما قرر “إمحوتب” أن يستعيض عن البناء بالطين؛ ليكتب بالأحجار قصة خلود بلدنا الحبيب، فكانت مقبرة مليكنا “جسر نثر خت” سلماً يستطيع من خلال ارتقائه أن يترك الأرض، ويعبر الفضاء وصولاً إلى السماء.
ربما كان ذلك هو ما حدث، وربما أيضاً التقينا عندما أراد “حم إيونو” أن يشيد مقبرة مليكنا “خوفو” بتلك الكتل الكبيرة فتكون عمارته عبارة عن قبس أو شعاع قادماً من نقطة بعيدة في الذرى حيث يسكن “رع”، لينشر من ضيائه على جسد ابنه فيخلد ولا يفنى!
ربما كان ذلك، ولكن المؤكد أنه كان رفيقي في جيوش سقننرع، وأحمس، وتحتمس، ورمسيس، وكان رفيقي ونحن نكتب تاريخ بلدنا أمام عروش كل السابقين واللاحقين.
صديقي الرائع عبد الله مهدي
بقي أن اسألك وأنا في حيرتي ودهشتي، من أي طين قبضت، وبأي مسك عجنت، وكيف أبدعك النحات العظيم فكنت أنت، مبتسماً في نبل، ومهذباً في أناقة، ومطمئناً في إيمان يليق بك يؤكد ان الخير قائم حتى ولو تأخر، وأن الشر زائل حتى لو ساد وتجبر!.