الدراما في مصر القديمة (الحلقة الأولى)

الكاتب والأديب/ عبدالله مهدى

(رئيس لجنة الحضارة المصرية القديمة بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر ، ونائب رئيس النقابة الفرعية لاتحاد كتاب الشرقية ومدن القناة وسيناء …  كاتب مسرحى وقاص، وباحث في الموروث وله اجتهادات نقدية)

الحضارة المصرية القديمة ،أقدم الحضارات الإنسانية على وجه الأرض ، كما ذكرذلك المؤرخ المصرى/ مانيتون قائلا : ( نزلت فى أرض الإله المقدس ” جب بتاح ” ومنه اتخذت اسمها التى مازالت تحتفظ به حتى الٱن ).

كما أكد الباحثون فى تاريخ الحضارات بأن جميع الحضارات الإنسانية رأت النور بعد أن رفعت مصر شعلة الحضارة بٱلاف السنين  … فها هو برستيد يؤكد على أن ( عطاء مصر للحضارات الإنسانية دائم ومتجدد ، وينهض دليلا على عبقرية أصيلة ووجدان مرهف لشعب وادى النيل وهى عبقرية لم تنقطع قط ولن تنقطع قط ،وستظل تؤدى دورها طالما بقى نسج حياة ذلك الإنسان العظيم ) …

ومن الأخطاء الشائعة فى عصرنا ما روى عن الحضارة الإغريقية ، من أنها أم الحضارة الغربية وأنها لم تكن فى حاجة إلى غيرها من المدنيات التى سبقتها ، فقد أورد عالم المصريات الراحل الدكتور/ سليم حسن فى موسوعته ” مصر القديمة ” خطأ هذه الفكرة ، فبلاد الإغريق كغيرها من البلاد الأخرى ، كانت من حيث أصول الفلسفة ، بوجه خالص ، والبحث العلمى بصفة عامة ، مدينة لمصر ، بدرجة عظيمة ، يظهر ذلك واضحا من تاريخ نشأة الحضارة الإغريقية ، ومراحل تطورها وارتباطها الزمنى بمصر ، فالحضارة الإغريقية لم ترى النور إلا فى أوائل القرن العاشر قبل الميلاد ، عندما كانت الحضارة المصرية تمر خلال إحدى عصور إمبراطوريتها الذهبية ، والتى وصلت فيه فتوحاتها إلى أطراف أسيا وشواطئ جنوب أوروبا والبحر الأسود ، وجزر البحر الأبيض المتوسط المتاخمة لبلاد الإغريق ،

لقد دلت البحوث العلمية الحديثة وكشوفها الأثرية على أن الشعب الإغريقى ، قد أخذ كل مبادئ علومه ومعارفه التى امتاز بها على سائر العالم عن مصر …

ويأتى تسجيل مؤرخو الإغريق الذين زاروا مصر — انطباعاتهم ونتائج رحلاتهم إلى أرض وادى النيل، وفضل مصر على حضارات البحر الأبيض المتوسط ، وحضارة بلادهم بصفة خاصة جليلا — ساورنيرون فى كتابه ” المعرفة المقدسة ” يعترف بأن ( مصر مهد الحكمة ، ومنبع الحضارة ،و القلعة الحقيقية للعلوم المقدسة وجامعة العقيدة التى حملت شعلة الفلسفات والتشاريع الإنسانية …).

كما أجمع المؤرخون على أن كبار فلاسفة اليونان ، وعلماءها ممن حملوا شعلة حضارة الإغريق العالمية وقادوا ثورتها الثقافية ، عبروا البحر ليتلقوا الحكمة والمعرفة على يد كهنة مصر ” مكتبات جامعاتها — بيوت الحياة — خزائن المعابد — أسرار الوجود ” ..

ومن هؤلاء الذين حملوا شعلة المعرفة إلى بلادهم ، وقادوا الثورة الثقافية ، التى امتدت لتبنى حضارة الغرب ….

* هوميروس ٧٥٠ ق.م :

الشاعر الذى عرف الدنيا كلها على المواطن الإغريقى ، ووصفه الرائع لقصة حصار طروادة ، والتى تعرف بالإلياذة ثم الأوديسة ، وقد تأثر بالأساطير المصرية القديمة وخاصة أساطير الخلق والمعارك بين الٱلهة ، وتجلت أبطال ٱلهة مصر القديمة فيها ابتداء من ” زيوس ” أبى الٱلهة ( ٱمون ) ، وأفروديت ( ازيس ) وأبولو ….وقد زار مصر .

** سولون ” ٦٤٠ — ٥٥٨ ق.م “:

الحكيم الفيلسوف السياسى أكبر حكماء أثينا وأول من كون لها مجلسا تشريعيا والجد الرابع لأفلاطون ، قضى بمصر ثلاث سنوات ونصف ،إبان حكم أحمس الثانى الأسرة السادسة والعشرون  ٢٦ ، وقد تمكن من دخول معبد ” زايس ” ، حيث درس التشريع وتعلم العقيدة والفلسفة والتى وصفها فى مذكراته ، بأنها صاحبة الفضل فى دوره السياسى ، الذى قام به فى أول مجلس تشريعى فى اليونان ، وأول تشريع دستورى للحكم فى أوروبا ومن أشهر ما ورد فى مذكراته والتى جمعها حفيده أفلاطون ما قاله كاهن معبد ” زايس ” الذى انتسب إليه : ( أيها الإغريق إنكم أطفال قصر فى العلوم والمعرفة ، وستظلون أطفالا إلى الأبد ، فليس فى بلادكم رجل مسن فى المعرفة له ماض سحيق فى القدم ) ..

***  فيثاغورث ( ٥٨٠ — ٥٠٠ ق.م ):

قضى فى مصر ٢٢ عاما ، تعلم الكثير من كهنة مصر .

**** أفلاطون ( ٤٢٧ — ٣٤٧ ق.م ):

قضى ١٢ سنة ، بمصر بعد موت معلمه سقراط وقد ذكر ما قاله له كاهن معبد هيليوبوليس له فى حوار معه عن رأيه فى الإغريق :- ( إن المعرفة كالماء تهبط عندكم من أعلى إلى أسفل ، كمياه الأمطار ، على فترات لا ارتباط بينها ، تظهر على السطح وسرعان ماتجف ، وليس لها استمرار ، أما عندنا فتخرج من أسفل إلى أعلى من الٱبار والينابيع ونهر النيل الدائم الجريان .، مستمرة ومنفصلة لها قدمها ولها أصالتها ولها جذورها ، المعرفة عندكم تلقن ، أما عندنا ، فهى متوارثة ، وعمر العالم عندنا يقدر بأجيال وراثية للمعرفة ) ومن أشهر كتبه الجمهورية ..

**** أرسطو :

المعلم الأول قام بعدة رحلات إلى مصر وزار معابدها ، وتتلمذ على يد كهنتها وتأثر بالعقيدة المصرية ، واعتنقها ونادى بعبادة ” زيوس ٱمون ” ( ٱمون رع ) ، واتباع تعاليمه ، وقد عهد إليه ” فيليب المقدونى ” ، تعليم ابنه الإسكندر وتربيته ، وتأثر بما يسمعه عن مصر أرض الٱلهة ، من معلمه ولذا وضع فى برنامج فتوحاته زيارة مصر وتقديم الولاء إلى والده الروحى ” ٱمون ” فى معبده ب ” سيوه”…

 

اترك رد