الشاعر د. جميل الدويهي: في الحياة مكانه (النوع الأوّل)

 

إلى روح الشاعر الراحل محمّد علي شمس الدين

 

أيّها الموتُ، لو تحبُّ سوانا…

مبدعُون، وقد ملأنا الزمانا

رقّةً، فأيَّ ذنب فعلْنا

كي نعيشَ، وكي نموتَ حَزانى؟

أصبح البيتُ خالياً، والمعاني

كلّها بعدما رأتك دُخانا

ترْكبُ الخيلَ في الليالي، ونحن

 هاربون، فما وجدنا الأمانا

عاشقون، فغضّ طرفاً، ودعْنا

في الحقول نسابق الأقحوانا

كم ركبْنا البحار حتّى تعبنا

وأضعنا المكان، والعنوانا؟

مذ ولدنا، كأنّ حُكماً علينا

 أن نعيش، ونرتدي الأكْفانا…

أن نعاني لأنّ فينا شعوراً…

أن نجوعَ، ونأكل الحرمانا…

أيّها الموت، كيف تقسو علينا

من دهور، ولا تقولُ: كفانا؟

هل نعستَ، فنمتَ نوماً طويلاً؟

هل عرفتَ الخمولَ، والنسيانا؟

كم أخذتَ من القصور ملوكاً

يرتدون الحرير والأرجوانا!

والمساكين ودّعونا، فظلّتْ

 ذكرياتٌ تصيح في دنيانا…

 شاعرٌ مات؟ مستحيلٌ، فلسنا

 نعرفُ الموت يغلبُ الإنسانا…

في الحياةِ مكانه، في التحدّي…

قد رأيناه نازلاً من رُبانا…

لم يزل هَهنا، يحبّ الأغاني

والسهولَ التي ارتدت نيسانا..

من شتولِ الجنوب، والبحر… آتٍ

 كلّ صبح، مرنّماً… جذلاناً…

من رفيف الطيور فوق الدوالي…

من تراب تَشرّب العنفوانا…

أيّها القبر كيف أقفلتَ باباً؟

كذبةٌ أنت، تخدع العُميانا…

تشرقُ الشمس كلّ يوم جديد

كي تضيءَ السماء والأكوانا…

والغياب الذي حسبناه موتاً

ليس إلاّ ولادة في رؤانا.

***

*جميل الدويهي: مشروع أفكار اغترابيّة للأدب الراقي

سيدني 2022

اترك رد