د. جميل الدويهي: برْج الملوك

 

 النوع الشعريّ السادس (المدوّر العامّيّ)

 

قدّيش كانو كْتار عَنّا يسألو، ونعْطي لهُن لَون القصب، والفَيّ… والشبّاك كان كتير عالي، وعالسهل مفتوح. قولَك يا حمام الدار، بعد بتذكر حكاياتنا… ومن بعد ما يفلّ الشتي، ويصير أخضر هالشجر، رح نلتقي؟ أو كلّ واحد صار وحدو عا طريق مغبّره؟ قولَك بعد رح يلبس بلوزة حَرير… الورد فوق القنطَره… والوقت مرّه بسّ يِغْلط بالحْساب، ويرْجع دْقيقه لوَرا؟

مْسافات عم تمْشي الطريق، وليش نحنا واقفين؟ وشو لِنا من مبارح وبكرا، تا هيك ملبّكين؟ والناس فجأه تغيّرو، وتغيّرو حتى المفارق، والدروب… وشو بِقي؟ نتفة صدَى، وإيّام عم بتدور متل المطحنه، وكلما برَم دولاب، عم تبرُم سنِه… وعم تزغر علينا الدِّني.

يا هالغَريب مْنين نحنا؟ وكيف صُدفه شفْتني وحاكيتني؟ ويمكن عبكرا تروح منّي متل هللي فارقوني، وكنت إزعل كلّما سكرتْ بابي، وإبعتْ مكاتيب مع طير السنونو، وكنت إحكي للشمع والليل… حتّى يضجَرو… وهلّق صرت متل الحجر، لا خيل عندي ولا قبيله، وكلّ أصحابي من طيور الشجر… وكْتبتْ إسمي عالرمل قبل الشتي، وبعد الشتي ما لقيتْ اسمي. وكيف بدْهن بعرفوني، لو وقَع عالأرض وِجّي وانكَسر؟

أيلول من سوق المدينه بيشْتري خاتم دهَب، والغيم شي رِعيان، شي متل القْصور العاليه، وزْياح دَخنه طالْعه من المدْخنه… ولمّا وقف عالباب، نفّض كنزتو، وقَلّي: بعد بكّير تا تشتّي الدِّني… ومن قبل ما يشْرب من الفنجان صار الحَور صوره ملوَّنه… والنمْل شفتو آخد الحيطان والجسر العتيق… تخمين فضيتْ هالبيوت من البشر، والريح عم بتْصيح … عم بتصيح عا طول الطريق…

ما بيعْرفو الغابات هلّق شو بِني… وليش زعلتْ من كلّ عمري اللي مرق… تاري الحقيقه كتاب من حبر وورق… لاكن أنا لو كان عندي روح متل السوسَنه، برْجي برْج الملوك… لولا بينْحنى برْج الغضَب… ما بينْْحني…

***

*جميل الدويهي: مشروع “أفكار اغترابيّة” للأدب الراقي، 2022 النهضة الاغتربيّة الثانيّة – تعدّد الأنواع

اترك رد