سليمان حماده قارئًا كتاب “أحمد اليَسَوي”: أول أكبر متصوّف تُركى معروف في التاريخ 

 

 

سليمان حماده

 

“احمد اليسوي”

تحرير: أ.د. نجدت طوسون

ترجمة : أ.د. محمد حقي صوتشين

 

لا تجرح القلب يا خليلي ولو كان لكافر

لا يرضى الله عن قاسي القلب ، ولا عن جارحه

له السجن والسجين والكمين والبراكين

من الحكماء اخذت هذا واسلمكم الأمانة.

لم يفهم الفقهاء ماذا يعني ” أنا الحق “

لذلك لم يمنح الله اهل القال علم الحال

تداولت الروايات لكن احدا لم يفهم حاله

هؤلاء هم الذين شنقوا وليا كالحلاج .

احمد اليسوي

خوجة أحمد يسوي

أحمد يسوي أو عطا يسوي (بالكازاخية: Қожа Ахмед Яссауи، بالأوزبكية: Xoja Ahmad Yassaviy) .

هو شاعر وفيلسوف ومتصوف تركي و كان أول شاعر اشتهر بالكتابة باللهجة التركية المحلية.

ولد أحمد بن إبراهيم بن إلياس اليسوي عام 1093، في مدينة “صايرام” التي تقع اليوم في كازاخستان، ثم انتقل وهو في السابعة بعد وفاة والده إلى مدينة “يسي”، بدأ تعلم الشريعة والتصوف منذ الصغر على يد الشيخ التركي “أرسلان بابا” وانتقل بعد ذلك إلى بخارى، أكبر مركز إسلامي في آسيا الوسطى ذلك الوقت .

أصبح اليسوي مريدًا لدى الشيخ يوسف الهمذاني، وهو من أبرز علماء المذهب الحنفي آنذاك، فأخذ عنه أصول الفقه والحديث، ثم اتجه بعد ذلك إلى طريق التصوف، وأصبح في وقت قصير من أبرز شيوخ التصوف في بخارى، وبعد وفاة الشيخ الهمذاني عاد إلى مدينة “يسي”، وأسس الطريقة الصوفية المعروفة بـ”اليسوية”، وهي أول طريقة صوفية تركية خالصة. ولقد قضى السنوات الأخيرة من عمره في حجرة صغيرة تحت الأرض تسمى خلوة.

وقد أصبح ضريحه لاحقاً مزاراً للحجاج وموقعاً من مواقع التراث العالمي التابعة لليونيسكو.

حمل لقب أول أكبر متصوف تركى معروف في التاريخ.

اسمه الكامل: أحمد بن إبراهيم بن إلياس اليسوى العلوي الحنفي يعود نسبه إلى محمد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب .

خواجه أحمد يسوى ” المشهور بسيد تركستان ” الذي أسس الطريقة الصوفية المعروفه باليسويه . هو شخصيه تأثرت تأثرا عميق جداً بطرق التعاليم التي ظهرت أيضاً بالطريقة نقشبندية -أهل السنة والجماعة وبكتاشية.

أثّر خوجه أحمد يسوي على كثير من المتصوفة الأتراك في وسط آسيا، وكانوا يطلقون عليه لقب “بِير” بمعنى شيخ الطريقة، وانخرط اليسوي في تلقين تعاليم التصوف السني لمريديه، ومما ورد عن حياته أنه كان يقوم بتقسيم يومه إلى ثلاثة أقسام: قسم للذكر والعبادة، وقسم لتعليم طلابه، والقسم الأخير للعمل، حيث كان يصنع الملاعق الخشبية ويعتاش ببيعها.

جدير بالذكر أن الطريقة الصوفية التي أسسها اليسوي لم تكن مجرد طريقة صوفية منعزلة عن بيئتها، كما يمكن أن يتبادر إلى الأذهان، لكنها كانت حركة قوية تم استخدامها في انتشار الإسلام بشكل كبير في آسيا الوسطى، فبحسب المستشرق والمؤرخ الروسي المعروف فاسيلي بارتولد، المختص في تاريخ الحضارة الإسلامية، فإن هذه الفترة المذكورة كانت مواتية تمامًا لانتشار الدعاية للدين والتصوف، حيث كان السلطان سنجر الذي وحّد بلاد ما وراء النهر وخراسان، قد وافته المنية، ثم خلفه خوارزم شاه، الذي أبدى استعدادًا قويًا من أجل تأسيس دولة إسلامية قوية.

فقد استطاع شيوخ المتصوفة أن يكونوا أصحاب نفوذ قوي في كل مناطق آسيا المسلمة، فشُيّدت التكايا والزوايا في كل جهة، واتسعت شهرة الشيخ أحمد اليسوي والتف حوله آلاف المريدين من تركستان وبخارى وسمرقند وخراسان، وساعده على ذلك أنه كان على علم بعلوم وآداب العرب والفرس أيضًا، فإلى جانب التركية التي كتب بها منظوماته الصوفية بلغة بسيطة اقتبسها من الأدب الشعبي، كان يكتب بالفارسية، شأنه في ذلك شأن أقرانه من الصوفية في بيئته، أما آداب وسلوك طريقته فكان يمارس طقوسها بالعربية.

ترك اليسوي العديد من الآثار، مثل أشعاره الغزيرة في التصوف، التي جُمعت في كتابه المعروف بـ”ديوان الحكمة”،

ولهذا الكتاب مكانة كبيرة بين الآثار التركية، حيث عبّر عن عناصر الأدب الشعبي التركي القديم التي تتمثل فيها روح الإسلام، وهو من أقدم معالم الأدب التركي القديم، بالإضافة إلى رسالته المعروفة بـ”فقر نامه” التي تناولت مقامات التصوف وآداب الطريقة.

بعض من اشعاره المدونة  في كتاب الحكمة ؛

جننت بعشقك والدنيا تعرف جنوني

أفكر فيك ليلا ونهارا ، ولا أحتاج إلاك

لم أدخل الجنة واتمشى فيها ؟

لم احدق في حورياتها ؟

لا هذي ولا تلك

لا أحتاج إلاك .

يزعم انه عالم فيقرأ الكتاب دون معرفة معناه

يحفظ آيات كثيرة دون معرفة معناها

أيناه من الدين بكبره وأنانيته

إنه ليس عالما بل جاهل يا أخلائي.

لم يعد يتحلى بالادب، لا الكبار ولا الصغار

لم يعد يتزين بالحياء لا النساء ولا الضعاف

قال رسوله الكريم، ” الحياء من الإيمان”

لكننا في عالم عجيب بلا حياء .

العاشق الذي يعشق الحق، يتخلى عن الفاني

لا يتعلق بالدنيا ولا يمد يده الى الحرام

أما المرتشون من الحكام الذين يلتهمون الحرام

فسوف يتعقد لسانهم ويجمد الدم في عروقهم .

لا تجرح القلب يا خليلي ولو كان لكافر

لا يرضى الله عن قاسي القلب ، ولا عن جارحه

له السجن والسجين والكمين والبراكين

من الحكماء اخذت هذا واسلمكم الأمانة.

أيها القلب اقترفت الإثم ولم تندم ابدا

تباهيت بصوفيتك لكنك لم تبحث عن الله

آه عليك مضى عمرك لكنك لم تذرف دمعا

تظاهرت بالصوفية ولم تنجح ان تكون مسلما

رغم انه لم يات الى الاناضول فانه اثر بشكل كبير على متصوفة الأناضول مثل الشاعر والمتصوف يونس إمره  وحاجي بكتاشي ولي  وجلال الدين الرومي وسيد بن ابرهيم عطا وغيرهم .

استمر اليسوي في كتابة منظومات صوفية أخلاقية تحت عنوان “الحكمة”، كان يشرح فيها آداب التصوف وإدراك كنه معانيه، حتى بلغ الثالثة والستين من عمره، فبدأ – كما هو متبع في تقاليد الصوفية – في تشييد صومعة للعبادة في أحد أطراف تكية على عمق ثلاثة أذرع، وانزوى بداخلها، وفي كثير من المقاطع الشعرية في ديوان الحكمة، شرحٌ لأسباب إيثاره العزلة، بلغة صوفية خالصة.

تجدر الاشارة ان هناك رسالة باللغة الفارسية وجدت في طشقند عن آداب الطريقة ومراتبها والعلاقة بين المريد والمرشد،  الدروشة ، معرفة الله ، العشق الالهي ، وغيرها من الموضوعات الصوفية .

قام بنشرها ملا كاناغاتولي بعد ترجمتها الى التركية الكازاخية وذلك في مدينة الماتي بكازاخستان عام ٢٠١٢

وهناك مخطوط صغير يحتوي على اربعين مقاما موزعة على اربعة اقسام : الشريعة والطريقة والمعرفة والحقيقة  نشرت بترجمة نجدت طوسون ومحفوظة الان كنسخة وحيدة في مكتبة زينون اوغلو  ببلدة طافشانلي التركية مع رسالة( فقرنامة ) وكتاب رسالة (در اداب طريقت)  كان القرن العاشر هو الذي بدأ فيه إسلام شعب أتراك تركستان و أصبح نقطه تحول تاريخيه لعالم الترك. وأعتباراً من هذا القرن اعتنق الأتراك الإسلام.

كان أحمد يسوى سلطان شريعه الإسلام من ناحيه كان يحاول تعليم أركان وأداب الطريقة وأساسيات التصوف أخذ على عاتقه من ناحيه اخرى نشر حب أهل البيت ووضعها في مكانها، وترغيب الأتراك في الإسلام.

قُبلت أشعار الحكمة على أنها من وسائل التدريب فقد قيلت بدون أن تحمل مخاوف الفن والأبعاد الغنائيه. وعلى الرغم من أن يسوى كان على درايه تامه باللغة العربيه والفارسيه . وقد علق الاديب يحي كمال بياتلي بخصوص أحمد يسوى على النحو التالى: ” من هذا أحمد يسوى؟ ستبحثون. وتجدوه هو أصل قوميتنا ”

لم يقتصر على منطقه معينه كما فعل بعض العلماء الاخرين فقد حاول أن يشرح معتقدات وتعاليم الشعب الأصلى والبدو الرحل وأساليبهم وعاداتهم واللغة التي يستطيعو فهمها فيما بينهم.

رحل اليسوي عام 1166 ودُفن في مدينة “يسي”، وفي عام 1397 أقام تيمورلنك بناءً فخمًا على قبره، وتعد هذه التحفة المعمارية من أعظم آثار تركستان، وقد انتشرت اليسوية بعد ذلك في أغلب مناطق آسيا الوسطى، بفضل الشهرة التي حققها اليسوي، بسبب قدرته على مخاطبة الطبقات المختلفة، وما زال للطريقة اليسوية أتباع ومريدون حتى اليوم .

ضريحه

أسس ضريحه من قبل تيمورلينك بين عامى 1389 و1405 في مدينه تركستان جنوب كازاخستان.

وفي عام 2002 .قُبل على أنه أثر تاريخى عالمى من قبل اليونسكو. تم ترميم مقبره أحمد يسوى من جديد من قبل الجمهورية التركيه.

***

*بعض الاشعار والحكم مصورة من ديوانه 

اترك رد