جان دايه
لما التقيت بالشيخ رمزي علم الدين لأول مرة، بهدف مشاركته في ندوة عن خاله سعيد تقي الدين ، تذكرت المثل الشعبي القائل (الولد لو بار تلتينو للخال) ، بسبب شبهه الكبير بخاله الكبير .
ولكني اعتبرت ان ناحتي الأمثال يبالغون ، لأنه كان بمنتهى الجدية في كلامه،في حين يتزعم سعيد جمعية الساخرين . فخرجت من اللقاء بتقدير انه يشبه خاله بثلث واحد ،وهذا بالطبع غير قليل .
ولكن ،ما إن “ارتجل” كلمته المكتوبة في الندوة ، وقد قوطعت ذكرياته السعتقية بعواصف من القهقهة والتصفيق، تأكدت من أن الثلث الثاني من شبهه ب(خيله) على حد تعبيره، قد سقط سهوا .
وخلال لقاءاتي به في نادي الخريجين في رأس بيروت ، وفي منزله في لندن، وفي نادي الغولف البيروتي، أضيف الى شبهه بخاله، تعلقه به وانحيازه له بالمقارنة مع اخواله الخمسة . وقد تجلى ذلك ،عبر عدة أمور ، منها شحنه لمخطوطاته وبعض ما كتب عنه، من بيروت الى لندن ، التي عرضتها وصورت منها ما لذ وطاب ،وقد ضاق بها العنبركيس .ثم شحنه من جديد للعنبركيس الى مالكة وثائق أبيها العازفة ديانا تقي الدين المقيمة آنذاك في واشنطن دي سي.
وهذا الانحياز ، الإيجابي طبعا، واضح في مذكراته (إحكي جالس).
*
بلغ عدد “فصول”المذكرات 42 ,في كتاب يتألف من 240 صفحة من القطع الكبير ، حيث احتلت ربعه صور ملونة للمؤلف وأفراد عائلته وأقربائه واصدقائه.
وندر أن خلا احد الفصول من قفشة ساخرة ، حتى لو لم يملأ أكثر من نصف صفحة.
وهذا يؤكد ان النكتة ليست حكرا على مشايخ آل الخازن ،عبر قيدومهم الصحافي والسياسي الشيخ يوسف. بل ان مشايخ آل تقي الدين وعلم الدين، بارعون في حبكها، وبخاصة سعيد تقي الدين ، وإبن أخته رمزي علم الدين.
وعلى سبيل المثال، روى المؤلف في فصل (الحمامة) المنشور في الصفحة 130 ، كيف حطت حمامة على كتف الرئيس سليم الحص خلال حفلة تخرج ابنته وداد ، وقد صفق الجمهور للمشهد الطريف. ولشدة إعجاب دولته بالمفاجأة ، وضع الصورة بمكتبه. وحين شاهد المؤلف الصورة إبان زيارته لصديقه الرئيس ،قال له:هذه الصورة جميلة،ولكن ثمة خطأ جغرافي فيها.وحين سأله عما يقصده ، أجاب:هذه أول مرة تكون الحمامة على الكتف!
ومثال آخر في الفصل الخاص بالممثل الفكه نبيه أبو الحسن المشهور بتقمص شخصية أخوت شانيه الذي اخذ المير بشير باستشارته في إيصال الماء الى قصر بيت الدين.
ولنقرأ في الصفحة 132 الحوار التالي ،الذي جرى بين المؤلف الذي يمتلك مكتب الطيران والفنان الفكه الذي يريد شراء تذكرة سفر.
س_الى أين تود السفر؟
ج_لا أعرف!
س_أيمتى تريد السفر ؟
ج_وقت اللي بدك!
س_ماذا تبغي من سفرك حتى يمكنني اختيار وجهة لك؟
ج_أنت قرر.وأنا جاهز!
ومن يقرأ هذا المقطع من الحوار،لا بد ان يعتبر ان إسم الزبون أخوت شانيه،ولقبه الفني نبيه أبو الحسن.
*
أما المفاجآت فكثيرة،لعل أبرزها إثنتان :غناء فيروز في منزل سفير الكويت في لبنان عبدالحميد البعيجان. وهدايا صهر المؤلف المليونية.
ولنبدأ من الثانية.
ما كتبه المؤلف عن دعوة صهره الممثل الهوليوودي الشهير جورج كلوني ، ل 14 صديق غير ميسور لحضور العرس ، يشكل نصف المفاجأة .أما النصف الثاني ، فيكمن في حلونته لكل واحد منهم ،ولنأخذ نفسا عميقا بشيك يقبض حامله بموجبه مليون دولار أميركي فقط لا غير . ولكي لا تحسم ضريبة 300 الف دولار من المليون وهنا أيضا نأخذ نفسا وعميقا أيضا دفع كلوني مبلغ 4200000 دولار لمصلحة الضرائب .
ولنعد الى سفيرتنا الى بعض الكرة الأرضية وليس الى كل النجوم السماوية.
المعروف عن فيروز انها بالكاد تزور قلة من الأصدقاء ، ولا تغني إلا على المسرح .فهل كسرت المرس وغنت في منزل السفير لأسباب منها كونها سفيرة ؟وكيف سمح لها عاصي الذي منعها عن العودة للحظات الى جمهورها الذي طالب بعودتها تقديرا لتألقها ؟ام ان ذلك حصل بعد انفصالهما؟
مهما يكن من الامر ،فهي لم تحتكر الغناء في تلك السهرة ،بل اتصلت بفيلمون وهبة الذي كان حضوره “بخفة دمه وعزفه المميز على العود ، كحضور الفلفل في الطعام”على حد قول المؤلف في الصفحة 76.
يضيف المؤلف في الصفحة نفسها : “غنت فيروز في تلك السهرة كما لم تغن من قبل..وكان صوتها يتنزل علينا من مكان خفي،يحفر في القلب عميقا.كانت سهرة من أجمل أيام العمر”.
*
رغم ان الشهادات ،وبخاصة شهادة الزميل سمير عطالله،مختصرة ومفيدة كفصول المؤلف،فقد رأيتها فصولا جميلة ولكن في مذكرات كاتبيها. وإذا كان لا بد من نشرها في مذكرات رمزي علم الدين، فلتنشر كمقالات او تعليقات في الطبعة الثانية.
*
يبقى ان نهفات المؤلف التي نشرها في مذكراته ، ليست سوى نقطة في أوقيانوس نكاته وقفشاته التي قالها بسرعة خاطره المعهودة . وأختم هذه العجالة بواحدة منها.
حين انتهى من تأليف الكتاب،سألني عن دار للنشر تتولى إصداره ، إقترحت (دار نلسن) لصاحبها الزميل سليمان بختي.وختمت الإقتراح بعبارة (نهارك سعيد تقي الدين).شكرني ،وألحق شكره بعبارة (نهارك أسعد…). وبالطبع، لم يكن الإسم الكامل في عبارته لرائد النهضة أسعد يعقوب الخياط!