د. ربيعة أبي فاضِل
رحلتَ، بعد معاناة، في زمان مضطرب، الارض تئنّ من الحرائق، والفيضانات، ولبنان يُفرَغ من رجالات الحكمة، وتجلّيات الحياة، والأقزام يحكمون، ويتحكّمون.
ورحلت، حاملاً، الآن، رسائل إلى الأحياء، من موتى، وإلى الضمائر المشتعلة بالحق، في حين تتفتّتُ ضمائر مَن يزعمون قيادة العالم، وهم في الظلمات يعمهون.
وداعاً، بولس طوق، ومعنا، يودّعك العدلُ، ومعه الجامعة، ومعها الكتب التي تحكي عنكَ، شاعراً أورفيّاً، وكاتباً رمزيّاً، وباحثاً يعرف كيف يلملم الوثائق، ويؤهّلها للحياة.
تودّعك بشرّي الحبيبة، بجبالها العاصية، وأوديتها المقدّسة، وأصالتها، وفنّها، وإبداعها… جبران يرحّب بك، في حديقة الفردوس، ووهيب كيروز يمدّ لك يداً من ورد، وعطر، وقدّيسوها ينشدون لك أناشيد الوصول، والغبطة في النور.
وداعاً، بولس الجريح، الصلب، الصامت، البليغ، الاستبطاني، الجامع من أبولون سلامه، ومن دونيزوس جنونه، والمتعالي على السياسة اليومية المدمّرة، وقد اوصلتنا إلى الجحيم.
وداعاً، يا زميلي، وصديقي، ورفيق الحوار، أشكر لك هديّتك ، مجموعة كتبك، كنتَ كريماً، في العطاء، كما كنت سيّداً في الوفاء، والرّجاء. أسعدتَ طلّابك بسعة معرفتك، وبعمق رحلاتك، وبغرابة فكرك، لكونكَ لم تكن تطيق الرّتوب، والسطحيّة، والاستلشاق.
الوداع، انتَ، اليوم، مع المسيح، مثال حياتك، وحياتي.