بالتضامن تحصّل الحقوق

 

 حاطوم مفيد حاطوم

                          ( كاتب لبناني)

 

زمن تختلف فيه الأشياء، لاشيء فيه يتشابه… قرارات عشوائية قيدت حرية المواطنين.

يصل المرء أحياناً إلى نقطة وسط بين الحيرة والعجز عن مواجهة تسلّط الدولة والمصارف على حياته وتعبه وأمواله أو راتبه فيقع فريسة لهما، من دون أن تكون له طاقة أو قدرة على معالجتها.

وبما أن المرء لم يضع حدوداً واضحة وكافية للمصارف والدولة على السواء، فتسبب بالضرر لنفسه، حتى تجاوزا على حياته وسييراه كما يرغبان، وأخذا منه كل ما يملك دون أدنى تفكير. فتشابهت الدموع، دموع الحزن، ودموع الجوع. ولم يسمحا له حتى إبداء رأيه، وحسما الأمر وأصبح هو من التعساء منكسر الخاطر ومغلول اليدين وفارغ الجيبين… ومن دون كرامة ومال.

في اعتقادي يجب ألا يصل المرء إلى هذه المرحلة. فهناك سبل عديدة يستطيع من خلالها أن تجبر المصارف والدولة على إعادة النظر في هذا التسلّط، بسبل حضارية لا عنفية لإستعادة حقه السليب، لكنها تشترط أمراً واحداً وهو التضامن.

التضامن في اتخاذ خطوات، تناشد وتستصرخ الضمائر…

كما وأن القاضي ليس سيافاً، ولا فارس ميدان ينازل فارساً آخر، ولا هاوي تحد أو تعد، ولا خالياً من بلسم الرحمة ومن نسيم الإنصاف، بل هو شجاع بمعنى تحمّل المسؤولية. وكما هو معروف عن القاضي بصلابته وتصميمه على إعلان الحق دون سواه، فلا يتلعثم لسانه ولا يتعثّر قلمه ولا يقلق ضميره بعد أن يكون للرأي الصواب، فيقول نعم ولو كان الرابح هو الأوضع، ويقول لا وإن كان الخاسر هو الأرفع. فالقاضي الشجاع، هو صاحب نجدة صاحب الحق في وجه المعتدي، وحتى ولو كان مصرفاً أو دولة ولا غاية للقاضي، أن يحيد عن هذا الخط فتصبح شجاعته وبالاً على الحق.

ومع شاعر العرب أبو الطيب المتنبي يوم توجه إلى سيف الدولة مادحاً ومعاتباً، ومطلقاً بيته الشعري الذي يستسيغه على السواء عشاق الأدب ورجال القانون، نظراً لنضارته واختزاله الكثير في القليل من نحو، ولإثارته موضوع العدالة، وعلى الأخص عدالة الحاكم، من نحو آخر. قال:

يا أعدل الناس إلّا في معاملتي

فيك الخصام وأنت الخصم والحكم.

وأيضاً، كم هو بليغ ما جاء على لسان السيد المسيح في القول، (لا تدينوا لكي لا تدانوا، لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم).

وللبقية تتمة…

اترك رد