باتت لتنورين بوسطة، كما في اغنية زياد الرحباني الشهيرة. بل أكثر من بوسطة، منذ ما يقرب السنة. من تنوربن نزولا إلى بيروت، ومن الدورة صعودا إلى تنورين.
كان لتنورين بوسطة أصغر من هذه في سنوات طفولتي.
لها ذكرى مرعبة في صور ذاكرتي البعيدة : صورة دماء تلطخ قميص أحدهم البيضاء، بعد ان تمكنتُ من اعتلاء المقعد، إثر سماع بعض الطلقات النارية التي مزقت سماء الصيف المبكر.
سألتٌ زياد الرحباني، في باريس : كيف ربطتَ حملايا بتنورين في الأغنية، من دون خط سير مناسب بينهما؟ أجابني : هي من ضرورات القافية… ليس إلا.
لم ألتقٍه لأفيده أنني لم أعثر، في بوسطة تنوربن، صباح أمس، على جريدة، أو خس، أو عينَين حلوتَين :
لعلها ضرورات الأغنية من جديد.
صعدتُ من بيروت إلى تنورين بعد إجراء معاينات طبية أخيرة : سمح لي الطبيبان باستعادة حياتي بصحبة أدوية جديدة.
في الصعود بالبوسطة، كنتُ سعيدا كما في بوسطة الطفولة. كنت أصعد في ما مضى صوب اللهو، والشيطنة، والهوشلة…
أما يوم أمس، فكنتُ أهرب من أيام الشقاء اليومي في بيروت، صوب هدوء قريتي مع جهامة الجبل، وهدوء الطير، وخفة الفراشة.