هل تذكرين أيتها الناصحة الأمينة ذلك الطائر الذي جاءك بأذن مفتوحة و قلب متشوق لكل نصيحة تثمر راحة بعد تعبه المضني؟
و كانت النصيحة أن يقنع نفسه أنه أفضل من جميع الطيور و ليس هذا فحسب بل يشمر عن ساعد الجد ليحقق هذه القناعة فيقوي أجنحته و يحسن إنشاده ليكون أفضل من كل من طار و أنشد
و كان الفارق في العمر بينكما كبيراً فما كان من الطائر المسكين إلا أن يتحول إلى كائن منفرد لا هم له إلا نفسه
و كانت هذه المرحلة بداية الارتفاع الذي أسقطه من حيث لا يتوقع السقوط
و تنبهت الطيور لأجنحته المتكبرة و أناشيده المغطاة بطبقات الشموخ النفسي المتراكمة فأبعدته عن سربها و اقتلعت أناشيده من أريج بستانها فانطوى المسكين على نفسه و ظن أن الطيور تحسده و لو كانت تتقن جزءا قليلا من مواهبه لما نبذته و أسلمته إلى قاع الوحدة المظلم و انقسم الجمع فمنهم من حقد عليه و اعتدى و منهم من ارسل له الضوء ليبصر أنه أخطأ حين أصغى إلى نصيحة قاتلة و لكنه كان غارقاً فما رأى الضوء و ما اهتدى
و هكذا ظلمتِ الطائر بنصيحتك – أيتها الحكيمة التي أضاعت الأسلوب الحكيم -و لم يكن حسن نيتك عذراً لك في إحداث هذه التوترات التي جلبت جبالاً من النكبات
فكل دراسات علم النفس تؤكد أن الطائر إذا قوى أجنحته و جمل نشيده لكي يجد مكاناً له بين أسراب الطيور فإنه سينجح و يحظى بالمحبة و إذا قوى أجنحته و جمل نشيده ليكون أفضل من الطيور فإنه سيصاب بالوسواس القاتل و سينفر منه المقربون