د. جميل الدويهي:  رُؤى النهار

 

من المجموعة الفكريّة العاشرة – تصدر قريباً من “أفكار اغترابيّة”

 

لماذا يسهر هؤلاء المجتهدون ولا ينامون؟

-لأنّهم يدركون جيّداً أنّ اليقظة هي الحياة، ولا شيء يشبه الموت أكثر من النوم.

-لكنّ الناس لا يجبّونهم…

-وهل تستغرب أن يقف الناس مشدوهين أمام العمل الجليل،  وأن يتردّدوا في مديح صاحبه والاعتراف بفضله؟! لذلك يميل أغلب البشر إلى الإعجاب والدهشة من أعمال عاديّة، لاعتقادهم أنّ مديحهم لا يرفع شأناً، ولا يغيّر في مقام…

-إنّ العباقرة إذن، هم أكبر الخاسرين!

نطقت بالصواب،  إذا كنت تقيس الموهبة بمقياس الإعجاب، أمّا أنا فأقيسها بغير ذلك. وبعض المبدعين اعتزلوا الناس، ولجأوا إلى الوحدة، لخيبة أمل وإحباط. فكثيراً ما تصمت العامّة عن إبداعاتهم، لكنّها في المقابل تعتبر أنّها وصيّة عليهم، فتنتقدهم إذا ارتدوا رداء جميلاً، أو ذهبوا إلى عرس، أو قدّموا هديّة لمن يحبّونهم…

-وهل سيظلّ المجتهدون ساهرين؟

نعم. فالمؤمنون لا ينامون، إلاّ بعد أن يحقّقوا أحلام النهار.

-أيعقل يا سيّدي أن يرى المرء أحلاماً في النهار؟

نعم، فمن لا يرى أحلام النهار يجهل ضوء النهار، وتكون حياته نوماً عميقاً… لا فائدة منه.

***

*جميل الدويهي: مشروع “أفكار اغترابيّة” للأدب الراقي – سيدني النهضة الاغترابية الثانية – تعدد الأنواع.

اترك رد