جميل الدويهي: الحبّ على صورة الله

 

من الكتاب الفكريّ العاشر – يصدر قريباً من مشروع “أفكار اغترابيّة” للأدب الراقي

 

كثيراً ما تشعرون بالمرارة لأنّ من تحبّونهم، لم يُظهروا لكم الحبّ الذي كنتم تتوقّعونه، بل يعاملونكم بإجحاف وقسوة. ولو كان الحبّ صادقاً لضحّى بكلّ شيء من أجلكم، ولكنّ من الحبّ ما يكون من أجل فائدة، فهذا هو الحبّ الآنيّ الذي تتخلّون عنه قبل أن يتخلّى عنكم.

إنّ قيمة الحبّ تكمن في نكران الذات لا نكران الآخر، ولا تصدّقوا أنّكم تسيرون بخطى مسرعة أمام الحبّ الذي تسبقونه، بل صدّقوا أنّه هو الذي يسير بخطى بطيئة… ولا يستطيع اللحاق بكم. وحقيقةً أقول لكم إنّ كلّ حبّ يكون على صورة الله يخلد، وكلّ حبّ يكون على صورة الإنسان يبطل.

الحبيبان يشبهان النغم والقيثارة، فإذا انكسر أحدهما انكسر الآخر، وكلّ واحد منهما روح وجسد، غير أنّهما في الحقيقة روح واحدة وجسد واحد، وافتراقهما يشبه الموت. وما أصعبه عندما يكون بسبب المعاناة! فإنّه موت يطول.

اغتبطوا لأنّكم أحببتم، ولأنّكم أعطيتم، فإذا كان الناس لا يرون أفضالكم، فإنّ الله يرى ويسمع. وإذا كنتم تكتئبون لأنّ الحصاد قليل والفعلة قليلون أيضاً، فاعلموا أنّ حفنة من القمح على بيادركم، قد تصير حقولاً مليئة بالخير، ومنها تغتنون. وإذا كنتم تنتظرون من جنادب الحقل أن تعينَكم على حمل أكياسكم إلى المطحنة، فإذّاك ستكون الخيبة الكبيرة التي ستؤلمكم، وألمها لن يكون معموديّة، بل معاناة تهشّم الروح.

***

*جميل الدويهي – مشروع “أفكار اغترابيّة” للأدب الراقي النهضة الاغترابية الثانية – تعدّد الانواع

اترك رد