رأت الباحثة الدكتورة روز-ماري شاهين، في ندوة عن روايتها “بيروت -تورينو” التي ترسم فيها عبر قصة عائلتها صورة عن “أسلوب حياة المجتمع اللبناني” بين منتصف القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين وعن “السياق التاريخي والاجتماعي والسياسي” في تلك الحقبة، أن “ثمة نقاط تشابه كثيرة بين الماضي والحاضر على صعيد الفساد والتعصب والخرافات والصراعات الدينية”، معتبرة أن كتابة العائلات تاريخها يوفر “وثائق مهمة جدا لإعادة صوغ تاريخ لبنان الاجتماعي”.
وأقيمت حلقة نقاشية عن الكتاب الصادر بالفرنسية على هامش “مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة” في إحدى صالات “غراند سينما” في مجمع ABC ضبيه، تولى إدارة اللقاء الاستاذ في معهد القضاء الاعلى وكليات الحقوق في جامعات عدة القاضي المتقاعد مروان كركبي، وشارك فيها المخرج والممثل والمؤلف الموسيقي جورج خبار.
كركبي
وأثنى كركبي، في كلمته الافتتاحية، على “الوصف الدقيق والمفصل” الذي تضمنته الرواية، وهي الاولى لشاهين التي سبق أن أصدرت كتابا عن خصائص الشخصية ودراسات فلسفية عدة.
وشبه الرواية بـ”الرحلة المتعددة الأوجه (…) عبر تاريخ لبنان وإيطاليا والقدس”.
شاهين
أما شاهين، فشرحت أنها روت قصة عائلتها “مستندة إلى حكايات طريفة ونادرة ووقائع حقيقية (…) على خلفية احداث طبعت تاريخ كل من ايطاليا ولبنان”. واضافت المعالجة النفسية والاستاذة الجامعية المتخصصة أيضا في الفلسفة: “لكتابة هذه الرواية، قمت برحلة إلى الوراء، على خطى أجدادي المباشرين الذين كانوا صلة وصل ما بين البلدين في الفترة الممتدة من 1833 الى 1948”.
واستقت الباحثة معلوماتها من “وثائق رسمية ومحفوظات عائلية”، وفق ما أوضحت، واعتمدت كذلك “على ارشيف مدينة تورينو المتعلق بملفات القنصلية الإيطالية في بيروت من العام 1825″، على قولها. كذلك استعانت بالوثائق الماسونية المرتبطة بنشاطات محفل “سوريا” الذي تم إنشاؤه تحت رعاية محفل الشرق الكبير في فرنسا.
واضافت: “جمعت كل الحكايات النادرة والقصص المتعلقة بأفراد الأسرة كما تلقيتها، والتي تنتقل شفهيا من جيل إلى آخر”.
ويروي الكتاب قصة “عائلة لبنانية إيطالية كان اثنان من أفرادها مترجمين رسميين لدى ممثلي مملكة بيمونتي وسردينيا التي كانت عاصمتها تورينو. وإلى جانب وظيفتهما الديبلوماسية ، كان الاثنان تاجرين يستوردان الحبوب من مملكة نابولي”.
وتلقي الرواية الضوء على تفاصيل رحلاتهما العديدة إلى إيطاليا وحياتهما في بيروت.
وواوضحت شاهين انها، “عبر تاريخ عائلتها مدى خمسة اجيال، أعادت بناء السياق التاريخي والاجتماعي والسياسي لهذين البلدين، مع التركيز على الأحداث المهمة التي حدثت وأدت إلى تغييرات واضطرابات سياسية واجتماعية”.
واعتبرت ان هذه الرواية ” تتجاوز الإطار العائلي لتصف أسلوب حياة المجتمع اللبناني في ذلك الوقت بتقاليده وعاداته ومعتقداته وخرافاته”.
ودعت الكاتبة كل عائلة إلى كتابة تاريخها الخاص “بحيث تكون لدينا وثائق مهمة جدا لإعادة صوغ تاريخ لبنان الاجتماعي كما عاشه تماما سكانه”، بحسب تعبيرها.
واستنتجت “أن ثمة نقاط تشابه كثيرة بين الماضي والحاضر على صعيد الفساد والتعصب والخرافات والصراعات الدينية”. واضافت “للأسف، تتكرر الأحداث المؤلمة في بلادنا دوريا وتستمر معاناة اللبنانيين”.
خباز
وقال خباز: “إن هذه الرواية اسعدتني وولدت لدي انطباعا بأني قمت برحلتين: الاولى في الوقت اعادتني الى منتصف القرن التاسع عشر، والثانية في المكان، اخذتني بعيدا من بيروت وجبل لبنان “وجعلتني أزور تورينو وسردينيا وميلانو وفلورنسا ومناطق أخرى في إيطاليا”.
وأبدى كمسرحي إعجابه “بالحوارات بين الشخصيات والطريقة التي جعلت الكاتبة كلا منها تتحدث وفق سلوكها ومستواها الثقافي”.
ولفت الى الجانب المرئي في هذه الرواية ووصفه، مشبها إياها بفيلم “إذ تعتمد الوصف التفصيلي للأماكن والشخصيات وطريقة حياتها وسلوكها”.
وأعقب اللقاء حوار وتوقيع الكتاب.