نظمت “دار الندوة” لقاء افتراضيا، ناقش كتاب هاشم قاسم بعنوان “انفجار مرفأ بيروت: اغتيال دور ووطن”، وتحدث فيه رئيس مجلس إدارة الدار بشارة مرهج والكاتب، وعقب عليه الدكتور هاني سليمان.
مرهج
بداية، قال مرهج: “رب سائل لماذا نستعيد كتابا يتناول موضوعا خطيرا عشنا أحداثه لحظة بلحظة، وما زلنا حتى الآن، نشعر بارتداداته وانعكاساته وربما لزمن آت ليس بقريب. سؤال مشروع، ولكن الاستعادة أكثر من ضرورية لهذا الحدث الذي كشف هزال الدولة اللبنانية وغياب السلطة وتخلف المسؤولين الذين قصروا في أداء واجباتهم ومتابعة ما يجري على الأرض حتى تسببوا مع الفاعلين الأساسيين أو المجرمين الأساسيين في أكبر انفجار غير نووي شهدته البشرية، وكأنهم رفضوا أن يسجل لبنان أكبر فضيحة مالية مصرفية في العصر فحسب، فأرادوا أيضا أن يسجلوا أكبر فضيحة إدارية وقضائية عرفها العصر. ولقد اقترنت هذه الفضيحة بانفجار دمر العاصمة وشرد أهلها وشوه معالمها وترك بصماته القاتلة على مستشفياتها وجامعاتها ومنازلها ومدارسها ومتاجرها وكنائسها ومساجدها وعياداتها ومكاتبها ومسارحها ومراكزها الفنية والأدبية والاجتماعية وكاد يتركها ركاما لأن بعض القضاة استبقوا السفينة ناقلة الشحنة المتفجرة في المرفأ ثم أمروا بإيداع الشحنة العنبر رقم 12 فيما سلطات المرفأ من جمارك وجيش وأمن عام وإدارة اكتفوا برفع المذكرات الى سلطة مشغولة بنفسها، دون أن يتقدم أحدهم ويضرب رجله بالأرض ويقول عن معرفة وخبرة لا يجوز أن تنام بيروت ليلة واحدة على مخدة محشوة بمتفجرات هائلة يمكن ان تنفجر في أي لحظة”.
قاسم
بدوره، قال المؤلف: “حاول كتاب انفجار بيروت: تدمير دور ووطن، أن يسجل لحظة غاية في الخطورة أدت إلى نتائج إنسانية او اقتصادية واجتماعية كارثية انعكست مرارات وضحايا ودمارا في ظل إهمال رسمي ومسؤوليات ضائعة أو مضيعة. وفي ظل الانقسام السياسي الداخلي وعدم القدرة على تحمل نتائج الانفجار تعطل العمل القضائي مع محققين عدليين، وغابت أي إشارة جادة الى مسؤولية إسرائيل عن الانفجار بسبب إطلاقها العمل في مرفأ حيفا بعد تأهيله وانتقال القسم الأكبر من حركة التجارة في مرفأ بيروت بين لبنان وبلدان المشرق العربي والعالم الى مرفأ حيفا. وفي الوقت نفسه تم تغييب مسؤولية بعض الأطراف الداخلية، ومسؤولية الحكم والحكومة في الإهمال والتقاعس وربما أكثر من ذلك”.
أضاف: “بعد سنة ونصف على الانفجار-التفجير لم تصل التحقيقات إلى أي نتائج واضحة وكاشفة. كأن هناك أطرافا تريد تعطيل القضاء حتى لا يصل الى تحديد المسؤوليات. وحيال لجم القضاء اللبناني عن القيام بدوره ورفض الاستعانة بلجنة تحقيق عربية أو دولية، فإن دماء الضحايا والنتائج الكارثية على كل صعيد تصبح جميعها أسيرة تغاضي السلطة وعجزها والمصالح الإقليمية بكل وجوهها”.
سليمان
أما سليمان فقال: “ما هو الدافع الذي يجعل من الأستاذ هاشم قاسم حانيا على بيروت وهو ابن مدينة بعلبك الذي لا تتدفأ عظامه إلا قرب مدفأتها، ولا تبترد روحه إلا بنسائمها العليلة. بالنسبة له، مرفأ بيروت هو بيروت في علاقة الجزء بالمجموع انسجاما وتناغما. ولأنه متميز وكاتب متنور فقد أهدى كتابه الى أرواح ضحايا وشهداء انفجار مرفأ بيروت والى بيروت الحضارية التي دفعت ثمن تطلعها وانطلاقها النهضوي”.
أضاف: “في ثنايا هذا الاهداء نعثر على فضيلتين لا يمكن لأي صاحب وجدان ان يتخلى عنهما، وهما الحس الإنساني بالفجيعة والتمسك ولو من تحت الأنقاض بدور بيروت الحضاري على مدى الأجيال”.
وتابع: “أراني مدفوعا الى القول من منا نحن معشر الثقافة والانتماء لم تتردد أصداء التفجير في حشايا انسانيته، ولم يقع تفجير المرفأ على ضميره حملا اخلاقيا ثقيلا، حتى على البسطاء من الناس الذين لا يعرفون المرفأ ولم يزوروه ولا انتفخت جيوبهم من خيراته”.