طلاب لبنانيون في أوكرانيا يخبرون معاناتهم: فجأة تغير كل شيء وليلنا صار نهارًا

 

  تحقيق حلا ماضي

 

قد يكون معظم الطلاب اللبنانيين في أوكرانيا الذين وصلوا مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت  ، لم يعيشوا ويلات الحرب الأهلية في لبنان خلال فترة السبعينات أو حتى لم يختبروا قساوة الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان، لكن عايشوا العمليات العسكرية في إطار الحرب بين روسيا وأوكرانيا هم الذين اختاروا جامعات أوكرانيا لمتابعة تحصيلهم العلمي.

إنهم أطباء ومهندسو المستقبل، بقي على تخرج بعضهم شهران أو ثلاثة، وعلى الرغم من أن الوضع  في أوكرانيا متوتر جدا، كانت إدارات الجامعات هناك تواصل عامها الدراسة وخيرت الطلاب بالاستمرار في الدراسة، ومن لم يدفع قسطه كاملا حرم من متابعة دراسته عن بعد والطلاب معظمهم بالكاد يدفعون اقساطهم الجامعية نظرا لصعوبة تحويل الأموال”.

أربعون طالبا لبنانيا بين طبيب ومهندس عادوا صباحا بمبادرة من رجل الأعمال اللبناني في رومانيا الدكتور محمد مراد، وتجربة الايام الماضية حفرت في ذاكرتهم، ووجوهم المتعبة عبرت عما سيقولونه.

الطالب أ.عبدالله لم ينم منذ اندلاع الحرب الاسبوع الماضي، يخبر: ” كنا في مدينة خاركوف القريبة من الحدود الروسية مباشرة. كل شيء كان مقفلا، لم نصدق للوهلة الأولى اننا نجحنا  في الصعود الى القطار  الممتلئ  بآلاف الطلاب من كل العالم، والضرب والمشاجرة والتدافع على أشده. استمرت الرحلة الى مدينة أخرى 22 ساعة على رجل واحدة، كنا متجهين إلى الحدود البولونية، لكننا عرفنا ان المشاكل والخطر يحيطان بتلك الحدود، اتجهنا الى الحدود الرومانية مع طقس قارس يسبب الثلوج وعذاب داخل القطار، كأننا في يوم القيامة”.

وختم: “كان علينا أن نستقل سيارة تاكسي الى الحدود الرومانية، وهنا مصيبة أخرى اذ ان اصحاب التاكسي طلبوا منا ما يقارب الالف دولار أجرة نقلنا!. وصلنا الى الحدود الرومانية بعد سبع ساعات، ثم اخذنا قطارا اخر لمدة 27 ساعة وهناك استقبلنا احدى الجمعيات التى عاملتنا بلطف ونقلتنا الى فندق حيث ارتحنا لساعتين، ثم استقلينا القطار على حساب رجل الأعمال اللبناني في رومانيا الدكتور محمد مراد الى الفندق الخاص به، حيث استغرقت الرحلة خمس عشرة ساعة”.

وأكمل: “عذابنا على الطريق ترافق مع خطر القصف والموت، لا نعرف كيف نجونا. التواصل مع الاهل كان احدى الايجابيات والا كان وضعنا أسوأ بكثير”.

ويختصر الطالب عبد الله ما حدث بالقول: “فجأة، تغير كل شيء، الليل انقلب نهارا”.

بدوره، يقول الطالب ع.كمال: “لقد كانت تجربة صعبة ، خرجنا على مسؤوليتنا ولم نكن نعرف اذا كنا سننجو او لا. بعد الصعوبات التي واجهتنا للخروج من أوكرانيا الى دولة مالدوفا في رحلة استمرت 24 ساعة، انتظرنا ايضا على الحدود ما  يقارب  12 ساعة الى ان امنتنا السفارة اللبنانية بتصريح. بعض الطلاب خاف على اهله هنا، فلم يخبروهم بأن منازلهم قد دمرت وكانوا للتو خارجها”.

إحدى الأمهات أتت لتستقبل ابنها في المطار، وجهت رسالة الى المسؤولين اللبنانيين وكل من يستطيع مساعدة الطالبات اللبنانيات اللواتي بقين في أوكرانيا وكن خائفات من الخروج الى الشوارع خوفا من احتمال تعرضهن للمشاكل، او يتلقين ضربات وكدمات كما حصل مع عدد من الطلاب اثناء الرحلة في القطار نتيجة الزحمة الخانقة، وناشدت السيدة كل من يستطيع المساعدة بإرسال الأموال للطالبات والطلاب باقصى سرعة”.

على الرغم من المعاناة، ارتسمت البسمة على وجوه أولئك الطلاب لدى وصولهم الى المطار  حيث كانت عناصر الامن العام على اهبة الاستعداد لتسهيل مرورهم وملاقاة ذويهم. وأحدهم مازح زملاءه: “صحيح كانت المعارك دائرة ولكن الإنترنت والكهرباء لم ينقطعا”.

ختاما، نتمنى أن يعود الطلاب الباقون وسائر اللبنانيين في البلدين المتحاربين روسيا وأوكرانيا، إلى وطنهم الأم سالمين.

***

*الوكالة الوطنية للاعلام

اترك رد