(وَهَلِ الخَوْفُ مِنَ الحاجَةِ إِلَّا الحاجَةُ نَفسُها!) (جُبرَان خَلِيل جُبرَان)
أَرُوحُ وتَذْرُو الرِّيحُ في الوَعْرِ أَكمامِي، ويَغْدُو على عُسْرِ الخَصاصَةِ(1) إِلهامِي
وتَيْبَسُ بَعدَ الزَّهْوِ كَرْمَةُ أَحلامِي، وَساهٍ أَنَا، وَالدَّهرُ يُسكِتُ أَنغامِي
وَأَلهَثُ في دَرْبِ الكِفاحِ مُخَلِّفًا، وَرائِي، سَنا رُوْحِي، وَمَيْعَةَ أَيَّامِي
وَيُضْحِي انشِغالِي، خَوْفَ فَقْرٍ، وَحاجَةٍ، عَنِ القامَةِ الهَيفاءِ، أَسوَأَ آثَامِي
وَتَنسَلُّ، في مَرِّ السُّوَيْعاتِ، عَزْمَةٌ، وَإِطلالَةٌ صَبْحَى(2)، وتَكْثُرُ أَسقامِي
فَهَل يَستَوِي وَجْدٌ، وَقَلبٌ مُسافِرٌ، إِلى عالَمٍ ناءٍ عَنِ الوَلَهِ النَّامِي؟!
وَمَرَّ شَبابٌ لَمْ أَذُقْ في غِمارِهِ سِوَى السَّعْيِ، مَحمُومًا، بِمُعتَرَكٍ دامي
إِلى دِرْهَمٍ يُغْوِي، بِعارِمِ فِتْنَةٍ، فَيَنحَرُ، في رَيْقِ الهَوَى، طِيْبَ أَنسامِي
وطالَ رَحِيلِي، في دُرُوبٍ مُمِضَّةٍ أَعُبُّ، فَلا أُرْوَى، وأَكدِسُ أَرقامِي
فَنِلتُ مِنَ الدُّنيا بَهارِجَ وَفْرِها، وَقَوَّضْتُ، في وَأْدِ الرُّؤَى، قَصْرَ أَحلامِي
وَهَا، في خَرِيفِ العُمرِ، يَجتاحُ خاطِرٌ، إِلى صَبْوَةٍ لاحَت، على وَهَنٍ طامِي
أَقُولُ: أَيا تِشرِينُ، دَعْنِي فَلَستُ مَنْ، إِذا اقتَحَمَ الأَشواقَ، يَرضَى بِأَوهامِ
وعَرْبِدْ، أَيا بَلبالَ(3) قَلبِي، بِخاطِرِي، وَأَثمِرْ تَرانِيمًا بِجَنَّةِ أَقلامِي
وَرُفَّ، إِلى ما شِئْتَ، في فَيْحِ خافِقِي، أَنا بِتُّ لا أُغْوَى، وتَشمَخُ أَعلامِي!
***
(1): الخَصاصَةُ: الفَقْرُ والحاجَةُ وسُوءُ الحال
(2): الصَّبْحَى: الجَمِيلَةُ الوَجهِ
(3): بَلبال: هَمّ؛ قَلَق؛ ارتِبَك