“أنتم كلّ عاصفة” لجميل الدويهي

 

غيّروا أفكار الناس الذين يلتصقون بالماضي ويأسرون أنفسهم في القشور، فكلّ شيء يتغيّر. هل تستطيعون أن تسيروا في الطريق نفسها كلّ مرة؟

وهل تحملكم السفينة إلى المرفإ ذاته كلّما أردتم السفر؟

لا تثيروا الفوضى، ولكن غيّروا في النظام، ليصبح أكثر ملاءمة لحياتكم، فليس كلّ ما صنعه آباؤكم وأجدادكم يليق بأبنائكم. والتعاليم التي حفظتموها وكرّرتموها من غير أن تدركوا، لا يمكنكم أن تعلكوها إلى الأبد، فلكلّ يوم شمس جديدة، ولكلّ أمس جنازة.

إنّ ما كان ينفعكم في الماضي قد يصبح أذى لكم فيما تدور عجلة الزمان، فاخلعوا التعاليم التي تحدّ من طموحكم، وتعيدكم إلى الكهوف والمغاور، وارفضوا الخضوع للشرائع التي تخدّر العقول وتمنعها من التطوّر، وإذا سألوكم: لماذا تثورون؟ فقولوا: إنّ الثورة ولدت معنا، وتعيش معنا. ولو أرادنا الله أن نكون جمادا، لكنّا جماداً، كهذه الحجارة التي لا تنطق، وهذه الجبال التي لا تنتقل من مكانها… وهي ليست إلاّ كتلة من السأم والتضجّر.

إنّ التبعيّة للجاهلين أسوأ من الجهل نفسه، فاطردوا من يبشّرونكم بالعتمة، وما العتمة إلاّ في قلوبهم وأفكارهم، أمّا أنتم فقد خرجتم من الظلمة إلى النور، ولن تعودوا إلى الوراء. وشتّان بين إله يطلب منكم أن تكونوا عبيداً، وإله يحرّركم ويجعلكم أنقياء مثل العطر الذي في الوردة.

أنظروا إلى فوق، ولو كنتم من التراب، فالنسور ليس لها أمكنة على الأرض، وليس لها حدود وعناوين… لأنّ أوطانها السماء.

أنتم كلّ عاصفة تقتلع الأشجار اليابسة، وكلّ كوكب يدور، وكلّ حبر يصير معجزة. وأنتم كلّ رجل وامرأة يقولان للشيء: كن فيكون.

***

*مشروع الأديب د. جميل الدويهي “أفكار اغترابية” للأدب الراقي النهضة الاغترابيّة الثانية – تعدّد الأنواع

اترك رد