وَتَبقَى الذِّكرَى!   

 

خَطَرَت كَأَنسامِ الرُّبَى، كَغَمامَةٍ عِندَ الشُّرُوقْ

فَسَكِرتُ مِنْ خَمْرِ الجَمالِ، وسَطوَةِ الحُسْنِ الأَنِيقْ

حُمَّى الهَوَى كالنَّارِ تَلسَعُنِي فَتَضطَرِمُ العُرُوقْ

غَفْلانُ عن أَمرِي، ومِنْ خَدَرِ الغَوايَةِ لا أَفِيقْ

وسَرَت تَحِيَّتُها، على ثَغْرٍ تَشَعَّعَ بِالبَرِيقْ

بَوْحًا سَماوِيَّ الشَّجا، لَحْنًا على وَتَرٍ رَقِيقْ

يا فَوْحَ وَزَّالٍ، متى هَمَسَتْ، ويا مِسْكًا فَتِيقْ

عَطِرَ اللُّهاُثُ بِرِيقِها، وأَنا غَصَصْتُ بِأَلفِ رِيقْ!

 ***

شِئْتُ اللِّقاءَ، عَسَى يَعُودَ الذِّكْرُ لِلعَهْدِ الشَّفِيقْ

ويَؤُوبَ، مِنْ شَجَنِ النَّوَى، وصَقِيعِهِ، ماضٍ رَفِيقْ

فَقَضَى زَمانِي غَيرِ ما أَهوَى… أَيا زَمَنًا صَفِيقْ

وكَأَنَّما قَرَأَت سِرارَ الصَّبِّ، في الوَلَهِ الدَّفِيقْ

فَأَتَتْ تَقُولُ: رُوَيدَكَ، اسمَعنِي، فَأَنتَ لِيَ، الصَّدِيقْ

ما عُدْتُ أَلمَحُ فِيكَ غَيرَ العَقلِ، والرَّأْيِ العَمِيقْ

فَأَجَبتُها: خَلِّي الوَقارَ، أَنا بِأَشواقِي غَرِيقْ

يَطغَى الجَوَى في أَضلُعِي، والقَلبُ تَأكُلُهُ الحُرُوقْ

فَإِذا الجَمالُ سَرَى مِنَ الأَحداقِ، مُختالًا وَثِيقْ

هل يَنفَعُ الحِلْمُ الصَّرِيْعَ، فَيَستَكِينُ، ويَستَفِيقْ؟!

تَبغِينَ عَقلِي! قد شَقانِي العَقلُ، حَتَّى لا أَطِيقْ

واليَومَ يَهتِكُ جَنَّةَ الأَشواقِ، والأَمَلَ الوَرِيقْ

بِئْسَ الحِجَى لو باتَ جُلُّ غِلالِها كَدَرًا، وضِيقْ!

***

رُوْحِي على الوَرْدِ النَّدِيِّ بِخَدِّها، وجَنَى الرَّحِيقْ

وَوَلِيمَةِ الأَطيابِ؛ وَيْحَ الشَّوقِ… في القَدِّ المَشِيقْ

يا مَن سَلَوتِ! أَلَا لَمَسْتِ ظُلَامَةَ الحُسْنِ الرَّشِيقْ؟!

فَأَنا رَبِيبُكِ… باتَ يَأسُرُنِي الهَوَى، وأَنا الطَّلِيقْ

كُفِّي لِحاظَكِ لَمْ يَعُدْ لِي مِنْ مَفَرٍّ أَو طَرِيقْ

قَدَرِي هَواكِ… أَنا المُسافِرُ، في الدُّرُوُبِ، ولا رَفِيقْ

زادِي الضَّياعُ، ولَيسَ يَحدُونِي سِوَى الحُلْمِ العَتِيقْ

شِعْرِي مِنَ النَّجْوَى، ومِن أَرَقِ الحَنايا، والشَّهِيقْ

كانَ الهَوَى… فَجَلَوتُها الآيَاتِ كَالدُّرِّ النَّسِيقْ

بَوْحَ الكَمانِ، شَجًا، ولأْلأَةَ الشُّعاعِ على العَقِيقْ

وشَدَوْتُ حتَّى قِيْلَ، في شِعْرِي، هُوَ الشَّدْوُ العَرِيقْ

فَسَنا اليَراعِ لَهُ، بِشَقْوَةِ كُلِّ جارِحةٍ، شَقِيقْ

وكذا الصُّدُورُ تَضُنُّ، ما نَعِمَتْ، وتُبْدِعُ، ما تَضِيقْ!

 ***

هل باتَ حُسنُكِ مِنْ غَدٍ، وغَدَوتُ مِنْ ماضٍ سَحِيقْ؟!

وَلِمَ الصُّدُودُ؟! أَلَمْ يَعُدْ قَلبِي بِأَيِّ هَوًى خَلِيقْ؟!

إِنْ كانَ هذا ما تَرَيْنَ، فهل بِماضِينا يَلِيقْ

هذا الجَفاءُ، بِجُذْوَةِ الذِّكْرَى الأَثِيرَةِ، والعُقُوقْ؟!

لَكِ، ما لِأَيَّامِ الوَدادِ، مَوَدَّةُ الخُلِّ الحَقِيقْ

مِنْ عاثِرٍ سَيَظَلُّ، فِي شَرْع ِ الهَوَى، أَوْفَى عَشِيقْ!

اترك رد