زلة تكسر جرّة

 

كانت الزلة تستفيق بكل جرأة لتكسر الجرة ، و كان الصديقان يحاولان أن يبعدا الجرة عن نقاشهما ، ولكن هيهات؛

-غضبت مني يا صديق العمر و هذا من حقك كآدمي ينفعل فتصدر منه كلمة عتاب فيها شرارة عنف يعتذر منها مباشرة أما أن يصل الأمر إلى أن تتحول هذه الكلمة إلى سكين طاعنة حين تُذكِّرني بأمر سبَّب لي عقدة أسعى للشفاء منها فهذه جريمة لا تُحتمل

-“لا أدري كيف تحولتُ إلى كائن متوحش مستغلاً معرفتي بمصابك ، و حين هدأتُ ندمتْ كل ذرة في داخلي و لم تتسع جدران قلبي لحزني ، إنها لحظة إنفعال ، إنها لحظة ضعف”

-“كنت أظن أن كل الجرار التي بيننا يمكن أن تكسر إلا جرة واحدة جرة الإيثار بين الصديقين قد تكسر و جرة الحلم بين الصديقين قد تكسر و غيرهما من الجرار التي لا تؤثر على الصداقة و لكن لم أكن مقتنعاً أن جرة واحدة يمكن أن تكسر بين الصديقين جرة تتماسك فيها روابط الإخاء أمام المحن”

-“لم تكسر”

-“بلى كسرت و لم تشعر أنت بها أنا الذي سالت دماؤها على وجهي و قلبي و تطاولت لتخنقني و أنت لم تشعر بشيء”

و انتهى الأمر بين الصديقين ؛ صديق نادم و الآخر مظلوم يسحقه الأسى .

و مشى المسحوق غارقاً بدماء جرتهما المكسورة و كان هناك من يسعى لجمع شتاتها و إعادة تركيبها

قال الذي انغرس السهم في قلبه :

-“هيهات ؛ هل تستطيع الطيور في السماء أن تسمع كلمة صديقي العنيفة و لا تسقط و ما شأن الينابيع ؟ لعلها تتوقف عن تدفقها و الأزهار تذبل أمام الزائرين و كذلك الأشجار تسقط أوراقها قبل أوانها ، أشعر أن النجوم ستعتذر عن إنارة ليل المسافرين و أن الأطفال سيتوقفون عن اللعب و ينامون مبكراً ، فلماذا لم يشعر صديقي بقبح كلمته قبل نطقها؟”

سخرت الكائنات من هذيان الصديق المكلوم و تناوبت على إقناعه بنسيان ذاته الموغلة في الشعور بالانكسار

و كانت المصارحة قاسية و لكنَّ الجرة بدأت جروحها تلتئم

اترك رد